الخبر من عمق المحيط

"دم الأخوين" شجرة نزيفها يتوقف بـ"السلام"

"دم الأخوين" شجرة نزيفها يتوقف بـ"السلام"
سقطرى بوست -  ميرفت عبدالحميد الأحد, 31 أكتوبر, 2021 - 12:10 مساءً

شجرة "دم الأخوين"، "شجرة التنين"، "عرحيب"، أو "دم العنقاء" كلها أسماء قد تبدو لأفلام خيالية أو حتى أفلام رعب، إلا أنها شجرة حقيقية تنبت على جزيرة سقطرى في اليمن منذ 50 مليون

 

وتعد شجرة دم الأخوين، من أندر الأشجار والنباتات المستوطنة في جزيرة سقطرى، إذ اقترن اسمها باسم الجزيرة لشهرتها وأهميتها منذ أقدم العصور، وتتميز بهذا الاسم لأنها إذا أحدثت شقوقاً في ساقها ستسيل منها مادة لزجة حمراء اللون تشبه إلى حد كبير الدم المتخثر، لذا أطلق عليها العرب قديما أسم "الصبغ الأحمر".

 

هذه الشجرة التي اتخذها الجناح اليمني في معرض أكسبو 2020 شعاراً له لم يأت من فراغ، إذ تحاول أن توصل للعالم أجمع ، رسالة مفادها بأن السلام والوحدة الوطنية هما السبيل الوحيد والخلاص من لتعزيز الاخوة الإنسانية والسلم العالمي، وتؤكد من خلاله على ضرورة تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، والتصدي للتطرف الفكري وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها تقوم على احترام الاختلاف.

 

وقد نسجت العديد من الاساطير والحكايات حول الشجرةومن أبرزها أن تسميتها بهذا الاسم يعود إلى قصة قابيل وهابيل، حيث وقعت أول جريمة قتل على سطح الأرض، وتحكي الأسطورة اليمنية أن قابيل وهابيل هما أول من سكن في جزيرة سوقطرة، وعندما قتل قابيل أخاه هابيل، سال دمه ونبتت الشجرة في نفس المكان الذي سال دم هابيل فيه على تربتها.

 

فيما تروي أسطورة أخرى بأن الشجرة نمت من دم متخثر سال من تنين وفيل أثناء صراعهما حتى الموت، بينما يروي البعض الاخر أن مواجهه أحد القادة العسكريين لتنين على جزيرة سقطرى أدت إلى إسالة دمه، بينما يعد الاسم الشائع للشجرة عند أهالي الجزيرة هو "عرحيب"، كما يطلق عليها أحياناً اسم "دم العنقاء".

 

وتتميز شجرة "دم الأخوين" بفوائد واستخدامات عديدة في الطب القديم، حيث اشتهرت عند الفراعنة كما يتم الاستفادة منها أيضا في الطب الحديث، مثل تعقيم الجروح وتهدئة الحروق وعلاج التقرحات الجلدية، بسبب احتوائها على مكونات تساعد على انقباض الأنسجة بشكل أسرع.

 

وتستخدم المادة الصمغية المستخرجة من "دم الآخوين" في شد اللثة المترهلة، وذلك لاحتوائها أيضا على مكونات قابضة، فهي تدخل في علاجات كثيرة وفي الأدوية الخاصة بشد ترهلات اللثة، وتساعد في علاج الإسهال الشديد، والمزمن وكذلك تعمل على تقوية الأنسجة الخاصة بالمعدة وكذلك انقباض البطن.

 

وتنمو أوراق "دم الأخوين" على أطراف الأغصان فقط لأعلى، وهي غزيرة الفروع، لأنها تنمو عن طريق التفرع الثنائي، أي إن كل فرع ينقسم إلى فرعين آخرين، وتنتج كثيرًا من الأوراق الخضراء، وتتجدد كل ثلاث أو أربع سنوات، إذ تسقط الأوراق وينمو مكانها أوراق أخرى، والشجرة من جنس «الدراسينا» من الفصيلة «الهلوانية»، وتنمو في الأرض الصخرية والأماكن المرتفعة.

 

و تواجه العديد من التحديات البيئية مثل الارتفاع في درجة حرارة الأرض ومن جهة أخرى الرعي غير المنظم، والرياح الشديدة، بالإضافة الى البناء العشوائي، ويزيد من هذا التهديد أن الشجرة تستغرق ما يقرب من نصف قرن لتصبح قادرة على التكاثر.

 

كنوز اليمن

 

وتعد جزيرة سقطرى اليمنية التي تقع في بحر العرب قبالة السواحل اليمنية من أكثر المواقع المعزولة على الأرض في العالم، حيث انفصلت عن القارة الأفريقية ما بين 6 و7 ملايين عام، فضلا عن أنها تحوي أعظم كنوز اليمن في مجال التنوع البيولوجي، كونها تضم مجموعة كبيرة من الحياة النباتية والحيوانية.

 

وتقع جزيرة سقطرى على بعد حوالي 400 كيلومتر جنوب البر الرئيسي في المحيط الهندي، ويشكل أرخبيل الجزيرة نظاماً أيكولوجياً بحرياً مستقلاً، ويمتاز بأهمية بيئته الفريدة والتنوع البيولوجي، كما أن الجزيرة تعد من أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي، وتعد موطناً لآلاف النباتات والحيوانات والطيور المستوطنة.

 

وتتنوع الحياة النباتية في سقطرى بشكل مذهل، إذ تضم أكثر من 900 نوع من النباتات المعروفة في الجزيرة، أبرزها شجرة دم الأخوين التي تتميز بشكلها الفريد والذي يشبه المظلة الضخمة، وتوجد في المقام الأول في المرتفعات الجبلية على جزيرة سقطرى، ويبلغ ارتفاعها ما بين 6 و9 أمتار، حيث صمدت لآلاف السنين ويقتصر وجودها في هذه الجزيرة اليمنية، التي وهبها الله عناية إلهية ونظام إيكولوجي بيئي فريد.

 

وتتميز سقطرة كذلك بالتضاريس الغريبة والمميزة والنادرة الوجود في العالم، لدرجة تشعرك بأنك تتواجد في كادر لفيلم من نوع الخيال العلمي.

 

كما ويندرج أرخبيل سقطرى تحت حماية "اتفاقية التنوع البيولوجي" التي وقعتها الحكومة اليمنية عام 1992 حتى عين رسمياً كأحد مواقع التراث الطبيعي العالمي من قبل منظمة اليونسكو في يوليو عام 2008، كما أدرج الموقع كأحد المواقع البحرية العالمية ذات الأهمية البيولوجية من قبل منظمة اليونسكو وذلك في يناير عام 2017، بحسب الموقع الرسمي لمجلس الترويج السياحي في اليمن.

 

ويتكون أرخبيل سقطرى المكون من أربع جزر ساهمت عزلته في الحفاظ على تنوعه الأحيائي الفريد، ويقطن سقطرى نحو 50 ألف نسمة، وهي الجزيرة الوحيدة في العالم التي لم تختف فيها زواحف أو طيور أو نباتات خلال المئة عام الماضية، بينما تواجه الأشجار فيها انخفاضا ملحوظا بنسبة 78 % بين عامي 1956 و2017.

 

المصدر: البيان

 


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات