تزايدت حالة الرفض الشعبي، ضد قوات الاحتلال السعودي الإماراتي، في محافظة المهرة، شرقي اليمن، رغم المحاولات الحثيثة التي تقوم بها الرياض وأبو ظبي، لمحاولة إخماد شرارة الانتفاضة التي انطلقت مطلع أبريل/ نيسان 2018، بيد أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل.
حيث قوبلت تلك الممارسات السعودية - التي وصلت حد المواجهة المسلحة، واستخدام الرصاص الحي، ضد المتظاهرين من أبناء المحافظة، الرافضين للتواجد السعودي الإماراتي في أراضيهم - بمزيد من الإصرار والتوسع، وارتفاع سقف المطالب، خصوصا مع توالي ظهور شخصيات أمنية وعسكرية وقيادات في المهرة، معلنين وقوفهم إلى مطالب أبناء المحافظة، الرافضة للتواجد الأجنبي في محافظتهم.
ومع تزايد حالات الرفض الشعبي لأبناء المهرة، ضد القوات السعودية الإماراتية، ومساعيها الرامية إلى ملشنة المحافظة، شكل الرئيس هادي، لجنة رئاسية، وصلت اليوم الأحد، الى المهرة، للإطلاع على الأوضاع الإقتصادية والعسكرية والأمنية في المحافظة، كأول تحرك حكومي تجاه الوضع في المهرة.
اللجنة الرئاسية
أوردت وكالة سبأ الحكومية، أسماء اللجنة الرئاسية، التي وصلت المهرة برئاسة رئيس هيئة الأركان، الفريق الركن بحري، عبد الله النخعي، وتضم في عضويتها كلا من وكيل وزارة الداخلية، ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، ووكيلي جهازي الأمن القومي والسياسي.
وبالنظر الى الشخصيات التي وصلت المحافظة، كلجنة رئاسية للإطلاع على الأوضاع الإقتصادية والعسكرية والأمنية، تكشف أن هدف اللجنة عسكري وأمني بحت، ولا علاقة للوضع الاقتصادي في المحافظة إطلاقا، كونها خلت من أي اسم من خبراء الاقتصاد أو المهتمين في المجال الاقتصادي.
وبحسب مراقبين، فإن كان هدف اللجنة اقتصادي، فهي ليست سوى محاولات لذر الرماد على العيون، كونها جاءت تعالج قضايا ثانوية، دون أن تعالج المشكلة الرئيسية، التي نتجت عنها بقية المشاكل الأخرى، والمتمثلة بالتواجد السعودي في المحافظة.
حيث يُعد التواجد السعودي في المهرة، بمثابة القضية الكبرى، والتي دفعت أبناء المحافظة لعمل اعتصامات متواصلة، منذ ما يقارب العام، فضلا عن اندلاع مواجهات مسلحة، أدت الى مقتل وجرح عدد من المواطنين في المحافظة، رفضا لهذا التواجد، وما لم تعالج هذه اللجنة التي وصلت المحافظة، هذه المشكلة، فأنها لن تكون سوى محاولات لإحتواء الرفض الشعبي في المهرة ليس إلا.
كما أن اللجنة الرئاسية التي وصلت، لن تستطيع عمل أي شيء خصوصا وأنها من الطرف المسبب للمشكلة وهي السعودية، كون تواجد قواتها في المحافظة، هي التي دفعت أبناء المهرة، لمواجهتها، وإعلان الوسائل المختلفة للتصدي لهذا التواجد الذي وصفوه بــ"الإحتلال"، وبالطبع من كان السبب في المشكلة لن يكون هو الحل إطلاقا.
مخطط سعودي
ولعل اللافت في اللجنة الرئاسية التي وصلت اليوم المهرة، هو تزامنها مع ما كشفته وسائل إعلام خليجية، الخميس المنصرم، عن مساع سعودية إماراتية لتصفية الرموز والقيادات الوطنية التي تقود الحراك الاحتجاجي والاعتصامات ضد وجود القوات السعودية.
واتهمت المصادر، وفقا لــ"الجزيرة نت"، المحافظ المدعوم من الرياض راجح باكريت بالوقوف خلف المخطط، من خلال إعداد قائمة بأسماء القيادات والرموز بالمهرة المُراد تصفيتهم إلى القائد العسكري للقوات السعودية بالمهرة الذي يلقب بالمطيري.
وقالت المصادر إن قائمة المستهدفين تتضمن كلا من رئيس المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى الشيخ عبد الله بن عيسى آل عفرار، والعميد علي سالم الحريزي وكيل المحافظ السابق، ومدير الأمن السابق اللواء أحمد قحطان، ورئيس لجنة الاعتصام ضد القوات السعودية الشيخ عامر سعد كلشات، والشيخين عبود قمصيت ومحمد بركات وغيرهم من الشخصيات البارزة والناشطين.
وذكرت المصادر، أن المحافظ باكريت استقدم في الأيام الماضية عناصر من فرقة الاغتيالات التابعة للإمارات من عدن، التي عملت على تصفية علماء الدين وأئمة المساجد والشخصيات السياسية والعسكرية هناك، وخصص لهم مكانا للإقامة في القصر الجمهوري بمدينة الغيظة مركز المحافظة، مع تمويلهم بالدعم الكامل عبر مطار الغيظة الذي تتخذ منه القوات السعودية قاعدة عسكرية لها.
وأضافت المصادر، أن باكريت عقد قبل يومين اجتماعا للجنة الأمنية للسلطة المحلية بالمحافظة حضره قائد القوات السعودية بالمهرة وقيادات أمنية من خارج المحافظة، واستثني منه أعضاء اللجنة الرئيسيين من أبناء المحافظة حفاظا على سرية العملية.
وخرج الاجتماع بإدراج الشخصيات المراد تصفيتها في قائمة المطلوبين لشرعنة الاغتيالات، بحسب المصادر المطلعة.
ملشنة المهرة
كما جاء تشكيل هذه اللجنة في أعقاب المساعي السعودية الإماراتية، لملشنة المهرة، من خلال قيام الأخيرة عبر ما يُسمى بالمجلس الانتقالي الموالي لها في المهرة، لإنشاء ما أسمى بالنخبة المهرة، كمليشيا مسلحة خارج إطار الأجهزة الأمنية والعسكرية في المحافظة.
ومنتصف الشهر الماضي، حذر وكيل المحافظة لشؤون الشباب بدر كلشات المهري، من هذه المليشيات التي تسعى الإمارات إنشائها في المحافظة، والتي تسعى لعسكرة المهرة أسوة بما حصل في عدن، وبعض المحافظات الجنوبية، حيث عملت الإمارات منذ أواخر 2015، على إنشاء الأحزمة والنخب العسكرية، كمليشيات مناطقية عنصرية، خارج أجهزة الدولة الرسمية.
وأدى هذا الإعلان الواضح من الوكيل كلشات، إلى قيام المحافظ باكريت، بإقالة الوكيل كلشات من عمله، لأسباب وصفت بالغير منطقية، والتي بررها بعدم تواجد كلشات في الدوام، حسب زعمه.
ورد الوكيل كلشات، على قرار المحافظ، بإعلانه الرفض القاطع لقرار باكريت، والذي وصفه بأنه قرار سياسي بإمتياز. مشددا في الوقت نفسه على رفضه أيضا للمليشيات التي تسعى الإمارات انشائها في المحافظة، والتي كانت السبب في إقالته من عمله.
وأكد كلشات في بيان له بهذا الخصوص، أن هذه المليشيات ستعمل على إثارة الفتن والإرهاب في المحافظة، وستسعى لنزع الاستقرار والأمن والذي تعيشه المحافظة، ولم تتأثر بالحرب التي تشهدها محافظات اليمن منذ مطلع مارس/ 2015.
مخاوف أم ايعاز؟
وبات السؤال المهم هو: هل وصول هذه اللجنة الرئاسية إلى المهرة، قرار حكومي، نابع عن مخاوف حقيقية لدى الشرعية في مآلات الأمور في محافظة المهرة؟ أم مجرد إيعاز سعودي لمحاولة إحتواء الوضع، دون معالجة أسباب المشكلة الحقيقية المتمثلة برفض التواجد السعودي الإماراتي في المحافظة؟.
حيث يأمل الكثير من أبناء المهرة أن يكون تشكيل هذه اللجنة، قرار وطني نابع عن استشعار الشرعية، حكومة ورئاسة لمخاوف تطورات الأوضاع في المهرة، التي تعد المحافظة الوحيدة الخاضعة لسيطرة الشرعية بشكل كامل، وأن تكون هذه اللجنة بداية لفتح مسارات جديدة للشرعية مع التحالف وتحديدا فيما يخص الوضع في المهرة.
حيث كشفت الأحداث في المهرة - واستمرار السعودية في ارسال تعزيزاتها العسكرية في المحافظة، وسيطرتها على المطار والموانئ، فضلا عن المحاولات الامارات لإنشاء مليشيات مسلحة فيها، رغم أنها محافظة خالية من التواجد الحوثي - عن الأهداف الحقيقية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، وأن استعادة الشرعية وإنهاء الإنقلاب ليست سوى كذبة لتبرير تواجدها في اليمن، واحتلال مطاراته وموانئه.
التعليقات