[ اتفاق الرياض عزز السيطرة الاماراتية على السواحل والجزر اليمنية ]
قالت صحيفة "القدس العربي"، اليوم الثلاثاء، إن حقائق الاحتلال الإماراتي لمناطق واسعة في جنوب اليمن لا تكف عن الافتضاح على أصعدة سياسية وعسكرية واقتصادية.
وأفادت الصحيفة في افتتاحيتها لا تفلح التفاهمات الإقليمية، على غرار اتفاقية الرياض الأخيرة، إلا في تعزيز تلك الحقائق وإحكام القبضة الإماراتية على السواحل الغربية ومضيق باب المندب وجزيرة سقطرى، سواء بصفة مباشرة أو عبر المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبو ظبي.
وأضافت أن أشكال الهيمنة لم تعد تقتصر على بسط النفوذ أو احتلال المناطق أو استغلال الثروات المختلفة، بل تعدتها إلى تحويل منشآت حيوية صناعية أو اقتصادية إلى سجون ومعتقلات ومعسكرات.
وأشارت إلى أن ذلك هو حال منشأة بلحاف الغازية الواقعة في محافظة شبوة، والتي أنشئت كمشروع استراتيجي لتخزين الغاز الطبيعي المسال وتصديره، وتكلفت 4.5 مليار دولار لأنها احتوت على مرافق حيوية وخدمية وميناء ومدرج مطار، وكان يُنتظر منها تأمين موارد للخزينة اليمنية تتجاوز 6 مليارات دولار.
وبحسب الصحيفة: لكن سلطات أبو ظبي لم تكتف بتحويل المنشأة إلى معسكر، بعد تعطيل وظائفها الأساسية التي يتوجب أن تؤمن مداخيل من العملة الصعبة بالغة الضرورة، بل حولتها أيضاً إلى سجن كبير ومعتقل يشهد ارتكاب أبشع أصناف التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.
وبينت الصحيفة: أن مظاهرات شعبية شهدتها مناطق عديدة في جنوب اليمن تطالب برفع اليد الإماراتية عن ثروات البلاد، ومن ضمنها منشأة بلحاف الغازية الاستراتيجية، في الوقت الذي توجه محافظ شبوة بطلب صريح إلى أبو ظبي بالخروج من المنشأة والسماح بإعادة تشغيلها طبقاً لوظيفتها الأصلية، خاصة وأن موازنة الدولة اليمنية تعتمد بنسبة 60٪ على عائدات الغاز.
وتابعت: لكن هذه المطالب والمناشدات ذهبت أدراج الرياح لأن هدف الإمارات من تعطيل عمل المنشأة هو على وجه الدقة الحيلولة دون أن تتكفل صناعة الغاز بتقوية موارد الحكومة المركزية في مواجهة المجلس الانتقالي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا السلوك ليس غريباً على السياسات التي تعتمدها الإمارات في جنوب اليمن، وليس فيه من جديد سوى تنويع هنا أو هناك على أساليب الهيمنة وبسط النفوذ والتطويع وشق الصفوف، وسوى ذلك من خيارات اعتمدتها أبو ظبي تحت ستار الشراكة مع السعودية في حرب ما يسمى بـ«التحالف العربي» لدعم حكومة عبد ربه منصور هادي ضد الحوثيين.
وذهبت الصحيفة إلى أنه رغم الافتراق الواضح الذي بات يطبع المشروع الإماراتي في الجنوب، بالمقارنة مع المشروع السعودي في الشمال، فإن انكشاف المزيد من الحقائق بصدد المشروع الإماراتي لم يعد خافياً على أحد، ولا يثير الجديد فيه أي عجب أو استغراب.
واستدركت بالقول: لكن الغريب في ملف منشأة بلحاف هو موقف شركة الطاقة الفرنسية العريقة توتال، التي تحصل على 40٪ من واردات المنشأة وهي ملزمة قانوناً بعدم السكوت عن أيّ تغيير جوهري في وظائف المنشأة، فكيف إذا جرى تحويلها من مشروع للغاز والطاقة إلى معسكر ومعتقل ومنشأة تعذيب.
وأكدت أن ذلك هو محتوى المساءلة التي وجهها 51 نائباً فرنسياً إلى وزير الخارجية الفرنسي، وهو أيضاً مضمون رسالة منظمة «أصدقاء الأرض» التي اتهمت الحكومة الفرنسية بالتواطؤ على ما يجري في منطقة شبوة عموماً، ومنشأة بلحاف بصفة خاصة.
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها قائلة: بيد أن الـ3.5 مليار، قيمة عقود الأسلحة الفرنسية إلى الإمارات، لها الكلمة العليا في نهاية المطاف، حتى في فرنسا، بلد حقوق الإنسان وشرعة المواطن.
التعليقات