تؤشر القرارات السعودية الأخيرة، بشأن وقف الرحلات القادمة والمتجهة إلى الإمارات، بذريعة انتشار سلاسات سريعة التفشي من فيروس كورونا، إلى وجود خلافات كبيرة بين الجانبين، على الرغم من التحالف المعلن منذ سنوات في العديد من الملفات الإقليمية.
وأعلنت السعودية، عن منع الرحلات القادمة من الإمارات، إضافة إلى وقف الرحلات المتجهة من السعودية، واعتبار القرار ساريا منذ مساء أمس الأحد، ورفعت من عدد الرحلات الجوية، لإعادة السعوديين إلى بلادهم قبل بدء الحظر.
في المقابل علق طيران الإمارات رحلاته إلى السعودية، بعد قرار الرياض، وقال إنه حتى إشعار آخر، ولم يحدد موعدا لاستئناف الرحلات بين البلدين الجارين، والعضوين بمجلس التعاون الخليجي.
ويعيد القرار إلى الأذهان ملفات تاريخية للخلافات بين البلدين، كان العنوان الأبرز لها مسائل الترسيم الحدودي، ومناطق النفوذ والنفط إضافة إلى المياه الإقليمية.
ونستعرض في هذا التقرير جذور تلك الخلافات بين السعودية والإمارات التي لم يحل كثير منها حتى الآن:
خور العديد
يعود الخلاف بين البلدين، إلى بدايات تأسيس دولة الإمارات في سبعينيات القرن الماضي، ويعد خور العديد، أحد نقاط الخلاف بينهما ويفصل ساحليا بين الإمارات وقطر، وكان من المقرر إنشاء جسر بحري فوقه بين الدولتين، لكن السعودية اعترضت، بسبب ما قالت إنه يمر فوق مياهها الإقليمية، ولا بد أن توافق عليه وتكون على معرفة تامة به.
واستمر الخلاف حول خور العديد، حتى عام 1974، حين وقعت الإمارات والسعودية ما يعرف باتفاقية جدة، والتي نصت على امتلاك السعودية الساحل الفاصل بين قطر والإمارات، وبالتالي قطع الطريق أمام أي اتصال بري بين الدولتين.
ونص الاتفاق على تنازل السعودية عن واحة البريمي، مقابل حصولها على ساحل بطول 50 كيلومترا، وامتلاك عوائد حقل الشيبة النفطي الذي يقع جزء منه داخل حدود الإمارات.
حقل الشيبة النفطي
بعد سنوات من الاستحواذ على حقل الشيبة النفطي، اعترضت الإمارات وقاطعت مؤتمر وزارة الخارجية والنفط لدول مجلس التعاون عام 1999، وطالبت بتقاسم عوائد الحقل.
ورغم الخلاف الكبير، ظلت الأمور هادئة بين البلدين، حتى وفاة الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان، ليثير ابنه خليفة الذي تولى رئاسة الإمارات، القضية مع الرياض في أول زيارة لها عام 2004، واعتبرت الإمارات اتفاقية جدة "ظالمة" لها، خاصة في مسألة حقل الشيبة، لكن الأمور لم تتغير ولم توافق السعودية على تقاسم الحقل وأصرت على استمرار اتفاقية جدة.
وفي العام 2006، أصدرت الإمارات كتابها السنوي، وظهرت فيها خرائط تعتبر خور العديد ضمن مياهها الإقليمية، رغم تنازلها عنه للسعودية في اتفاقية جدة، ليحدث تصعيد عقب ذلك، ويمنع الإماراتيون من دخول السعودية، عام 2009، ببطاقات الهوية كما يجري مع المواطنين الخليجيين، لترد الإمارات بمنع كافة الخليجيين المتجهين إلى السعودية برا من استخدام الهويات، وضرورة إبراز جوازات السفر.
أزمة الشاحنات والزورق السعودي
في عام 2009، أوقفت السلطات السعودية، آلاف الشاحنات، على المعبر الحدودي مع الإمارات، وتذرعت في حينه بأنه جزء من تعزيز الرقابة على دخول المركبات من الإمارات إلى أراضيها، وفي العام التالي وقعت حادثة إطلاق نار من زورقين إماراتيين على زورق سعودي في خور العديد، واحتجاز عنصرين من حرس الحدود السعودية.
خفايا العلاقة تظهر في ويكيليكس
كشفت وثائق ويكيليكس، والبرقيات المسربة من السفير الأمريكي لدى الإمارات والمرسلة لخارجية بلاده، عن حجم الخلافات ونظرة الإماراتيين للقيادة السعودية، والتي تضمنت استهزاء في العديد منها بالنظام والأسرة الحاكمة.
وفي تلك البرقيات المسربة، تحدث ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عن نظرته للشعب السعودي، ووصمه بـ"الجهل" وأن نصف الشعب غير قادر على قيادة السيارة، ويقصد في تلك الفترة النساء اللواتي كان محظورا عليهن القيادة، فضلا عن تحريض الأمريكان على السعودية للضغط عليها في العديد من القضايا.
وفي إحدى البرقيات عام 2008، تحدث وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد عن موقفه السلبي من الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وأنه لا يرى في صغار السن وجوها واعدة، فضلا عن أن النظام يتيح الفرصة للتحالف مع الفاسدين وشيوخ الدين للوصول إلى مستويات عليا.
وكشفت برقيات أخرى عن أن حاكم دبي محمد بن راشد، وصف القيادة السعودية بأنها هرمة، إضافة إلى إخباره قائد القوات الأمريكية في العراق، جون أبي زيد، خلال لقاء، بأنه وابن زايد، عندما ينظران إلى أكثر من 100 كيلومتر متر للمستقبل، فإن القيادة السعودية لا تنظر إلى أكثر من كيلومترين وأنها لا تملك رؤية بعيدة المدى.
التعليقات