[ السعودية فتحت أجوائها للطيران الاسرائيلي ]
كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، وجود حالة من التنافس بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث يسعى الأخير إلى ترميم مكانته لدى الإدارة الأمريكية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وهو ما منح "إسرائيل" الفرصة لتلعب دور الوسيط بين العالم العربي وأمريكا.
ثمن التطبيع
وبعد إعلان السعودية فتح مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية التي ستطير من وإلى أبوظبي، بما فيها الإسرائيلية رغم عدم ذكرها صراحة، أوضحت الصحيفة، في مقال نشرته للكاتب تسفي برئيل، أن "السعودية حذرة، وثمن تطبيعها الرسمي مع إسرائيل سيكون مرتبطا بالثمن السياسي الذي ستحصل عليه الرياض من واشنطن".
وذكرت أن "نقاشات حول ذلك تجري بين ولي العهد السعودي وصديقه جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي، الذي يسعى لاستكمال الصفقة قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في تشرين الثاني المقبل"، منوهة إلى أن "الوقت يمر، وترامب يتطلع لتقديم إنجاز سياسي مثير للانطباع، يمكنه أن يلوح به في حملته الانتخابية، بعد انهيار معظم مبادراته السياسية، بما في ذلك"صفقة القرن، التي تحولت إلى نكتة".
وزعمت أن "التطبيع بين إسرائيل والإمارات، هو خطوة اختراقية يمكنها أن تغير الموقف في الشرق الأوسط من تل أبيب، لكنه لا يكفي أن يثبت بأن صفقة القرن ما زالت سارية المفعول"، لافتة إلى أنه "من أجل إثبات الرؤية الاستراتيجية التي تقول بأن السلام بين إسرائيل والعرب لا يقتضي حل المشكلة الفلسطينية، وبدلا من ذلك، السلام مع الدول العربية يمكن استخدامه كمحفز للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، نحن بحاجة لحزام عربي أوسع تشارك فيه دول أخرى، أو على الأقل السعودية، ولكن هذا الأمر له شروط".
وأما بالنسبة "للدولة التي صنعت في 2002 النموذج الذي بحسبه تستطيع تل أبيب أن تحظى بتطبيع وسور دفاع عربي، مقابل انسحابها من جميع الأراضي، فهي معادلة تحولت لجزء لا ينفصل عن أي مفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك خطة ترامب، وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ستظهر وبحق مثل تراجع لا يمكن الرجوع عنه من هذا المبدأ الأساسي، ولكن المس بهذا المبدأ حدث بعد أن قررت الإمارات التطبيع الكامل مع إسرائيل".
ترميم المكانة
وعن الثمن السعودي، نوهت "هآرتس"، إلى أن ابن سلمان ومنذ قتل خاشقجي قبل نحو عامين، "تحول لشخصية غير مرغوب فيها في أوساط الجمهور الأمريكي وفي الكونغرس، وخلال هذه الفترة لم يقم بزيارة واشنطن، ومصالحه يمثلها شقيقه، الأمير خالد"، مشيرة إلى أن "التحقيقات ضد ولي العهد السعودي في قضية قتل خاشقجي لم تنته بعد".
ورأت أن "ابن سلمان بحاجة لتغيير يعيد له مكانته، بعد أن بدأ صديقه ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في التعتيم عليه كزعيم نجح في تشكيل سياسة شرق أوسطية جديدة، وكشخصية عربية هي الأكثر قربا من ترامب"، موضحة أن "التطبيع مع إسرائيل يمكن أن يستخدم كخطوة اختراقية أمام واشنطن، لكن مقارنة مع الإمارات، الوضع مع السعودية معقد".
فمن جهة، "تعهدت الرياض بشراء سلاح أمريكي بمبلغ 110 مليارات دولار، وهذا إغراء كبير استخدمه ترامب لإقناع الكونغرس للسماح له بعقد الصفقة، وبضغط من واشنطن، توطد السعودية علاقتها مع العراق وتعرض عليه بدائل للكهرباء والغاز اللذين يشتريهما من طهران، كجزء من النضال المشترك لصد النفوذ الإيراني في المنطقة".
ومن جهة أخرى، "وقعت السعودية على مذكرات تفاهم مع روسيا، وتفحص إقامة مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء، ويبدو أنها تفحص أيضا إمكانية تطوير برنامج عسكري، وفي حال كان هناك طلب رئيسي لأبوظبي - لشراء طائرات إف35 - فإن رزمة الطلبات العسكرية والسياسية للسعودية ستكون أطول بكثير، ولكن أدوات المساومة لابن سلمان محدودة بالزمن، لأنه لا يثق بأن ترامب سيستمر في رئاسة الولايات المتحدة، ويجب عليه أن يأخذ في الحسبان بأن جو بايدن سيجلس في البيت الأبيض، والإدارة الديمقراطية ليست هي حلم ولي العهد".
مشكلة تل أبيب
وفي هذا الوضع، بحسب "هآرتس"، "يكمن العامل الذي يمكنه أن يخدم التبكير في التطبيع مع إسرائيل، وسواء بقي ترامب أو جاء بايدن، فإن إسرائيل من شأنها أن تشق لابن سلمان مسار العودة لواشنطن، وفتح سماء السعودية أمام الطائرات الإسرائيلية، هو بناء على ذلك أكثر من حقنة في العظام وإظهار الدعم لتطبيع إسرائيل والإمارات، وهو يبدو مثل سلفة أولية على حساب صفقة يأمل ابن سلمان في الحصول عليها من ترامب".
وبينت أن "إسرائيل يمكنها أن تكون راضية جدا عن التطورات الأخيرة التي حولتها لبؤرة وساطة نشطة بين الدول العربية وواشنطن، دون أن يحتاج الأمر لدفع ثمن بعملة فلسطينية"، مشيرة إلى أن "الرزمة الدبلوماسية التي تم وضعها على بابها مؤخرا تشمل؛ التطبيع مع الإمارات وفتح سماء السعودية والمحادثة الهاتفية الودية العلنية بين نتنياهو وزعيم النظام المصري عبد الفتاح السيسي".
ونبهت إلى أن "الانتقاد والتنديدات تجاه الإمارات لا تختفي في الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الإعلام الرسمية، ولكن إلى جانبها يمكن تشخيص التغيير في الوعي الذي أنتجه هذا الاتفاق، والاتفاقات التي ستأتي بعده، والذي يضع معارضي التطبيع أمام واقع جديد وتحديات من نوع جديد".
ومع التطورات التي تشهدها المنطقة بشأن التطبيع مع الاحتلال، قدرت الصحيفة أن "من يعارضون التطبيع لا يمكن لهم مواصلة الاعتماد على التحالف التقليدي الذي كان قائما بين الأنظمة وبين الشعوب، خاصة مع المثقفين، الذين يقولون إن إدانة التطبيع ومحاربته أمر شرعي؛ ولكن هذا التغيير مهما تطور، لن يعفي إسرائيل من ضرورة حل النزاع مع الفلسطينيين".
وذكرت أن "إسرائيل قالت بصورة تقليدية، إن حل النزاع يجب أن يؤدي إلى إنهاء حالة الحرب مع العالم العربي، وإلا فلن تكون هناك أي فائدة من الحل، وبهذا، اعتقدت أنها تضع عقبة كأداء لا يمكن تجاوزها أمام أي مفاوضات مع الفلسطينيين، ولكن كلما زاد عدد الدول المطبعة، يصبح هذا الادعاء فارغا من المضمون، وتل أبيب ستضطر لتعريف النزاع بصورة رسمية كمشكلة إسرائيلية وليس كمشكلة فلسطينية".
عربي 21
التعليقات