لم يمضِ أسبوع منذ أن أطلقت الحكومة في اجتماع لمجلس الوزراء بياناً أكثر ما يمكن وصفه هو أنه جريئا وخطوة جادة وواثقة عدا أن الأكثر جرءاةً من البيان هو تحوله المتسارع من محض خطاب إلى واقع ، بخلاف ما اعتدناه من تراخي أحيان في الأعوام الفائتة ، وتجلى واقع البيان في زيارة رئيس الوزراء د . معين عبدالملك ، في الأمس لمحافظة شبوة وصولا إلى عتق في حين أن صفيح المدينة الساخن لم يبرد بعد..!!
إن زيارة رئيس الوزراء اليوم لحاضرة محافظة شبوة ، عتق ، هو الترجمة الفعلية للثقة المتعاظمة التي أبداها بيان الإجتماع الأخير مطلع الأسبوع الجاري لمجلس الوزراء برئاسة د. معين عبدالملك والرسائل المهمة في حرص الحكومة على حقن الدماء ، وتطبيع الأوضاع ، وفرض الأمن والاستقرار، وأن الحكومة على استعداد دائم للحوار لكن تحت مظلة الدولة وضمن المبادئ المتعارف عليها في دعم الشرعية ، وان المعركة الأساسية هي ضد المشروع الإيراني والحوثيين ، وأن شبوة اليوم تنتصر لليمن ومشروع الدولة الاتحادية ، وهي تضع نفسها في المكان الصحيح قائدة للمشروع الوطني .
تحركات الحكومة على الأرض هي الأنتصار العملي لبيان غسلت به الشرعية وجهها كاشفة عن خيارات أخرى تلوح بها ضمنيا وأن خيار إعادة المواقف المتذبذبة ، إلى جادة أهداف التحالف المشروعة وخيار المواجهة (مواجهة المجلس الانتقالي إنطلاقا من شبوة) كخيارات أولى ما تزال قائمة ولم تستنفذ بعد...
وبعيدا عن كون البيان أتى معلقا على الأحداث لا صانعا لها بحسب ما تفرضه الضرورة السلطوية للحكومة إلا أن زيارة رئيس الوزراء اليوم تضع حجر الأساس لقادم جاد ومتغير تماما كما وضع البيان الأخير النقاط على الحروف ، وسدد أصبع الاتهام بوضوح وأظهر صرامة وثقة سلطوية ترفض المساومة .
بيان الحكومة لم يبقَ حبيس الإعلام هذه المرة ، والحكومة لم تبقَ حبيسة البيان كالمعتاد ، تغير أملي يستحق أن نقف له مصفقين ومساندين ، وأن ترتخي لأجله أعصابنا المشدودة على آخرها منذ اشتعال فتيل مواجهات عدن ولنعيد مجددا قراءة بيان الحكومة....
تحدث البيان في مقدمته عن استمرارية "جهود الحكومة في مواجهة التمرد المسلح الذي قامت به مليشيا ما يسمى بالمجلس الانتقالي" كما جاء في البيان وهو توصيف تحجيمي موفق وذكي لصالح الحكومة من مسمى" انقلاب" كوصف تداوله صحفيون وناشطون ومسؤولون كثر للأحداث الأخيرة التي دشنها المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن وهو ما يعني رفض الحكومة القاطع لأي جلسات تشاورية مع المجلس الانتقالي كنِدّ لنِد...!!
أتت مقدمة البيان موجزة وبلغة موثوقة كما لو أنه كان مدفوعا بانتصارات الحكومة في شبوة على الرغم من أنه أتى سابقا لها إلا أن ترتيبات معارك شبوة بما لا يدع مجالا للشك كانت قد سبقت المعارك بأيام وبدت الحكومة أكثر حرصا على هذه المحافظة ، كون بقاء شبوة في يد الشرعية هي إحدى أبرز الخطوات التأسيسية لقيام دولة فيدرالية من أقاليم عده ، أن بقاء شبوة في يد الحكومة يعني أيضا أن عدن وأبين والجنوب برمته ما يزال على مرمى خيط من قبضة الشرعية.
وكمن يقف على أنفاسه خرج رئيس الوزراء باتصالات وتصريحات عدة لتضخيم الحاضنة الشعبية بصورة أكبر لصالح الشرعية في شبوة عبر اعتماد عدد من المشاريع التنموية والخدمية وفقا للأولويات العاجلة والملحة للمواطنين وفي اتصاله ولقاءه ايضاً بالسلطة المحلية والعسكرية في محافظة شبوه وجه رئيس الوزراء باتخاذ كافة الإجراءات للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة المواطنين وتطبيع الأوضاع في أعقاب عملية التمرد الفاشلة", إن انتقائية رئيس الوزراء وعنايته بألفاظه كاستخدامه لمصطلح تمرد بدلا من انقلاب وتركيزه على المواطنين والخدمات الأساسية والإشادة بالالتفاف الشعبي بدرجة أساسية ينم عن خبرة سياسية وذكاء متقد للرجل كون خيار الداخل ، الخيار الشعبي ، هو الخيار الملح الآن للحكومة والسند الأخير، تلاه تحركات صائبة لحكومة يترأسها شاب ذو خبرة أدارية أتى إلى العمل الحكومي من بوابة العمل السياسي ، وأدرك الطبيعة السياسية التي تحكم الملفات الحكومية كافة في زمن الحرب .
اتهم البيان بوضوح ، ودون التفاف لفظي كما كان يحدث في السابق ، دولة الإمارات العربية المتحدة بتمويلها ودعمها لهذا التمرد المسلح" وما نجم عنه من تقويض مؤسسات الدولة وتمزيق النسيج الاجتماعي وتعريض الأمن والسلم المحلي والإقليمي للخطر وتنامي خطر جماعات العنف والتطرف وتفاقم المعاناة الإنسانية ... وبما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وأهداف تحالف دعم الشرعية" وهي كلها مخاطر منطقية إذا ما تمعنا في التركيبة المسلحة للمجلس الانتقالي الجنوبي المتقنع بمطالب الإنسان الجنوبي وهذا يعيدنا سلفا إلى القناع شبيهه الذي ارتدته جماعات الحوثي مطلع انقلابها ولهذا فإن رفض المجلس الانتق
التعليقات