الخبر من عمق المحيط

تفتيت الصخور لكسب العيش في اليمن.. زراعة المدرجات

تفتيت الصخور لكسب العيش في اليمن.. زراعة المدرجات
سقطرى بوست -  العربي الجديد - محمد راجح الاربعاء, 08 فبراير, 2023 - 09:58 مساءً

يشهد اليمن تدنياً خطيراً في الإنتاج الزراعي، بالتزامن مع ما يواجه البلاد من تبعات قاسية للتغيرات المناخية التي طاولت تداعياتها مصادر عيش نسبة كبيرة من السكان المعتمدين على هذا القطاع في العمل وكسب العيش.

 

وفي الوقت الذي يصطدم فيه كثير من المزارعين بمصاعب كبيرة، ومنها فقدان البذور القادرة على تحمّل تغير المناخ، لم يفقد البعض الحيلة ورفض الاستسلام لهذه الظروف الطارئة، إذ اتجه إلى "المدرجات" الزراعية واستصلاحها لزراعة محاصيل أخرى مجدية كالبن الذي يحظى برواج وتوسع لافت في عدد من المناطق والمحافظات اليمنية.

 

في السياق، يقول المزارع من محافظة ريمة شمال غربي اليمن، أنور الضبيبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ إنشاء الأهالي الجمعيات التعاونية بعد تخلّي الدولة ومؤسساتها عن دورها في مساعدة هذه المجتمعات المحلية ساعدهم كثيراً كمزارعين في مناطق جبلية شاهقة في نحت وتفتيت الصخور وشق الطرقات وزراعة المدرجات الزراعية التي كانت مهملة ومدمرة.

 

وحسب المزارع كان البن المحصول الرئيسي الذي لجأ إليه المزارعون والسكان المحليون الذين وجدوا صعوبات في زراعة الحبوب في كثير من المناطق اليمنية، نظراً لعدم القدرة على توفير البذور، إلى جانب بروز بعض الأنشطة والمشاريع الأهلية التي تشجع على زراعة القهوة (البن) بدلاً من نبتة "القات".

 

ويؤكد المزارع تاجر البن في منطقة حراز الواقعة بين صنعاء والحديدة، طاهر الصعفاني، لـ"العربي الجديد"، أن التغيرات المناخية ساهمت في الاتجاه لبعض المحاصيل التي تتركز زراعتها بشكل كبير في المدرجات، إذ ساهم ذلك في بروز كثير من الأنشطة الاقتصادية وانتشار القطاعات التجارية العاملة في إنتاج وتسويق هذه المحاصيل على المستوى المحلي والخارجي.

 

ويشكو مزارعون من ندرة البذور الخاصة بزراعة الحبوب وتأثير الظروف المناخية التي تؤدي إلى تلف ما يتم تخزينه من بذور للموسم، خصوصاً لمحاصيل الذرة والقمح.

 

وبدأ المزارعون في اليمن منذ منتصف يناير/ كانون الثاني الاستعداد للموسم الزراعي الجديد للحبوب الذي يفتتح عادة بشكل رسمي مع بداية شهر مارس/ آذار.

 

ويرى الخبير في البحوث الزراعية بوزارة الزراعة والري اليمنية منتصر جازم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن هناك ضرورة لتكثيف حملات الإرشاد الزراعي في الوقت الراهن لتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة عن زراعة الحبوب لدى كثير من المزارعين وتوضيح أهمية التوسع الرأسي في زراعة الحبوب.

 

لكن عملية تطوير واتباع الأسس الصحيحة المرتكزة في هذا الجانب المتعلق بالتوسع الرأسي يتطلبان، وفق الخبير في البحوث الزراعية، استخدام الحزمة المتكاملة لتقنيات الإنتاج الحديثة التي تشمل البذور والأصناف عالية الإنتاجية والمقاومة للجفاف والقادرة على تحمل التغيرات المناخية.

 

من جانبه، يقول الباحث الزراعي بكيل النعامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مكافحة الآفات الزراعية، واستخدام الأسمدة والمبيدات، ووسائل الري الحديثة من المتطلبات التي لا بدّ من الإلمام بها قبل بداية أي موسم زراعي، إضافة إلى التسميد والميكنة والبحث العلمي الذي يجب تفعيله عبر مراكز مختصة تقدم مساعدتها للمزارعين خصوصاً في الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن وما يتعرض له من تغيرات مناخية واسعة ودراسة كيفية الاستفادة منها في توسيع زراعة الحبوب ومختلف المحاصيل ذات القيمة الاقتصادية العالية.

 

وتتجه منظمات أممية وجهات عامة محلية نحو تنفيذ تدخلات واسعة، خلال الفترة القادمة، للتخفيف من التأثيرات المحتملة لانخفاض واردات الحبوب على المدى المتوسط إلى الطويل في اليمن.

 

حسب مصادر زراعية مسؤولة، فإنّ هناك تكتلاً واسعاً لتنفيذ هذه التدخلات التي ستشمل معظم محافظات اليمن وتضم كلاً من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى جانب عدد من الشركاء المحليين والمنظمات المحلية والجهات العامة.

 

وتركز هذه الجهات على زيادة إنتاج الحبوب على المستوى المحلي، وذلك من خلال تقديم الدعم لصغار المزارعين لتمكينهم من إنتاج بذور حبوب عالية الجودة تتميز بقدرتها على تحمل تغيّر المناخ مثل القمح والذرة، وتحسين الإنتاجية وزيادة القدرة على الصمود أمام الصدمات المناخية مثل موجات الحر الشديد.

 

ويبيّن الخبير المختص في مجال الجيولوجيا والمناخ، وائل الهدار، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ المشكلة الكبرى في اليمن تتمثل في عدم استشعار ما يواجه البلاد من تغيرات مناخية واسعة مثل هطول أمطار وسيول وفيضانات جارفة في فترات مختلفة غير التي اعتادوا عليها وهبوط التربة وتشققاتها، أو ارتفاع درجة الحرارة أغلب فترات العام.

 

ويعاني اليمن من ندرة الموارد المائية في البلد الذي يصنّف ضمن أفقر بلدان العالم في الموارد المائية، مما شكل تهديداً على استدامة القطاع الزراعي وبالتالي على الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية بشكل عام. كما أنّ للكوارث الطبيعية كالأعاصير آثاراً مدمّرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المنهك أصلاً، وذلك لناحية تقليص فرص العمل والدخل وتصاعد الأسعار على المستهلك.


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات