[ عملية التجسس الكويتية: حق للدولة أم انتهاك لخصوصية المواطن؟ ]
ماتزال تداعيات قضية التجسس الكبرى، التي شهدتها الكويت من قبل جهاز أمن الدولة، على حسابات مواطنين، ونواب في مجلس الأمة، على وسائل التواصل الاجتماعي، ماتزال تحدث أصداء واسعة داخل المجتمع الكويتي، كما أنها فتحت نقاشا واسعا تعدى حدود الكويت، حول حدود اختصاصات أجهزة الأمن في المنطقة العربية، وهل يعد التجسس على المواطنين أو الناشطين، حقا لها لحماية أمن البلاد كما تتذرع دوما؟، أما أنه يمثل انتهاكا صارخا لخصوصية المواطنين، وهو ما تؤكد عليه كل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
وكان حساب لم يعلن عن صاحبه الحقيقي على تويتر، يحمل عنوان "جنوب السرة"، قد فجر صدمة في أوساط المجتمع الكويتي، بعد أن كشف عبر تسريبات لتسجيلات مصورة، عن قيام ضباط في جهاز أمن الدولة، بوزارة الداخلية الكويتية، بالتجسس على حسابات مواطنين وأعضاء بمجلس الأمة، وشخصيات عامة، على مواقع التواصل الاجتماعي، ذكر الحساب بعضا منهم بالاسم، وكان منهم، النائب عبد الكريم الكندري، والإعلامي والأكاديمي علي السند، وعدد من الكتاب والناشطين الآخرين
الصندوق الماليزي
ووفقا لوسائل إعلام كويتية، فإن ما تم نشره من تسجيلات مصورة ،يعود إلى العام 2018، ويخص قضية الفساد، المتعلقة بالصندوق الماليزي، والمتهم فيها الشيخ صباح جابر المبارك الصباح، نجل رئيس الوزراء الكويتي السابق، وكانت التسريبات قد أشارت إلى وجود تواطؤ، بين المحققين من جهاز أمن الدولة الذي كان يتولى التحقيق في القضية والمتهم.
ودفعت تداعيات القضية، وزير الداخلية الكويتي أنس الصالح، للخروج بتصريحات متتالية، أعلن فيها توقيف رئيس جهاز أمن الدولة الكويتي، وسبعة من كبار ضباط الجهاز، لحين انتهاء التحقيقات، مشيرا إلى أن الأمر بيد النيابة، كما دفعت نائب نائب الأمير وولي العهد الكويتي، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، إلى توجيه كلمة للشعب الكويتي، أكد فيها على أن أبناء الأسرة الحاكمة، هم جزء من الشعب الكويتي، ومن يخطئ منهم، يتحمل نتيجة خطئه، وأنه لا أحد فوق القانون، حسبما نقلت وكالة رويترز للأنباء.
حدود أجهزة الأمن العربية
وبعيدا عن تداعيات قضية تجسس جهاز أمن الدولة الكويتي على المواطنين، وما أثارته في الداخل من بلبلة وقلق، في أوساط المواطنين الكويتيين، الذين أعربوا عن مخاوفهم من انتهاك خصوصياتهم، عبر مراقبة حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن القضية فتحت النقاش من جديد، حول الحقوق الممنوحة لأجهزة الأمن في الدول العربية، في مراقبة حياة الناس الخاصة ،وهو أمر ربما لا تخلو منه أي دولة عربية وحتى العديد من دول العالم الأخرى.
وفي غمرة الجدل بشأن قضية التجسس الأخيرة في الكويت، يبرز سؤال طرح في عدة دول، خلال مناسبات سابقة، وهو هل يبرر الحفاظ على أمن الدولة، التجسس على المواطنين؟ وسط خلاف واسع بشأن القضية، إذ أن العديد من الأجهزة الأمنية، تعتبر أن هناك هدفا أسمى، وهو الحفاظ على أمن المجتمع بكامله، وربما يبرر هذا الهدف في حالة الالتزام بالقانون، مراقبة الأفراد وتفاصيل حياتهم، في حين أن العديد من المنظمات الحقوقية الدولية تعتبر ذلك بمثابة انتهاك للخصوصية وحقوق الإنسان.
وفي المنطقة العربية، كانت آخر المناسبات، التي تصاعد فيها النقاش بشأن رقابة أجهزة الأمن للمواطنين، هي أزمة كورونا وما أسفرت عنه من تداعيات، إذ اتهمت عدة تطبيقات للهواتف الذكية، التي استخدمتها عدة دول عربية، ضمن سعيها لتتبع المصابين بالفيروس، بأنها لاتهدف في الأساس إلى تتبع انتشار الفيروس، بقدر ما تهدف إلى تتبع تحركات الأشخاص، وقد حذر العديد من ناشطي حقوق الإنسان إبان ذلك، من استمرار السلطات العربية، في استخدام تلك التقنيات حتى بعد انتهاء الأزمة.
وإبان ماعرف بثورات الربيع العربي، أذاعت أجهزة أمنية في مصر على سبيل المثال تسجيلات مسربة عبر محطات تليفزيونية لمكالمات عبر الهاتف لنشطاء وسياسيين، كان بينهم الناشط المصري و نائب الرئيس المصري الأسبق، وفي المغرب أيضا قالت منظمة العفو الدولية في وقت سابق إن ناشطين مغاربة، في مجال حقوق الإنسان، تعرضوا لاستهداف بتكنولوجيا مراقبة، طورتها شركة إسرائيلية، تسمح للسلطات بالسيطرة شبه الكاملة على الأجهزة المحمولة.
يحدث في الغرب أيضا
وفي الوقت الذي تشير فيه التقارير، إلى أن جل الدول العربية لاتخلو من ممارسات المراقبة الأمنية الجمعية للمواطنين، فإن التقارير تشير إلى أن عدة ديمقراطيات غربية، سلكت نفس المسلك، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وفقا للعديد من التقارير، قد وسعت من نطاق المراقبة الجمعية، منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وقد ساهم تقدم تكنولوجيا المعلومات، في توسيع نشاط المؤسسات الأمنية الأمريكية في مراقبة الناس.
أما أحدث تلك الممارسات، فقد شهدته الدنمارك التي تعيش منذ الاثنين 24 آب أغسطس الجاري، على وقع فضيحة أمنية، كما وصفتها وسائل الإعلام الدنماركية، تتمثل في تجاوز جهاز الإستخبارات العسكرية الدنماركي المعروف اختصارا باسم (FE)، لصلاحياته على مدى سنوات، وفق ماتقول التقارير، وتسليمه معلومات عن مواطنين لأجهزة استخبارات خارجية.
التعليقات