الخبر من عمق المحيط

صحف أميركية: تفجيرات سريلانكا.. أسئلة دون إجابة

صحف أميركية: تفجيرات سريلانكا.. أسئلة دون إجابة
سقطرى بوست -   الثلاثاء, 23 أبريل, 2019 - 04:38 مساءً

ركزت افتتاحيات بعض أبرز الصحف الأميركية على التفجيرات الدموية التي وقعت في "عيد القيامة" يوم الأحد واستهدفت كنائس وفنادق فخمة في سريلانكا أودت بحياة نحو ثلاثمئة من الأبرياء وإصابة أكثر من أربعمئة.

فقد كتبت نيويورك تايمز بافتتاحيتها أن الكثير لا يزال مجهولا عن هذه التفجيرات "الانتحارية" ولا يزال الكثير غير معروف عن الجماعة الملامة بتنفيذ الهجمات ولم يتضح الدافع بعد، لكن واقع الأمر أن ما حدث معروف وشاهدناه مرارا وتكرارا في كرايست تشيرتش وكابل وباريس ونيويورك وأماكن أخرى كثيرة تطول قائمتها في كنائس ومساجد وكنس ومدارس وميادين.

وقالت الصحيفة إن ظاهر هذه الهجمات كان مؤامرة محلية مختلفة عن الحرب الأهلية، ذلك أن الثانية كانت على أسس عرقية بينما كانت هذه الهجمات طائفية على ما يبدو.

وأضافت أن التاريخ المحلي وحده لا يفسر كل الإرهاب الذي نعرفه اليوم، كما أنه لا يبدو أن أي شكوى أو سبب معين -حتى لو كان "الإسلام المتطرف" الذي ينشأ في كثير من الأحيان في النزاعات العنيفة بالشرق الأوسط- يظهر في الغالب كمصدر.

فالهجوم على المسجدين في نيوزيلندا وعلى المعبد اليهودي (الكنيس) في بيتسبرغ نفذه متعصبون بيض، ولا يزال الدافع وراء إطلاق النار الجماعي الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة شخصيا (منفذه شخص واحد) وتظل مذبحة لاس فيغاس عام 2017 لغزا غامضا.

قواسم مشتركة
ومع ذلك رأت الصحيفة أن هناك قواسم مشتركة، وواحدة تتم مواجهتها بشكل أكثر تكرارا وهي انتشار الكراهية عبر وسائل التواصل. ولم يكن من المفاجئ أن الحكومة السريلانكية منعت عقب التفجيرات الوصول إلى فيسبوك وخدمات وسائل التواصل متذرعة بأنها فعلت ذلك لمنع انتشار المعلومات الخاطئة.

"
تفجيرات سريلانكا والعديد من الأسئلة التي بدون إجابة تعكس التعقيد والتنوع في المشاعر التي تدفع الناس، وعادة الشباب، إلى تبني الإرهاب
"
وعلقت بأن المعلومات الخاطئة هي بالكاد المشكلة الوحيدة لأن المحققين الذين ينقبون في خلفيات مرتكبي جرائم القتل الجماعي المنفردين أو المنظمات الإرهابية يكتشفون أوكارا على الإنترنت لكثير من مثيري الكراهية المماثلين الذين ينسجون شبكات من الأوهام والأكاذيب التي تطمس العقول الضعيفة والمستنفرة. فجرائم القتل المقلدة لا تعد جريمة في علم الإجرام، ولكن قوة وسائل التواصل وسعت بشكل كبير من نطاق وسرعة هذا الوهم.

وختمت الصحيفة بأن تفجيرات سريلانكا والعديد من الأسئلة التي بدون إجابة تعكس التعقيد والتنوع في المشاعر التي تدفع الناس، وعادة الشباب، إلى تبني الإرهاب. ومن المأمول أن يتم تحييد الجماعة التي اتهمت بتدبير الهجوم وتقديمها للعدالة. وينبغي أن تضيف الصور الرهيبة من كنائس وفنادق سريلانكا ثقلا مقنعا للمطالب بأن تعترف الجهات المسؤولة عن وسائل التواصل وتتحمل أخيرا مسؤوليتها في منع السم الذي تسمح بانتشاره.

وفي سياق متصل، رأت افتتاحية واشنطن بوست أن قرار سريلانكا وقف وسائل التواصل يشكل سابقة مقلقة. واعتبرت هذه الخطوة أحدث تعنيف للمنصات التي كانت تعتبر فيما مضى أملا كبيرا للعالم الديمقراطي. ومن المرجح أن تنظر الحكومات اليوم لهذه المواقع كأرض خصبة للكذب والدعاية التي لا يمكن الوثوق بها لكي تتحرك ضد المحتوى الخطير عندما تصبح الأمور شديدة الأهمية.

تعطيل التواصل
وقالت واشنطن بوست إن سريلانكا أغلقت هذه المنافذ الآن دون أي دليل على أن الشائعات أو الخطاب على هذه المواقع هو الذي أدى إلى الضرر. والمبرر -على ما يبدو- أنه بمجرد ظهور الأدلة يكون الأوان قد فات. ومع ذلك رأت الصحيفة تعطيل نشاط فيسبوك والخدمات الأساسية الأخرى أيضا تعطيلا للتواصل السهل، حيث لن يتمكن الأصدقاء والعائلات من التواصل والاطمئنان على سلامة بعضهم البعض.

وأي شخص يسعى للحصول على معلومات دقيقة حول الهجمات قد يجد نفسه في حيرة مماثلة لأن الضوابط المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية بالبلاد مشددة. وفيسبوك والمواقع المشابهة تلعب دورا قيما، وفي الوقت نفسه سيجد المستخدمون المتطورون تقنيا حلولا للوصول لمواقع الويب المظلمة على أي حال.

وهذه المخاوف -تقول الصحيفة- تؤكد قلقا أكبر هو أن قيام دولة بحظر الخدمات للحفاظ على سلامة المدنيين بعد هجوم إرهابي سيكون ذريعة للدول الأخرى ليس لحماية شعوبها ولكن لحرمانهم من قدرتهم على التنظيم والاحتجاج، مثلما فعلت إيران مع تطبيق تليغرام العام الماضي خلال مظاهرات مناهضة للحكومة، وهي نفس اللعبة التي تلعبها مصر وزيمبابوي.

وسيتعين على فيسبوك والمواقع المشابهة استرداد ثقة العالم، ويجب على الدول التي لا تزال تقدر حرية التعبير أن تساعد في صياغة الأنظمة التي توازن بين الأمان وحرية التعبير. وخلاف ذلك فإن أولئك الأقل ودية للديمقراطية سيلجؤون لا محالة إلى استخدام الأول كعذر لسحق الثاني.

المصدر : الصحافة الأميركية
 


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات