يوم الأربعاء، أعلن التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن "إحباط" هجوم وصفته بـ"الإرهابي" بزورق مفخخ كان يستهدف إحدى ناقلات النفط بالقرب من ميناء نشطون غرب مدينة الغيضة. هذا الإعلان السيء للدولة السعودية يقود إلى تساؤلات متعددة عن إخراج "فزاعة الإرهاب" كأداة لبسط نفوذ المملكة على المحافظة الاستراتيجية.
لم يسبق أن تواجد أي من التنظيمات "الإرهابية" مثل القاعدة و"داعش" في محافظة المهرة، خلال العقدين الماضيين، فالمحافظة ظلت بعيدة عن أي صراعات سياسية أو حرب حكومية ضد "الإرهاب" بعكس المحافظات المجاورة. وظلت المهرة بعيدة كل البعد عن الحرب المستمرة منذ 2015 في اليمن، بين القوات الحكومية ومليشيا جماعة الحوثي.
هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها السعودية اتهاماتها بوجود "إرهاب" في محافظة المهرة، ففي سبتمبر/أيلول2018 سقطت مروحية سعودية في الغيضة بسبب خلل فني فأعلنت الرياض أنها كانت في مهمة "مكافحة الإرهاب"! في ذلك الوقت نفى أبناء محافظة المهرة، التهمة واعتبرته نهج سعودي لإسقاط المحافظة من أجل صالحها. بعد ذلك التاريخ قامت الرياض بتأسيس مليشيات محلية على غرار ما كانت تفعله الإمارات بذات الحجج وفي يوليو/تموز2019 سلمتهم عبر المحافظ السابق راجح باكريت 18 مدرعة عسكرية بحجة مكافحة الإرهاب، استخدمت لاحقاً ضد القبائل والتظاهرات السلمية في المحافظة.
لماذا تستخدم هذه الورقة؟
يأتي توقيت المزاعم الجديدة في ظل سيطرة القوات السعودية على منفذ "شحن" في المحافظة وهو المنفذ المسؤول عن دخول البضائع إلى اليمن.
حدثت هذه التطورات عقب معركة غير متكافئة بين رجال القبائل والقوات السعودية التي استخدمت طيران الأباتشي وعشرات العربات العسكرية المدرعة ومختلف أنواع الأسلحة لإخضاع رجال القبائل واقتحام المنافذ، وهو ما دفع بالكثير للتساؤل عن دوافع السعودية وأسباب استماتتها في السيطرة على المدينة وإخضاع أبنائها المسالمين بطبيعتهم.
السعودية وصفت رجال القبائل وأبناء المهرة بكونهم "جماعات الجريمة المنظمة والتهريب"، لأن رجال القبائل رفضوا بالفعل الوجود السعودي، فيما كان رجلها السابق راجح باكريت أحد أبرز المهربين المعروفين في اليمن خلال سنوات مضت!
وتأتي هذه الاتهامات في سياقات واضحة في محاولة لقطع الطريق أمام رجال القبائل الرافضين للوجود السعودي، واتهامهم بالإرهاب في محاولة للترهيب بعد أن فشلت في استخدام الترغيب كوسيلة لتسليم المحافظة لأجندتهم السعودية.
ومن الواضح أن التلويح السعودي بورقة الإرهاب و"الجريمة" الزائفة، يأتي بعد أن فشلت المملكة السعودية في ايجاد مبررات لتواجدها العسكري في المحافظة، وتأكيد أن وجودها في المحافظة دون مبرر قانوني، وأن الحق مع القبائل المهرية.
يرفض المجتمع الدولي السلوك السعودي في محافظة المهرة إذ أنه يثير مشكلات إقليمية واسعة ويهدد أمن التجارة العالمية، لذلك فإنها تتعرض لضغوط دولية وإقليمية للخروج من المحافظة وتركها، وتعتقد السعودية أن استغلال هذه الحادثة للحديث عن الإرهاب في المهرة سيخفف وطأة الضغط الدولي عليها للمغادرة.
أما ارتباط السعودية بمحاولة إيجاد طريق للإرهاب في المحافظة فكان واضحاً من خلال محاولتها مطلع 2018 لوضع حجر أساس لمركز للسلفيين بمديرية قشن بمحافظة المهرة، فثّار السكان ضد القوات السعودية وخرج الرجال والنساء وقطعوا الطريق أمام المحافظ الذي كان في طريقه لوضع حجر الأساس. وبالفعل في ظل إصرار المجتمع تم إلغاء ذلك المركز ووقف الخطط السعودية.
إن السعودية تخسر داخلياً وخارجياً بوجودها في المهرة، لذلك تحاول أن تفرض أمر واقع وإن كان ذلك افتعال حرب مع القبائل المسالمة في المحافظة، وهو طريق سيء سيدخل المهرة في قلب الحرب لن تسلم منه الرياض ولا جيران المحافظة.
التعليقات