سقطرى بوست – معاذ الشرعبي – تقرير خاص
لم يكن يعلم عادل أحمد أن فرحته بحصوله على منحة علاجية لابنته سعاد(9 أعوام) المصابة بالسرطان، إلى الأردن ستتكسر على صخرة مصلحة الهجرة والجوازات اليمنية. ففي الـ5 من مارس الماضي أعلنت مصلحة الهجرة توقف إصدار الجوازات في جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية، وحتى اليوم لا تزال الجوازات غائبة ومتوقفة.
مصلحة الهجرة والجوازات كانت قد قالت حينها إن سبب إيقاف اصدار الجوازات يعود إلى "نفاد الأوراق الخاصة بالجوازات". في حين كشفت مصادر مطلعة لـ "سقطرى بوست"، عن أن العجز في توفير دفاتر جوازات السفر يعود إلى "صراع بين رئيس المصلحة للهجرة ونافذين على صفقة مالية مع شركة أوروبية لطباعة كميات كبيرة من دفاتر الجوازات".
ويتحدث معنيون في مصلحة الهجرة، عن توفر عدد من الجوازات في بعض مناطق الشرعية، للحالات الطارئة، للمرضى المحتاجين للسفر، والطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج، ولكن لو كان حديث المصلحة هذا صادقا لكان عادل أحمد حصل على جواز له ولأبنته المصابة بالسرطان والذي أكد لـ "سقطرى بوست"، أنه لم يتمكن من الحصول على ذلك رغم محاولاته المستمرة.
حملة مطالبة في مواقع التواصل الاجتماعي
قبل يومين قاد ناشطون وسياسيون ويمنيون حملة مطالبة بالجوازات في مواقع التواصل الاجتماعي، وتداولوا هيشتاج تحت اسم "اين الجوازات".
ووصل عدد المتفاعلون خلال يوم واحد من الحملة إلى ما يقارب نصف مليون متفاعل في موقع "تويتر" فقط، إضافة إلى الاف اليمنيين تفاعلوا مع الحملة في كل من "فيس بوك" وبقية المواقع الأخرى.
أسوأ جواز سفر في العالم هو الأغلى تكلفة
والواقع، وطبقا لمصادر، هو أن هناك عددا من كمية من الدفاتر، ويتم المتاجرة بها من قبل القائمين على مصلحة الهجرة والجوازات. والحصول على جواز يحتاج إلى دفع تكاليف باهظة تصل إلى 300 الف ريال يمني ( 600 دولار أمريكي). وهكذا أصبح أسوأ جواز سفر في العالم هو الأغلى تكلفة.
وتتراكم معاملات الالاف من اليمنيين في فروع مصلحة الهجرة والجوازات، حيث أن فروع المصلحة مستمرة في انجاز الإجراءات الأولية، إلى أن تأتي دفاتر الجوازات والتي يقال إنه كان من المفترض قد وصلت، طبقا لمصادر مطلعة في هجرة عدن تحدثت إلى "سقطرى بوست"، ولكنها تأخرت لأسباب غير معروفة وواضحة، سوى تلك المعلومات التي تقول إن سبب التأخير يعود إلى أخطاء مطبعية في دفاتر الجوار.
أزمة جديدة تضاف إلى قائمة الأزمات اليمنية، بل إلى قائمة النكبات والخذلان المستمر. الالاف من الناس عالقين بسبب هذا التوقف، فهناك من فقد فيزا عمل واخر فقد منحة علاجية وثالث فقد مقعدا دراسيا.
حواجز عنصرية وأمنية
وإلى جانب العدد الهائل من المعاناة التي تتراكم أمام اليمنيين، تأخذ معاناة إصدار جواز سفر لوحدها اشكالا مختلفة تجمع بين الاذلال والابتزاز. ومنذ بداية الحرب اتبعت حكومة هادي سياسة مزدوجة، وفرضت إجراءات أمنية على من يرغب الحصول على جواز سفر، وأحرمت ناشطين ومعارضين وسياسيين من الحصول على جوازات. وأكد يمنيون لـ" سقطرى بوست"، أن كل الإجراءات التي تجري في مصلحة الهجرة "مستفزة ومناطقية ولا يمكنك أن تحصل على جواز دون ابتزاز". إضافة إلى أن يمنيون تم احتجازهم في نقاط امنية ومنعوا من الوصول إلى مصلحة الهجرة في مناطق سيطرة التحالف، وتم ارجاعهم إلى صنعاء وغيرها من المحافظات الأخرى.
وكانت حكومة هادي أصدرت، إبان رئاسة أحمد عبيد بن دغر رئاسة الحكومة، قراراً يقضي بمنع التعامل مع الجوازات الصادرة من المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وعدم قبولها للسفر أو الحجز، على أن يتم قبول الجوازات الصادرة من المناطق المحررة فقط.
وعلى خلفية توقف اصدار الجوازات طالب يمنيون حكومة "الشرعية"، برفع الحظر المفروض على فروع مصلحة الهجرة والجوازات في مناطق جماعة الحوثي، بعد توقف إصدار جوازات السفر في المناطق المحررة.
شرعية عاجزة
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن مطلع 2015، انهارت المؤسسات الحكومية وخرجت عن الخدمة. في حين من عادت إلى العمل عادت وسط عشوائية وفساد مالي وادري لا حدود له.
وبحكم أن شرعية أية سلطة حاكمة ترتبط بشكل مباشر بمستوى الخدمات العامة التي تقدمها لمواطنيها، بغض النظر عن طريقة وصول هذه السلطة إلى الحكم، فأن شرعية هادي تموت يوميا، وتقف أمام مأزق حقيقي، بسبب عدم قدرتها على تقديم أي خدمة للمواطنين لا في المناطق الواقعة تحت سيطرتها ولا في بقية مناطق اليمن كله.
وفي المناطق التي تدعي حكومة "الشرعية" السيطرة عليها، ليس فقط غياب الخدمات من يمثل تحديا حقيقيا أمامها بل إن غالباً ما يتجاهل زعماء وقادة محليون سياساتها، بل ويرفض قادة عسكريون أوامرها وهناك من يهاجمها علانية.
وتعجز سلطة "الشرعية" عن اتخاذ أي قرار، في حين أن الرئيس هادي عالقا خارج البلاد ولم يستطيع السفر أو العودة إلى اليمن منذ فترة طويلة. ويبدو أن توقف اصدار الجوازات في اليمن حالها كحال الرئيس هادي تماما.
التعليقات