يأتي اليمن في طليعة الدول في المنطقة العربية المتأثرة بالحرب الدائرة في أوكرانيا، وتبعات الصراع الاقتصادي العالمي وارتدادات العقوبات والإجراءات المتخذة نتيجة لهذه الحرب. ويعد اليمن من الدول التي تعتمد بصورة رئيسية على الاستيراد لتلبية احتياجاتها من الغذاء، لذا فمن المنتظر أن يتعرض لهزة ارتدادية أخرى بعد تلويح روسيا الأخير بفرض حظر شامل على صادرات القمح حتى نهاية يونيو/ حزيران المقبل.
وتشكل فاتورة استيراد القمح عبئاً كبيراً على الاقتصاد اليمني والعملة المحلية بعد تضخمها بنحو ثلاثة أضعاف خلال العامين الماضيين لتصل إلى حوالي ملياري دولار سنوياً، في ظل الاحتكار وتراجع عدد المستوردين للقمح الذي تشهد سوقه العالمية اضطراباً واسعاً منذ نهاية الشهر الماضي.
وسارع القطاع التجاري الخاص في اليمن إلى الإعلان عن قرارات وإجراءات للحد من تأثير الحرب في أوكرانيا على الأسواق اليمنية التي تعاني جملةً من التحديات والأزمات الناتجة عن الحرب الدائرة في البلاد للعام الثامن على التوالي.
وأعلنت الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء عن مبادرة من أعضاء الغرفة التي تضم كذلك ضمن أعضائها معظم مستوردي القمح، بعدم رفع الأسعار خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ إبريل، واللذين يشكلان فترة الموسم التجاري السنوي الأكثر نشاطاً في البلاد.
وقال حسن الكبوس رئيس الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء لـ"العربي الجديد"، إن هناك المزيد من الإجراءات والمبادرات التي يدرس القطاع التجاري الخاص اتخاذها للتخفيف من حدة الأزمة الراهنة وارتدادات بعض القرارات منها تلويح روسيا الأخير بحظر تصدير القمح إلى دول العالم، ومنها تقليص هامش الربح بما لا يزيد عن 5 في المائة.
وأشار الكبوس إلى أن "الحرب في أوكرانيا وما تلاها من تبعات أفضت إلى تعميق اضطراب الأسواق المحلية في اليمن، التي تعاني في الأساس من تأثيرات حرب داخلية ومعاناة في شح العملة الصعبة وارتفاع في أجور الشحن التي تضاعفت بنسبة 700 في المائة".
كما أكد الكبوس ومتعاملون في الأسواق المحلية أن اليمن يتخوف من نقص خطير في المعروض من القمح والغذاء وارتفاع كبير في أسعارهما.
من جانبه، لمّح مصطفى الجبلي، تاجر مواد غذائية، لـ"العربي الجديد"، إلى أن حظر التصدير المحتمل من روسيا ودول أخرى يستورد منها اليمن قد يؤدي إلى هزة في الأسواق المحلية وقد يؤثر ليس فقط على المستهلكين اليمنيين بل على القطاع التجاري كذلك.
ورصدت "العربي الجديد"، قفزة في أسعار الحبوب والبقوليات في السوق المحلية اليمنية بنسبة تتراوح ما بين 50 إلى 80 في المائة منذ مطلع الأسبوع الحالي فقط في مختلف المدن والمناطق اليمنية.
ويعتمد اليمن على استيراد نصف احتياجاته من القمح والحبوب من روسيا وأوكرانيا، في حين تأتي روسيا في طليعة الدول التي يعتمد عليها نصف مستوردي القمح النشطين في اليمن، والذين يلجؤون إلى السوق الروسية كما يؤكد البعض منهم سلاسة الإجراءات وأسعار وتكاليف التوريد.
وبحسب محللين، فإن المتغيرات المحلية والدولية تفرض تشجيع القطاع الخاص اليمني على الاستثمار الزراعي للحبوب، وتقديم كافة أوجه الدعم والتسهيلات للمستثمرين كحوافز إنتاجية لتغطية الاحتياجات ووضع الخطط اللازمة لإنشاء مخازن للأغذية في مراكز المدن والمحافظات اليمنية. بدوره، رأى رئيس جمعية حماية المستهلك في اليمن فضل منصور في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الحرب الروسية على أوكرانيا ستؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم باعتبار الدولتين تصدران حوالي 30 في المائة من إجمالي صادرات العالم من القمح إضافة إلى الذرة والشعير والصويا والزيوت والأسمدة والطاقة.
وقد شهدت أسواق السلع والبورصات العالمية للطاقة والسلع الزراعية ارتفاعات كبيرة، وهذا بحسب منصور سينعكس مباشرة على سلسلة الإمدادات العالمية وبالتالي على أسعار المستهلك في اليمن وسيؤدي إلى تفاقم المشكلة بزيادة مساحة الفقر والجوع.
وشدد على أن الأمر لن يقتصر عند هذا الحد، بل ستتصاعد الأزمة في حال استمرار الحرب وتمدد العقوبات الاقتصادية على روسيا، وكذلك فرض قيود على تصدير المواد الغذائية من جانب مجموعة متزايدة من الدول.
العربي الجديد
التعليقات