مع اندلاع الهجوم الروسي على أوكرانيا، كثَّفت الصين نشاطها العسكري في محيط تايوان. مع تصاعد مخاوف من أن تنهج بكين نفس نهج حليفتها موسكو في فرض الأمر الواقع بالقوة.
ضارباً التحذيرات الدولية عرض الحائط، نفَّذ الرئيس الروسي تهديداته بالهجوم على أوكرانيا، بعد أسابيع طويلة من الترقب، وما صحبه من مناورات وحشد موسكو جنودها على حدود جارتها الجنوبية. في فرض للأمر الواقع بالقوة، وبلا أي اعتبار لبنود القانون الدولي.
صعّدت هذه الخطوة، بالمقابل، من مخاوف أن يخوض النزاع في أقصى الشرق، بين الصين وتايوان، نفس المنحى. حيث تسعى الصين منذ سنتين إلى ضم تايوان بالقوَّة إلى برها، مع رفض حكومة البلاد ذات الوضع الخاص ذلك.
مخاوف عززتها تحركات عسكرية صينية في محيط الجزيرة، تمثل مؤخراً في اختراق الطيران الحربي الصيني الأجواء التايوانية. فيما حذّرت واشنطن بكين من تكرار مغامرة بوتين، وأن تايبي ليست كييف.
تحذيرات ومخاوف
بالتزامن مع انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا، يوم الخميس، عاشت شرق القارة الآسيوية توتراً كبيراً، مع خرق تسع طائرات حربية صينة الأجواء التايوانية، دون سابق تنسيق بين بكين وتايبي.
وقالت وزارة الدفاع التايوانية إن الاختراق الجوي الصيني الذي رصدته شمل ثماني مقاتلات صينية من طراز J-16 وطائرة استطلاع Y-8، حلقت فوق منطقة تقع شمال شرق جزر براتاس التي تسيطر عليها تايوان في الطرف العلوي لبحر الصين الجنوبي.
وقال سلاح الجو التايواني بأنه نفذ طلعات جوية تحذيرية للطائرات الصينية التي اخترقت أجواءه. فيما دأبت الصين منذ سنتين على القيام بمثل هذه المهام المنتظمة في الأجواء التايوانية، حسبما أوردت لوكالة رويترز، غير أن المخاوف منه تزداد مع بلوغ النزاع الأوكراني مرحلة الحرب.
مخاوف لم تفت وزيرة الدفاع التايوانية التي صرَّحت بأن استراتيجية بلادها في هذا الوقت هي "أن تفهم الصين أنها ستدفع ثمناً ثقيلاً إذا بدأت نزاعاً مسلحاً مع تايوان".
مشابهة لأوكرانيا؟
أوجه الشبه بين الوضعية الأوكرانية الحالية ووضع تايوان يتخطى حدود التزامن مع موعد الغزو، إلى مخاوف أكثر شدةَّ من سير بكين في نفس طريق حليفتها موسكو، وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح.
يؤكده الفرق الشاسع في القوة العسكرية بين الطرفين، إذ يعد الجيش الروسي ثاني أقوى جيش نظامي في العالم مقابل غريمه الأوكراني القابع في المركز 22. يزداد هذا الفرق اتساعاً في حالة الصين وتايوان، إذ يفوق تعداد الجيش الصيني مليون جندي مقابل 88 ألف جندي تايواني. هذا إضافة إلى 120 ألف سلاح نووي استراتيجي تملكه الصين.
وحذَّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن يوم السبت، من أنه "إذا تعرضت أوكرانيا للخطر، فإن الصدمة ستتردد في جميع أنحاء العالم. وسوف تسمع هذه الأصداء في شرق آسيا، وسوف تسمع في تايوان". وأضاف أنه "سيتوصل الناس إلى نتيجة مفادها أن العدوان يؤتي ثماره، وقد يكون ذلك صحيحاً".
ورداً على تصريحات جونسون، نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، هوا تشون ينغ، أي صلة بين قضيتي أوكرانيا وتايوان. وقالت تشون ينغ إن "تايوان ليست أوكرانيا". مؤكدة على أن الجزيرة لطالما كانت "جزءاً لا يتجزأ من الصين وهذه حقيقة قانونية وتاريخية لا جدال فيها". وكثفت الصين، التي تدعي أن تايوان أراضيها، نشاطها العسكري بالقرب من الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي على مدار العامين الماضيين.
التعليقات