[ في اليمن المنكوب.. لا مبالاة بـ"كورونا" ولا بلقاحه (تقرير) ]
بعد مرور 10 أشهر على إعلان الاشتباه بأول إصابة بـ"كورونا" في اليمن، لايزال الفيروس يشكل لغزا محيرا في البلد العربي الأكثر فقرا وهشاشة في البنية التحتية لقطاعه الصحي.
فبالرغم من مخاوف الأمم المتحدة من أن يؤدي تفشي الفيروس في اليمن (قبيل انتشاره بالفعل) إلى كارثة إنسانية كبرى جراء تدهور الأوضاع بالأساس، إلا أن التداعيات الناجمة عن انتشاره خالفت التوقعات.
واستندت المخاوف الأممية إلى عوامل أبرزها حرب مستمرة منذ نحو 7 سنوات بين القوات الموالية للحكومة والحوثيين، تسببت بانهيار واسع النطاق للخدمات، لاسيما نظام الرعاية الصحية.
كما أودت بحياة ما لا يقل عن 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات للبقاء أحياء، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وفي تمايز مع موجة الهلع التي سادت دولا عديدة، في الأشهر الأولى لانتشار الوباء، قابل يمنيون الأمر بكثير من "اللامبالاة" وعدم الاهتمام.
هذا الوضع أوجد صعوبات أمام الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في مساعيهما لتطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي الوباء.
وبقوة السلاح، يسيطر الحوثيون، المدعومين من إيران، على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وبالرغم من أن منظمات ووكالات إغاثية أممية بذلت جهودا للتوعية بمخاطر الوباء ونشرت إرشادات وقائية، وشددت على ضرورة التباعد الجسدي، إلا أن مظاهر استجابة المجتمع اليمني لهذه العملية ظلت دون مستوى الآمال.
حتى مساء الأربعاء، بلغ إجمالي حالات الإصابة بالفيروس في اليمن 2363، منها 643 وفاة و1435 حالة تعاف، وفق إحصاءات حكومية.
وتتوزع هذه الحالات على 10 محافظات هي عدن ولحج وأبين والضالع (جنوب) والمهرة وحضرموت وشبوة (جنوب شرق) والبيضاء (وسط) وتعز (جنوب غرب) ومأرب (شمال).
ولا تشمل هذه الإحصاءات المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، التي تواجه اتهامات بإخفاء العدد الحقيقي للضحايا، وفرض قيود على جهود المنظمات الأممية لمواجهة الوباء.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، سجل اليمن 16 حالة إصابة، ما عكس انحسارا لتفشي الوباء.
لكن بشكل متكرر، تشكك الأمم المتحدة بالأرقام المعلنة للإصابات في اليمن، وتقول إنها أقل بكثير من العدد الحقيقي.
كما تساور المنظمة الدولية شكوكا بوجود أسباب عديدة خلف استمرار تدني حالات الإبلاغ عن الإصابة بين اليمنيين.
وفي 20 يناير الماضي، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن، عبر تقرير، بـ"وجود عوامل عديدة أثرت سلبا على الاستجابة الخاصة بالفيروس".
وأبرز هذه العوامل، حسب التقرير، "النقص الحاد في التمويل للعاملين في مجال الصحة، والتأخر في استيراد مستلزمات مواجهة الفيروس".
بالقدر ذاته من اللامبالاة التي أظهرتها غالبية السكان تجاه الوباء، لم يُلاحظ عليهم أي اهتمام بالإعلان عن التوصل إلى لقاحات مضادة ولا بالسباق بين الدول للحصول على جرعات منها.
هذا الوضع ساهم، وفق مراقبين، في تخفيف الضغط على الحكومة اليمينة، في العاصمة المؤقتة عدن.
عبد الرحمن السامعي، طالب جامعي، أعرب عن عدم اهتمامه بتوفر اللقاح، قائلا للأناضول إن "الوباء لم يكن خطرا على حياتنا مثل أزمات أخرى عديدة".
وتابع أن "الإحصاءات الرسمية أظهرت انتشارا محدودا للوباء، ما دفع الناس إلى التشكيك بحقيقة وجوده، ومن ثم إهماله".
والثلاثاء، أعلن وزير الصحة اليمنى، قاسم محمد بحيبح، أن بلاده ستحصل على 12 مليون جرعة من لقاح "كورونا" تغطى 6 ملايين شخص.
وفي 4 فبراير/ شباط الماضي، أعلنت وزارة الصحة أنها تقدمت بمشروع، عبر منظمة الصحة العالمية، لتوفير اللقاح.
وأوضحت الوزارة، في بيان، أن "المشروع يتضمن قيام مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية (سعودي-حكومي) بتمويل كلفة لقاح يصل إلى تغطية 70 بالمئة من السكان".
ومنذ مارس/ آذار 2015، تقود السعودية تحالفا عربيا ينفذ عمليات عسكرية في اليمن، دعما للقوات الموالية للحكومة، في مواجهة الحوثيين.
وأضافت أن "أولى دفعات اللقاح ستصل اليمن مع بداية الربع الثاني من العام الجاري، بمعدل مليونين و316 ألف جرعة كافية لتطعيم أكثر من مليون يمني".
وفي 25 فبراير الماضي، أعلنت الوزارة أنها وافقت على الاستخدام الطارئ للقاح "استرازينيكا" البريطاني.
وقالت إن هذه "الخطوة تمهد لاستيراد الدفعة الأولى من هذا اللقاح، والبدء بتنفيذ أولى جولات حملة التطعيم".
ويرى خبيب العتواني، دكتور صيدلي، في حديث للأناضول، أن "الأوبئة والحميات الفيروسية التي ضربت اليمن خلال أعوام الحرب ساهمت في حالة اللامبالاة السائدة تجاه وباء كورونا".
وأسفرت حميات فيروسية منتشرة في اليمن منذ أعوام، أبرزها الضنك والشيكونغونيا والملاريا والكوليرا والتيفوئيد، عن وفاة وإصابة آلاف اليمنيين.
وأضاف العتواني: "حتى لو أبدى الناس اهتماما تجاه اللقاح، فليس هناك ضمان أو ثقة في قدرة الحكومة على توفيره للجميع (...) تبدو الحكومة عاجزة وفاقدة للقدرة على اتخاذ القرار".
التعليقات