تعز – حمزة أمين
يبدو أن التصفيات والاعدامات لناشطين وصحفيين ورجال أمن صار سلوكا جديدا لدى المملكة العربية السعودية، ويبدو ايضا أن الصحفي السعودي خاشقجي الذي تم تصفيته من قبل السعودية ليست الجريمة الوحيدة التي ترتكب في التاريخ، بل يبدو واضحا أن السعودية لم تستفد من الدرس، فالمعلومات والدلائل تفيد بأن هناك أكثر من خاشقجي، يجري تصفيته وان لم يكن يحمل الجنسية ذاتها.
بالأمس شيع الملازم ابراهيم محمد مهيوب الشمساني إلى مثواه الأخير في مديرية مشرعة وحدنان بمحافظة تعز وسط موجة غضب ساخطة إزاء الطريقة التي قتل بها الرجل والطرف الذي ارتكب الجريمة. فالطريقة كانت استدراج واستدعاء على طريقة خاشقجي، والطرف هو السعودية والمكان هو سجن جازان، أما الزمان فقد كان الـ11 من يوليو المنصرم، والتستر عن الجريمة إلى أن تم اطلاق سراحها ووسط ضغوطات ومطالبات واسعة من قبل أهالي المجني عليه.
في حديثه لـ (.....) يشرح عبدالرحمن الشمساني، الشقيق الأكبر للمجني عليه تفاصيل القصة، ويذهب بالقول : "كان أخي يعمل ضمن القوات المشتركة بخفر السواحل في جزيرة ميون اليمنية، حيث يتم استدعاءه الى منطقة جازان السعودية لتلقي دورة تدريبية وتأهيلية في المجال العسكري".
ويتابع: "بعد عودته لمزاولة عمله في جزيرة ميون واثناء ممارسة مهامه العسكرية تمكن من ضبط قارب مخدرات حيث حاول من كانوا على متن القارب تقديم مبلغ مالي يقدر بعشرة الف دولار مقابل التستر عنهم واطلاق القارب، إلا أن القيم الوطنية التي تربى عليها شقيقي طيلة حياته دفعته لرفض الرشوة المالية وقام بإحالة القارب ومن كانوا على متنه للجهات المختصة".
وبحسب هذا الشقيق، فإن وفاء ابراهيم في مهمته تلك، خلق استحسانا لدى القيادات العسكرية لدى القوات المشتركة، الأمر الذي دفعهم الى تكريمه وترقيته الى رتبة ملازم".
لم يكن يعلم ابراهيم أن تلك الخطوة ستستمر به نحو التفوق. ولم يكن يعلم أهله أن بعد فترة وجيزة سيتحول التكريم إلى مأساة.
يقول شقيقه الاكبر، متابعا شرح القصة، إن ابراهيم منح إجازة عيد الفطر الماضي، بهدف زيارة أسرته في مديرية مشرعة وحدنان بمحافظة تعز وما ان كادت الاجازة الممنوحة تنقضي حتى تم استدعاؤه مرة أخرى، الى مقر عمله في جزيرة ميون اليمنية. كان ذلك مطلع يوليو الماضي.
وبحسب اهله انقطع التواصل مع أسرته، إذ يؤكد محمد مهيوب والد الضحية انقطاع تواصلهم مع ولدهم منذ عودته إلى مقر عمله في القوات المشتركة، "حيث أصابنا اختفاء ولدنا بالخوف والهلع ما جعلنا نبذل كل مساعينا للبحث عن ولدنا وبعد تمكننا من التواصل مع زملاء عمله تبين لنا عن استدعاء ابراهيم الى منطقة جازان السعودية وانقطاع التواصل معه". ويستطرد قائلا: "حاولنا التواصل مع قائد قوات خفر السواحل اللواء خالد القملي حيث ابلغنا بدوره عن حبس ولدنا ابراهيم في سجون الاستخبارات العسكرية السعودية بمنطقة جازان على خلفية إتهامات رفض الأخير الكشف عن اسبابها".
ويروي محمد العزي ناشط اعلامي قائلا :"حاولنا التواصل مع الجهات السعودية عبر وساطات قيادات عسكرية لنتفاجئ بإبلاغنا عن قيام الملازم ابراهيم بالانتحار بعد قيامه بشنق نفسه في السجن بتاريخ 31 يوليو الماضي.
ويتحدث يوسف محمد الشقيق الأصغر للملازم قائلا: "حاولت الاجهزة العسكرية إخفاء جثة شقيقي ورفض تسليمها لكننا تسلمنا جثة أخي بعد اصرارنا الملح لنتمكن من دفن شقيقي في مسقط راسه وحال وصول الجثة إلينا أصدرت نيابة استئناف تعز قرارها الذي يحمل الرقم(2207) بتاريخ 5_10_2019 لتشريح الجثة من قبل الطبيب الشرعي وكشف ملاباسات الوفاة".
يؤكد تقرير الطبيب الشرعي عن تعرض الملازم لـ "التعذيب الجسدي والصعق الكهربائي في انحاء متفرقة من جسده" وهي ذات الاسباب التي أدت الى وفاته
لتتكشف بذلك محاولات تهرب القوات السعودية من تسليم الجثة ليسدل بذلك الستار على أبشع جريمة ارتكبتها قوات الاستخبارات السعودية بحق ضابط يمني.
بالأمس دفن ابراهيم وسط موجة غضب ساخطة لهذه الجريمة النكراء، ووسط مطالبات من أهالي الضحية للحكومة اليمنية والقوات المشتركة في الجانب السعودي لتسليم الجناة والتحقيق معهم، لكن الجهات المذكورة اكتفت بالصمت وتجاهل مطالب أهالي الضحية.
دفن الملازم اليمني فيما لم تدفن قضيته وهو ما يثير تساؤلات عدة لعل أهمها هل يكون صمت الحكومة اليمنية يجعلها شريكا في تصفية المجني عليه ليظل وصمة عار تلاحقهم جميعا أم أن قضيته ستشكل منحنى للكشف عن مصير العشرات من الجنود اليمنين في سجون الموت السعودية؟!
نقلا عن الموقع بوست
التعليقات