الخبر من عمق المحيط

تحذيرات من تبعات حملة السعودية ضد الوافدين اليمنيين

تحذيرات من تبعات حملة السعودية ضد الوافدين اليمنيين
سقطرى بوست -  عربي21 الثلاثاء, 17 أغسطس, 2021 - 11:07 صباحاً

أثارت حملة التطهير التي بدأتها المملكة العربية السعودية منذ يوليو/ تموز الماضي، لآلاف اليمنيين بينهم أكاديميون وأطباء، علامات استفهام حول مدى تأثيراتها على بلد يغرق في حرب تقودها الدولة الخليجية ذاتها منذ 7 سنوات.

ومنذ شهري يوليو/ تموز المنصرم وأغسطس/ آب الجاري، بدأت السلطات السعودية في إنهاء عقود ما يزيد على 260 أستاذا جامعيا من الجامعات الواقعة في المحافظات الجنوبية من المملكة، فجأة، ودون أي تفسير.

الإجراءات السعودية متواصلة، رغم المناشدات والتحذيرات من تبعات ذلك، على ملايين اليمنيين في الداخل الذين يعتمدون بشكل رئيسي على تحويلات أبنائهم وأقاربهم العاملين في المملكة.

ويروي جراح يمني يعمل في أحد المستشفيات الحكومية جنوب السعودية، تفاصيل المأساة التي تنتظرهم جراء قرارات المملكة الأخيرة بحق المئات من المهنيين اليمنيين.

"أين نذهب؟"

ويقول الطبيب في تصريح لـ"عربي21" مشترطا عدم ذكر اسمه: "قبل أسبوعين، خرجت من منزلي ذاهبا إلى المشفى الذي أعمل فيه كما جرت العادة كل يوم، إلا أن المشهد كان صادما فور وصولي".

وأضاف: "تم إبلاغي بأن ذلك اليوم، هو آخر يوم دوام لي في المستشفى الواقع جنوب المملكة، رغم أن عقدي لم ينته بعد".

وتابع: "أنا جراح شهير وتخصصي نادر، وأعمل في أحد المستشفيات التابعة للحكومة السعودية في الجنوب، منذ ثلاث سنوات، إلا أن قرار إنهاء عقدي كان مفاجئا".

وأشار الطبيب اليمني: "هكذا ببساطة ودون أي تفسير، أنهي عقدي، ولست الوحيد، بل طال الإجراء عشرات الأكاديميين والأطباء في المستشفيات وبشكل تعسفي".

وتساءل قائلا: "إلى أين نذهب؟ وإلى من نلجأ؟ ومنذ سنوات وأنا أعيل أسرتين في اليمن، تتألفان من 25 شخصا، وأنا العائل الوحيد لهم".

وانتقد التعاطي السلبي من قبل السلطات اليمنية إزاء هذه الإجراءات التي تهدد اليمنيين بأزمة إنسانية بفعل الحرب المدمرة التي تعصف بالبلاد.

وقال: "الأدهى في الأمر، أن مسؤولين يمنيين، طالبوا العديد ممن طالتهم الإجراءات السعودية، بالصمت وعدم إثارة الرأي العام اليمني".

وقال: "لقد أخبرونا بأن السعوديين أبلغوهم بذلك".

ولفت إلى أن السلطات السعودية، منعت الأطباء والأكاديميين اليمنيين من الانتقال إلى أي مدينة أخرى في المملكة، للعمل فيها.  

وأكد الطبيب الجراح أن هناك كارثة قادمة تضيفها المملكة إلى قائمة الكوارث الطويلة في اليمن، ومزيدا من الإفقار وتجزيع الشعب اليمني".

"265 أكاديميا يمنيا"

من جانبه، قال أكاديمي يمني آخر كان يعمل في إحدى جامعات الجنوب السعودي، إن الإجراءات بدأت قبل عيد الأضحى المبارك، حيث دخلت قيد التنفيذ، بعد إجازة العيد مباشرة.

وأضاف لـ"عربي21" طالبا عدم الإفصاح عن اسمه، أن المملكة أنهت عقود أكاديميين يمنيين من خمس جامعات حكومية بشكل مفاجئ.  

وبحسب الأكاديمي اليمني فإن الإجراء طال 106 أكاديميين يمنيين في جامعة نجران، و50 آخرين في جامعة جازان.

كما أنه تم إنهاء عقود 83 أستاذا جامعيا من جامعة الملك خالد، و41 من جامعة بيشة، و26 من جامعة الباحة.

وأوضح أن هؤلاء الذين استهدفهم القرار كانون يعولون عددا كبيرا من الأسر في اليمن، في ظل الحرب، مؤكدا أن تسريحهم دفعة واحدة، سيسبب أزمة اقتصادية وإنسانية، تضاف إلى المأساة الموجودة في البلاد.

وأكد الأكاديمي اليمني أن المملكة، تستهدف بالإجراءات الأخيرة، تسريح نحو 700 ألف يمني من مناطق "نجران وجازان وعسير والباحة" يعملون في القطاع العام والخاص، وهو ما ينذر بكارثة اقتصادية وإنسانية، تنتظر ملايين الأسر في اليمن.

"تعسف مؤسف"

وفي السياق ذاته، اعتبر قريب أحد الأطباء الذين سرحتهم الحكومة السعودية من عمله، أن ما قامت به الرياض، كان مؤسفا، وقرارا تعسفيا يستهدف اليمنيين فقط.

وقال لـ"عربي21" شريطة عدم كشف هويته، إن إجراءات السعودية، جاءت بعد قيام الجامعات والمستشفيات في محافظات الجنوب بتجديد عقودها مع الأكاديميين والأطباء اليمنيين.

ومضى قائلا: "كانت الأمور، تسير بشكل طبيعي، ومع بدء العام الدراسي في المملكة، وعند ذهاب الأكاديميين والأطباء إلى أماكن عملهم، تم إبلاغهم بإنهاء عقود العمل معهم، وطلب منهم العودة إلى ديارهم خلال مدة شهر، قبل أن تمدد إلى ثلاثة أشهر".

وذكر المصدر الذي يعمل عدد من أقاربه في جامعات ومشافي سعودية أنه تم إنهاء العقود مع الجامعات والمستشفيات بدون أي مقدمات، وأنهم أبلغوا بشكل شفهي بذلك.

ووفق المصدر فإنه حاليا، يعيش الأكاديميون والأطباء، أوضاعا صعبة، ومن دون مرتبات، وفي انتظار مستحقاتهم لدى تلك المؤسسات في المملكة، والتي لم يحصلوا عليها حتى الآن.

وأردف: "مؤسف ما يجري، حتى إنه جرى إنهاء جميع خدمات الأكاديميين بشكل تام، حتى خدماتهم الإلكترونية لم تعد متاحة لدى الجامعات.

وبحسب المصدر فإن تسريح السعودية للأكاديميين اليمنيين من جامعات الجنوب، كان تعسفيا، رغم حاجة تلك الجامعات لهم، حيث كان العديد منهم يشغلون مواقع مهمة، ويعملون بتفان ليلا ونهارا.

ولفت إلى أن قرار السعودية، أظهر مدى عجزها عن توفير البديل في تلك الجامعات والمستشفيات، جراء الفراغ الذي تركه تسريح اليمنيين.

وزاد: "لا علاقة للإجراءات السعودية، بما تبرره بتوطين سعوديين في تلك الأعمال في محافظات الجنوب، بل إنه تم استبعاد أكاديميين في جامعات أخرى في محافظات الشمال بالمملكة".

وأمس الأحد، حذر عضو مجلس النواب اليمني علي المعمري من تأثير الإجراءات الأخيرة بحق المغتربين والكوادر اليمنية داخل المملكة، على العلاقة بين البلدين.

وقال المعمري عبر صفحته على موقع "فيسبوك" إنه "من الواضح أنها ستترك ندوبا عميقة، لا سيما أنها جاءت في ظل ما يعانيه بلدنا من أزمة إنسانية خانقة، فرضتها حرب محلية بأبعاد إقليمية تستهدف الجميع".

وأكد البرلماني اليمني أن خطورة هذه الإجراءات المفاجئة ضد الكوادر اليمنية، وهي مستمرة في التوسع، في أنها قد تحدث جروحا عميقة في قاع المجتمع تصعب مداواتها، عوضا عن كونها ربما تدفع نحو تشكيل مزاج شعبي يخدم أجندات مشبوهة، ومضرة على المدى المتوسط بالأمن القومي للدولتين.

وفي سنوات الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، تم تسريح الآلاف من العمالة اليمنية من المملكة، تحت مبررات "السعودة".

"أبعاد سياسية ودلالات تمييزية"

فيما يرى رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي أن القرار السعودي غير المعلن يعكس أبعاد سياسية خاطئة.

وقال في تصريح لـ"عربي21" أن التوجه السعودي الأخير، يحمل دلالات تمييزية غير مقبولة، تخالف أبسط الحقوق والاتفاقيات الدولية، منها العهد الدولي للحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى اتفاقية العمال المهاجرين التي تحظي بمقر خاص لتلقي الشكاوي، واتفاقية العمل الدولية التي توجب توفير الحماية للعمال من أي تعسف.

وتابع الحميدي: الادهى أن هذه الإجراءات تخالف اتفاقية الطائف وامتدادها اتفاقية جدة التي تستوجب معاملة اليمنيين في المملكة معاملة المواطن السعودي.

أكد رئيس منظمة سام، ومقرها جنيف: "يزيد تعقيد الحرب أن هذه الإجراءات تعرض حياة العديد من الضحايا للخطر خاصة معارضين سياسة جماعة الحوثي أو الذين فرو بسبب الحرب، حيث اليمن بلد غير آمن.

وشدد في الوقت نفسه، أن السعودية شريك في حالة الأمن واللاستقرار في اليمن، وبالتالي رمي هؤلاء خارج الحدود يعني رميهم إلى الخطر.

ولفت إلى أن تلك الإجراءات ستفاقم الأزمة الإنسانية بتهديد أكثر من 700 ألف يمني، داعيا إلى مراجعة هذه الإجراءات والاحتكام للعقل وحسن الجوار والقيم الإنسانية.

كما طالب المنظمات الدولية الضغط على الحكومة السعودية لوقف هذه الإجراءات وكشف ما يتعرض له اليمنيون من إجراءات تعسفية.


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات