خلال الأسابيع الماضية دأبت دولة الإمارات العربية المتحدة على استهداف شيخ مشائخ سقطرى الشيخ عيسى سالم بن ياقوت السقطري، بعد أن فشلت في تبرير استمرار استهدافها للحكومة الشرعية والسلطة المحلية في الأرخبيل السقطري.
وفي تحرك مفضوح قام المسؤول الإماراتي في الجزيرة خلفان المزروعي بجمع عدد من أبناء الجزيرة وإغرائهم بالمال لتنصيب أنفسهم شيوخ للقبائل في الجزيرة، ووعدهم بامتيازات في أبوظبي وداخل الجزيرة من أجل العمل معه وجمع توقيعات تهاجم "بن ياقوت". لكن الغضب القبلي كان واسعاً وكبيراً.
ونشر شيوخ الجزيرة بياناً مختوماً كل شيخ بختمه وصفته الاعتبارية تؤكد أن "بن ياقوت" شيخ القبائل وممثلهم في الداخل والخارج، وأن ما قام به هؤلاء "خارج العُرف والقبيّلة".
وأكد ذلك بيان أخر صدر من مستشار شؤون القبائل في الجزيرة الشيخ سعيد برقهن وأكد الشيخ برقهن إن "بن ياقوت جاء بتفويض من مشائخ قبائل المحافظة وليس من قبل الذين جُمعت تواقيعهم ولا علاقة لهم بمشائخ سقطرى والمشيخة ولا بشؤونها من قريب أو بعيد وكوننا مستشار للمحافظة لشؤون القبائل والمعني بالأمر فإني أؤكد للجميع من سلطات رسمية وكل المنظمات بأن هذه الأعمال التي أقدمت عليها تلك العناصر غير معنية بأمر المشائخ."
السلطة المحلية نشرت وثيقة تؤكد تعيين الشيخ بن ياقوت بصفته شيخ مشائخ أرخبيل سقطرى، وهو قرار تم تعيينه في مايو2019 الماضي.
فلماذا تسعى الإمارات إلى إسقاط بن ياقوت؟!
تطمح الإمارات- التي تملك قاعدة عسكرية متقدمة في سقطرى- إلى تحويل الجزيرة إلى قاعدة عسكرية ومركز عمليات عسكرية واقتصادية لتجاراتها من الهند وحتى الشرق الأوسط وأفريقيا، وتمثل سقطرى منطقة ممتازة لربط كل العمليات دفعة واحدة، لكنها سلكت طريقاً وعراً بمحاولة تحويل الجزيرة إلى مستعمرة خاصة بها.
وبعد أن شعرت بين 2016-2017 أن طموحها ممكن بدأت تعاني بالفعل من قِبل السقطريين، فالسلطة المحلية التي تشمل المحافظ وإدارات الأمن والمراكز الشرطية والخدمية التي كانت تابعة للإمارات ويديرها مقربون منها بينهم سقطريون منحتهم أبوظبي الجنسية الإماراتية، فقدتها بين 2018-2019.
وفشلت الإمارات في انتزاع كل ذلك بسبب موقف السلطة المحلية، ووقوف الحكومة الشرعية منذ أحداث مايو 2018 عندما استفزت أبوظبي الحكومة الشرعية التي كان يقودها أحمد عبيد بن دغر بارسال جنود وقوات إلى الجزيرة في ظل تواجد الحكومة على أراضيها.
لذلك فإن الحل البديل كان إيجاد موطئ قدم في الجزيرة عبر الكيانات المجتمعية والسياسية، فقامت بدعم المجلس الانتقالي الجنوبي في الجزيرة الذي يدعو للانفصال واستخدمته كواجهة محلية للتحرك ضد السلطات المحلية، إلا أن شعبية هذا المجلس رغم اعتمادها على المال ضعيفة للغاية وبدون أي جماهير أو سند محلي.
فقررت الإمارات تحريك أدواتها المجتمعية الأخرى عبر القبائل بإغرائهم بالمال أو بالامتيازات أو بوعود إماراتية بتقديم الخدمات لمناطقهم النائية. لكنها وجدت أمامها حاجز الاجماع القبلي بأن يكون الشيخ عيسى بن ياقوت شيخاً لمشائخ الجزيرة وممثلهم، و"بن ياقوت" معارض شرس للوجود الإماراتي ومحاولات الاحتلال الإماراتية للجزيرة.
وما زاد من غضب الإمارات كان نشاط "الشيخ بن ياقوت" في الكونجرس الأمريكي العام الجاري حيث أوضح لأعضاء الكونجرس الدور الاستعماري الجديد للإمارات في الأرخبيل، وهاجمه بشده، وظهر في مراكز أبحاث أمريكية ووسائل إعلام متحدثاً عن هذا الدور. وبعودته قبل أسابيع للجزيرة نشط "بن ياقوت" في المجتمع والبحث في احتياجاتهم ما أثار غضب الإماراتيين.
لذلك يعتقد الإماراتيون أن "بن ياقوت" أصبح حجراً أمام مشروع تحويل سقطرى إلى مستعمرة خاصة بأبوظبي. وهو ضمن أحجار كثيرة وضعها السقطريون لترحل الإمارات دون أن تبدأ حرب ضد وجودها على الرغم من أن الجزيرة لم تشهد حروباً داخلية خلال تاريخها الحديث.
التعليقات