[ جندي ضمن ميليشيا تابعة لأبوظبي في عدن - AFP ]
قلّصت دولة الإمارات العربية المتحدة، وجود قواتها جنوب اليمن، لكنها عززت وجودها في محافظة أرخبيل سقطرى بميليشيا محلية أسمتها "الحزام الأمني" على الرغم من وجود قوات إماراتية على أراضي الجزيرة. ما يشير إلى أن أبوظبي قررت البقاء طويلاً في أكبر جزر البلاد الموجودة على المحيط الهندي.
سلطت مجلة (L'Orient-Le Jour) اللبنانية العريقة الناطقة بالفرنسية في أحد تقاريرها الذي أطلع عليه "سقطرى بوست"، الضوء على الوجود الإماراتي في سقطرى مقارنة بما نشرته رويترز عن انسحاب وحدات من الجيش الإماراتي مع عتاده من جنوب البلاد.
ونقلت المجلة عن أحمد ناجي، الباحث غير المقيم في مركز كارنيجي في الشرق الأوسط ومقره بيروت: "في الوقت نفسه، تحاول الإمارات تعزيز القوى المحلية بتكوين نخبة جديدة كما هو الحال في سقطرى".
وأضاف ناجي: هذا لا يعني بالضرورة انسحابهم من البلاد، لكنها طريقة جديدة للسيطرة عبر القوات المحلية.
وتُعتبر سقطرى منطقة استراتيجية تربط المحيط الهندي بالخليج العربي والبحرين العربي والأحمر. لذلك تحاول أبوظبي بسط سيطرتها على الجزيرة وتكافح لمنع وجود القوات الحكومية والقوات السعودية على الجزيرة.
وفي شهر يونيو/حزيران الماضي اشتبكت قوات "الحزام الأمني" التابع لأبوظبي مع القوات الحكومية قُرب ميناء الجزيرة الحيوي بعد أن رفضت السلطة المحلية إنزال معدات عسكرية وسيارات دعماً لـ"الحزام الأمني". وأجبرت القوات الحكومية ميليشيا أبوظبي على المغادرة
وتنتشر القوات الإماراتية في أنحاء جنوب اليمن، في "عدن" -الجنوب الغربي- وحتى شبوة في -الجنوب الشرقي- للبلاد، كما تمتد من حضرموت وحتى سقطرى. وتسيطر القوات السعودية على المهرة باعتبارها منطقة حيوية بالنسبة لها وتحاول إنشاء ميناء نفطي بالقوة وتحويل المطار والميناء في "الغيظة" إلى قواعد عسكرية، على الرغم من رفض السكان.
وقال أحمد ناجي: "المملكة العربية السعودية مهتمة أكثر بمحافظات مأرب أو حضرموت ، بينما تركز دولة الإمارات العربية المتحدة بدرجة أكبر على المنطقة الساحلية مع المكلا وجزيرة سقطرى".
وأضاف "منطقة مثل المهرة (جنوب شرق) هي أكثر استراتيجية للمملكة العربية السعودية لأنها تمثل وسيلة بديلة واقتصادية لنقل النفط بدلاً من المرور عبر مضيق هرمز، على سبيل المثال".
هدف أبوظبي
تقول المجلة الناطقة بالفرنسية إن "سقطرى" هدف رئيس لدولة الإمارات المتحدة. فقد عززت أبوظبي وجودها في الجزيرة منذ مايو/أيار 2018 بدفع 100 جندي ومعدات عسكرية إلى الجزيرة دون التشاور مع الحكومة الشرعية -التي كانت موجودة في الجزيرة- وندد رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر بالفعل الإماراتي وألمح إلى كونه احتلال وارتفعت الأصوات اليمنية المنددة ووصلت القضية إلى مجلس الأمن. بررت أبوظبي وجودها- رغم رفض الحكومة اليمنية- بأنها تملك "علاقات تاريخية مع الأسر والعائلات في جزيرة سقطرى" حسب ما أفاد آنذاك وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش.
تدخلت الإمارات في اليمن ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لمواجهة الحوثيين، لكن الجزيرة تبعد 350 كيلومتراً من الساحل اليمني، وتبعد عن أقرب نقطة اشتباكات مع الحوثيين 1000كم، ما يؤكد أن الإمارات والسعودية تدخلتا لأهداف فرعية -أيضاً- غير مواجهة ميليشيا الحوثي.
وقالت المجلة إن سقطرى تمثل نقطة كبيرة وأساسية في استراتيجية الإمارات، حيث توفر الجزيرة طريق بحري تجاري في بحر العرب، كما يمكن أن تكون "سقطرى" أيضاً منشأة عسكرية أخرى لقوات الإمارات مع القواعد البحرية في القرن الأفريقي، حيث توجد قاعدتين في "إرتيريا" وفي الجمهورية غير المعترف بها دولياً "أرض الصومال".
تمزيق النسيج المحلي
لكن أبوظبي فشلت في تطبيع الوضع بعد أن أجبرتها حكومة "بن دغر" عام2018 على سحب جزئي لقوات أبوظبي من الجزيرة، وتصاعد غضب السكان المنددين بالوجود الإماراتي.
تضيف المجلة "ما يؤكد ذلك هو خروج مظاهرات يوم الأحد للاحتجاج على وجود الجيش الإماراتي".
لذلك قامت الإمارات بمحاولتها الأخيرة بتمزيق النسيج الاجتماعي المحلي في سقطرى، بين موالين لها وأعدائها بمن فيهم السلطة المحلية. وهو تمزيق لم يحدث في تاريخ الجزيرة الحديث من قَبل.
تقول المجلة إن أبوظبي أسست المجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن ليدعو للانفصال وافتتحت مكتب له في جزيرة سقطرى، كما أسست "الحزام الأمني" في الجزيرة لبناء صدام محلي بينه وقوات الأمن.
وقال أحمد ناجي ، "انفصال جنوب اليمن يسهل سيطرة الإمارات عليه، وإذا لم يحدث ذلك سيكون لها تأثير كبير على الدولة الناشئة"، مشددًا على أن هذه الاستراتيجية طويلة الأجل .
التعليقات