[ اليمن يحتاج إلى 16 مليار دولار لإنقاذ اقتصاده الهش ]
في الوقت الذي دخل فيه اليمن مرحلة مفصلية لحل أزمة الصراع المستفحلة في البلاد، يستمر الوضع الاقتصادي في التدهور مدفوعاً بالمتغيرات الأخيرة المتعلقة بتوقف تصدير النفط الخام، وعدم وضوح سياسة التمويلات الخارجية للدول المانحة.
وتوقع البنك الدولي، في أحدث تقرير صادر في 6 إبريل/ نيسان الجاري، انكماشاً حقيقياً في الاقتصاد اليمني بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال العام 2023.
لكن المشكلة القائمة كما يحددها البنك في إعادة بناء الاقتصاد الوطني في واحد من أكثر البلدان احتياجاً للدعم والمساندة، حيث يتوقع أن تتراوح احتياجاته من 11.82 إلى 16 مليار دولار في العام 2023، ومن 11 مليار دولار إلى 22 مليار دولار بحلول العام 2027.
واعتبر البنك الدولي اليمن من الدول الهشة المتأثرة بالصراع، ووضعه في قائمة الدول التي تمر بأزمة حادة في الأمن الغذائي مع وصول معدل انتشاره إلى نحو 99% في عام 2023، من 10.1% عام 2005، الأمر الذي يجعل البلاد في أعلى درجات القلق.
الخبير الاقتصادي مطهر عبد الله يتحدث لـ"العربي الجديد"، في هذا الخصوص، عن تأثير أزمة الموانئ وارتفاع فاتورة الواردات مع تسجيل رقم قياسي في الاعتماد على الاستيراد الخارجي بنسبة تقترب من 100%، لافتاً إلى أن الحل بيد الدول والجهات والمؤسسات والصناديق المانحة في حال كان هناك تجاوب حكومي مع برامج الإصلاحات الاقتصادية.
أما الخبير المالي والاقتصادي أحمد شماخ، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أن انكماش الاقتصاد الوطني في اليمن كان على حساب نمو الأنشطة الخفية وتحكم تجار الحرب والسوق السوداء في مختلف مفاصل وقطاعات الاقتصاد. وبحسب شماخ، فإن أي توجهات في تكوين احتياطي من النقد الأجنبي من خلال استيعاب منح وودائع خارجية لن تحقق أي أثر، ما لم ترافق ذلك خطط جادة وحقيقية لاستعادة إنتاجية القطاعات الاقتصادية وتغطية جزء من الاحتياجات من السلع ذات المزايا التنافسية، وضخ مشاريع تنموية مجدية تساهم في توفير فرص عمل لليمنيين تنعكس بشكل إيجابي في تخفيف حدة وتبعات الأزمات المعيشية.
وتتصدر ملفات تصدير النفط وصرف رواتب الموظفين وفتح المطارات والموانئ اهتمامات التحركات السياسية المتصاعدة مؤخراً بين جميع الأطراف المعنية في اليمن برعاية سلطنة عمان.
ويتوقع مراقبون حدوث انفراجه وشيكة للصراع في اليمن، الذي تركز جزء كبير منه في آخر ثلاثة أعوام في الجانب الاقتصادي والنقدي والشحن التجاري. ومع احتدام مستوى الأزمات المعيشية التي تشمل معظم مناطق اليمن بالرغم من انخفاض حدة أزمة الوقود والانتظام النسبي في صرف جزء من رواتب الموظفين المدنيين، وجهت الحكومة اليمنية نهاية الأسبوع الماضي، في تعميم للوزارات، بمضاعفة التنسيق مع السلطات المحلية وفق مبدأ تكاملي لمعالجة التحديات التي تواجه المواطنين في الجوانب الخدمية والمعيشية.
الباحث الاقتصادي عبد الواحد العوبلي، يوضح لـ"العربي الجديد" أن اليمن يعاني من الفساد وتجارب الفشل في المؤسسات المالية والنقدية والخدمية، والتي تأتي في طليعة أسباب التعقيدات الحاصلة في الوضع الاقتصادي وتفاقم الأزمات المعيشية.
واعتبر البنك المركزي اليمني، في تقييمه الأداء المصرفي والنقدي في اليمن للربع الأول من العام الحالي 2023، أن توقف صادرات النفط المشكلة الأهم التي تواجها البلاد في الجانب الاقتصادي.
ويكتوي معظم السكان في اليمن بجحيم أسوأ أزمة اقتصادية ومعيشية، بعدما تسبب الصراع في انهيار الأمن الغذائي مخلفاً ما لا يقل عن 20 مليون شخص بحاجة عاجلة للمساعدات الإنسانية، أكثر من نصفهم يعيشون على وجبة واحدة في اليوم.
ويؤكد الناشط الاجتماعي في مدينة عدن (العاصمة المؤقتة)، عبد الحكيم غانم، لـ"العربي الجديد"، أن المبادرات المجتمعية والأممية التي يرى أنها تتحمل الجزء الأكبر في مواجهة الأزمات المتعددة والمتشابكة التي يرزح تحت وطأتها اليمنيون، غير كافية في ظل عجز حكومي واضح حتى في تنسيق الجهود المختلفة للتصدي للأزمة الإنسانية.
ويعاني كثير من الأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً في اليمن من عدم القدرة على التكيف مع العديد من الأزمات المتداخلة، من بينها ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
العربي الجديد
التعليقات