الخبر من عمق المحيط

كيف حولت الإمارات والسعودية "سقطرى" إلى ساحة صراع؟!.. مركز دراسات إيطالي يجيب

كيف حولت الإمارات والسعودية "سقطرى" إلى ساحة صراع؟!.. مركز دراسات إيطالي يجيب

[ تدفع الإمارات أموالاً للأطفال والشبان في سقطرى لرفع علمها وصور قادتها ]

سقطرى بوست -  ترجمة خاصة: الاربعاء, 11 مارس, 2020 - 01:52 صباحاً

 

كشفت دراسة جديدة أن الإمارات والسعودية تدفعان "محافظة أرخبيل سقطرى" إلى الفوضى وعدم الاستقرار في محاولة لبسط نفوذهما عليها بأدواتٍ محلية.

 

وقال معهد الدراسات السياسية الدولية الإيطالي إن الحياد في "سقطرى" أصبح غير مستدام، فالإمارات انتقلت من القِتال بجنودها إلى الوكلاء ضمن إعادة رسم استراتيجيتها في اليمن، واختارت نهجاً غير مباشراً للسيطرة على الأراضي اليمنية. في وقت تحاول السعودية بناء نفوذ خاص بنفس الطريقة.

 

وأضاف المعهد في التحليل الذي كتبته الباحثة المتخصصة في الشرق الأوسط "إليونورا أرديماني" أن الاستراتيجية الإماراتية الجديدة عجلت من عملية تسييس الجزيرة النائية في المحيط الهندي حيث يعيش في سقطرى 100 ألف نسمة وتعتبر موقع تراث تابع لليونسكو بسبب تنوعها البيولوجي.

 

كما لم تأتِ عليها الحرب قط: لا الحوثيون ولا الإرهابيون التابعون لتنظيم القاعدة. على الرغم من ذلك، أصبحت الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي الآن ساحة للمواجهة الجيوسياسية غير المباشرة بين الإمارات والمملكة العربية السعودية وبدرجة أقل "سلطنة عمان" التي تحاول حماية أمنها القومي.

 

ويعتبر مركز الدراسات الدولية في إيطاليا من أعرق مراكز الدراسات في أوروبا حيث تأسس في ثلاثينات القرن الماضي.

 

وقال المعهد في -الورقة التي ترجمها "سقطرى بوست"- إنه في يونيو 2019، أعلنت الإمارات فك ارتباطها العسكري باليمن. ووفقاً لتقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة تستمر وحدات عسكرية إماراتية موجودة في بلحاف، شبوة، والريان، حضرموت، وليس من المستغرب بقاءها في سقطرى.

 

تعقيدات الحرب

مع دخول الحرب في اليمن عامها الخامس، تكمل الإمارات الانسحاب شبه الكامل لقواتها من اليمن. في ذات الوقت بدأ السعوديون محادثات غير رسمية مع الحوثيين في سلطنة عمان. كما تفاوضت الأمم المتحدة حول اتفاق أول تبادل رسمي للأسرى بين الطرفين: الجميع يعترف الآن أنه لا يمكن أن يكون هناك نصر عسكري. وهم يستعدون للمطالبة بفوزهم السياسي.

 

 لا يزال الحوثيون يسيطرون على الشمال الغربي من البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء. وجماعة الحوثي التابعة لإيران وتعتبر ضمن شبكتها من الميليشيات الشيعية. في الجنوب، تمت المصادقة على اتفاقية الرياض (نوفمبر 2019)، التي توسطت فيها المملكة العربية السعودية والتي سمحت بدخول الانفصاليين الموالين للإمارات في المجلس الانتقالي الجنوبي كمؤسسة وكيان معترف به.  لكن تلك الوثيقة، التي كبحت العنف في الصيف في عدن والجنوب، لا تزال حبراً على ورق.

 

تدخلت الإمارات إلى جانب السعودية في مارس/أذار 2015 كجزء من عملية التحالف العربي التي كانت تهدف إلى استعادة سلطة الحكومة المعترف بها دوليًا بعد انقلاب المتمردين الحوثيين في صنعاء. في هذا السياق، قادت وحدات من الحرس الرئاسي للإمارات العمليات البرية للتحالف، خاصة في الجنوب. ولأجل مكافحة التمرد وتثبيت الأمن قامت الإمارات بتنظيم وتدريب وتسليم رواتب العديد من الميليشيات المحلية. وأضفت عليها الطابع المؤسسي لتنافس الأمن العام وإن كانت خارج سيطرة الحكومة الشرعية.

 

تجاهل تقرير الأمم المتحدة

ولم يعالج تقرير الأمم المتحدة الأخير التنافس الجيوسياسي في وعلى "جزيرة سقطرى" كما أن اتفاقية الرياض لا تحتوي على سطر واحد على التوازن الهش في الجزيرة. ومع ذلك، تشهد جزيرة سقطرى مرحلة من التحولات العميقة، والتي من المحتمل أن تزعزع الاستقرار: فمعظم السكان يقومون برفض الوجود العسكري لأبوظبي والرياض في الجزيرة. كما أنهم منقسمون حوله.

 

على مر التاريخ كانت سقطرى مرتبطة بالبر الرئيسي وهاجر مواطنو الإمارات وخاصة (تجار إمارة عجمان وعُمان) للجزيرة قبل اكتشاف النفط في الخليج، بحثاً عن الرزق. وبعد أن انتهت محمية عدن البريطانية تم استيعاب المهرة وقشن وسقطرى في التجربة الاشتراكية وانتقل إليه الجنود. وبعد توحيد اليمن انتقل اليمنيون منها وإليها.

 

وبعد الاعتراف باليونسكو في عام 2008، جاء دور العديد من الخبراء والباحثين الذين اجتذبتهم دراسة النظام البيئي، الطبيعي والبشري، الذي لم يتم استكشافه بعد.

 

الوجود السعودي

وفي عام 2018، قامت الإمارات بتعزيز وجود قواتها بإرسال المزيد إلى الجزيرة. بعد احتجاجات السكان المحليين والحاكم المعين من قبل الحكومة المعترف بها، تمكنت المملكة العربية السعودية من بناء حل وسط، بالحصول على انسحاب جزء من القوات الإماراتية وكذلك المركبات الثقيلة المنقولة إلى الجزيرة.

 

بعد ذلك، اتخذت الرياض خطوة إضافية، حيث أرسلت 2000/3000 جندي وبدأت، مثل أبو ظبي، في تطوير مشاريع سقطرى.. هذا هو نفس نمط المنافسة الذي شوهد سابقًا في محافظ المهرة اليمنية، على الحدود مع عُمان، عندما أرسل السعوديون، في نهاية عام 2017، قواتهم العسكرية بعد الاحتجاجات المحلية ضد وصول الإمارات والقوات العسكرية المتعلقة بهم.

 

منذ عام 2019، زاد الانفصاليون التابعون للإمارات  (المجلس الانتقالي الجنوبي) من الوجود السياسي في سقطرى، مما عزز الرغبة في الحكم الذاتي من جانب المجتمع. حاولت دولة الإمارات، حتى الآن دون نجاح، تنظيم قوة النخبة في سقطرى (الحزام الأمني)، على غرار أولئك الذين شكلتهم في اليمن.

في عام 2019، أرسلت أبو ظبي عشرات من شباب سقطرى إلى عدن لتلقي التدريب العسكري من قبل ضباط إماراتيين في قوات الحزام الأمني. كما أكدت الإمارات، أنها جندت مائة امرأة من الجزيرة ونقلتهن إلى أبو ظبي: سيتم تدريبهن في المدرسة العسكرية المرموقة خولة بنت الأزور.

 

وذهبت الدراسة إلى التمردات في فبراير 2020، حيث رفعت كتيبة عسكرية تابعة للواء الأول من خفر السواحل سقطرى علم الانفصال، بدعم وتمويل من الإمارات وبالتالي انشق عن الحكومة اليمنية المعترف بها. ثم احتوى الجيش اليمني هذه الخطوة بإقالة قائد الكتيبة.

 

في هذا السياق، تقول الدراسة إن زيادة سلطنة عمان من دعمها لقبائل سقطرى المعادية للإمارات والوجود السعودي يهدف كما هو الحال -في المهرة المجاورة- إلى دعم الحكومة اليمنية المعترف بها، في مواجهة الوجود الخارجي في اليمن.

 

واختتمت الدراسة بالقول: إن الجغرافيا تحمي تفرد سقطرى، وفي الوقت نفسه، جعلت من جاذبيتها استراتيجية. لا يمكن التنبؤ الآن، كيف سيتطور النزاع بين الملكيات الخليجية حول التأثير أو ربما السيطرة على الجزيرة. ومع ذلك، وبعد أن انسحب جنود الإمارات بكثافة من اليمن، أصبحت سقطرى نقطة مراقبة لا غنى عنها لفهم كيف تستطيع أبو ظبي إعادة معايرة تصميماتها الجيوسياسية في المنطقة، بشكل غير مباشر وليس مرتكزًا على العامل العسكري.

 

 

 


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات