قالت وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، في تقرير لها، إن أرخبيل سقطرى الذي يطل على الشواطئ اليمنية بين خليج عدن والمحيط الهادي لا يزال أرضًا بكرًا، وبعيدًا عن الاستثمارات الحقيقية؛ ما يجعل اقتصاد هذا الأرخبيل مصنفا ضمن الاقتصادات الأكثر بدائية في العالم؛ لكونه يعتمد في معظم مقوماته على منتجات الطبيعة؛ وفي مقدمتها الصيد الذي يشكل نسبة كبيرة من دخل السكان.
وتحت عنوان "سُقَطّرى الجزيرة المنسية… اقتصاد بدائي يبحث عن استثمارات"، قالت الوكالة، إنه وحتى الصيد الذي يعمل به نحو خمس سكان جزيرة سقطرى، البالغ نحو80 ألف نسمة لايزال قطاعاً بدائياً.
ويقول رئيس جمعية الصيادين، في عاصمة الأرخبيل، حديبو يحيى أحمد عيسى في هذا الشأن، إنّ "نصف اقتصاد الجزيرة يعتمد على صيد الأسماك، ورغم هذا الحجم الهائل للإنتاج لا يوجد أي معمل فعلي لتعبئة وتصنيع الأسماك، وإنما يقتصر تصنيع الأسماك على وجود معمل وحيد في الجزيرة؛ مهمته تغليف الأسماك، أي وضعها في صناديق مجمدة، وتصديرها إلى الخارج ".
ويضيف عيسى: إنّ "الشواطئ الرملية الطويلة للجزيرة ؛ تعتبر مكانًا استثنائياً للصيد؛ لكن بواقع الحال يعتمد الصيادون على قوارب وشباك بدائية"، وأنّ "القطاع لم يشهد أي تحديث رغم أهميته؛ بسبب أوضاع الحرب في اليمن".
وأكد أحمد سعيد أحمد المسؤول في معمل "بريمر" لتغليف وتجميد الأسماك أن "إنتاجية المعمل محدودة، ويتم بيع باقي إنتاج الجزيرة في عرض البحر لتجار في سفن مخصصة لهذا الغرض؛ ما يكبد الصيادين من أبناء سقطرى فواقد مالية كبيرة كان يمكن أن تدر أموالاً كبيرة لاقتصاد الأرخبيل في حال وجود تصنيع حقيقي للأسماك".
ويأمل أحمد أن "يتم توسيع المعمل الحالي وبناء معامل أخرى ما يساهم في رفد اقتصاد الجزيرة لجهة الصيد والعمال".
والتقت وكالة الأنباء الألمانية في عدد من مناطق الجزيرة ومنها (حديبو، وقلنسية، وعره) عددًا من الصيادين السوقطريين حيث أكدوا أن "الانتشار العسكري قبالة السواحل اليمنية خلال الحرب الدائرة هناك انعكس إيجابيًا على عملهم في الصيد وذلك من خلال تراجع وجود قراصنة البحر قبالة القرن الإفريقي ".
ويملك الصياد سعيد سالم وأخوه قاربا بسيطا على ساحل مدينة حديبو، وقال "طالبنا كثيراً السلطات المحلية بتقديم الدعم المطلوب للصيادين، ولكن لم نتلقَ إلا الوعود، وحصل العشرات من الصيادين الذين دمرت قواربهم إثر الإعصار الذي ضرب الجزيرة منذ سنوات على قوارب صيد من جمعيات إنسانية.
وتأتي السياحة في المرتبة الثانية لاقتصاد أرخبيل سقطرى بعد الصيد وذلك رغم الموقع الجغرافي الفريد والاستثنائي للأرخبيل وشواطئه الرملية الطويلة وحالة الأمن والأمان والاستقرار فيه وبعده عن الصراع الدائر على الأراضي اليمنية حيث يصف مدير شركة سياحية في سقطرى الوضع الأمني، بالقول: إنّ "الأمن والأمان هنا غير مسبوقين... والسكان هنا لا يزالون على سجيتهم الأولى لما يتحلون به من أخلاق حميدة وكرم وحرص على تعزيز حالة الاستقرار والاطمئنان في الأرخبيل".
ويضيف "رغم ذلك فإن عدد السياح قليل جدًا، ويعود ذلك إلى غياب وجود منشأة سياحية حقيقية تستقطب السياح حيث توجد استراحات أو فنادق من فئة نجمة أو نجمتين، مع العلم أن كل مناطق الجزيرة سياحية سواء الجبال أو الشواطئ".
وأوضح "أنهم يعتمدون على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج للجزيرة، واستقطاب السياح ...وهناك شركات في أوروبا يتم توقيع عقود معها لإرسال السياح مقابل عمولة هزيلة، ويحصلون على تأشيرات الدخول إلى الجزيرة من سفارات الحكومة اليمنية الشرعية".
ويطالب مدير أحد المكاتب السياحية بـ "تفعيل دور قطاع السياحة في الاقتصاد، وذلك عبر منح تسهيلات لاستقطاب رأس مال واستثماره في السياحة؛ الأمر الذي من شأنه تفعيل العديد من القطاعات الخدمية الأخرى".
وأوضح أنّه "حتى الفندق الوحيد الموضوع قيد الإنشاء توقف نهائيًا؛ لأن مالكه لم يستطع الاستمرار بسبب عدم وجود رأس مال كاف".
ويحمل صاحب شركة سياحية السلطات اليمنية المتعاقبة "الإهمال" الذي تعانيه جزيرة سقطرى في كل النواحي الاقتصادية والخدمية والثقافية وغيرها.
وقال صاحب الشركة الذي فضّل عدم ذكر اسمه إنّ "هذه الجزيرة أهملت على مدى عشرات السنين ولم تحظ بأي اهتمام حكومي، بل تركت أهلها يعيشون على ما يجود به البحر والرعي وبعض الزراعة البسيطة".
ويتحدث الرجل الستيني عن عدم قيام الحكومات اليمنية المتعاقبة بأيّ مشروع سياحي فندقي، أو منتجع سياحي رغم ما تملكه الجزيرة من مؤهلات حباها بها الله.
وقال "إن كلّ الموجود حاليًا؛ هو مشاريع صغيرة لا تليق بهذه الجزيرة وميزاتها، ومع بداية عودة الحركة السياحية باتجاه الجزيرة، وبعد طرد محافظ الجزيرة جراء تهم الفساد والإهمال، تراجعت الحركة السياحية وتوقفت خطوط الطيران من مصر واليمن، وأثر ذلك على المشاريع الصغيرة".
وخلال التجوال في أرجاء الجزيرة ومطارها التقت وكالة الأنباء الألمانية مع عدد من السياح وأغلبهم من جنسيات أوروبية وأمريكية؛ حيث أبدوا دهشتهم من الحالة الفريدة والاستثنائية للجزيرة. ووصفوا سقطرى بأنها جزيرة مدهشة، وجميلة للغاية.
التعليقات