الخبر من عمق المحيط

هل ينذر الانهيار الاقتصادي بـ"ثورة جياع" في اليمن؟

هل ينذر الانهيار الاقتصادي بـ"ثورة جياع" في اليمن؟
سقطرى بوست -  وكالات/ الخليج أونلاين السبت, 12 ديسمبر, 2020 - 09:41 مساءً

يتلقّى المواطن اليمني ضربات كثيرة وموجعة؛ بين أزمات اقتصادية وصحية، وسط انخفاض في القدرة الشرائية، وتراجع العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية، بسبب استمرار حربٍ تدور رحاها في البلاد منذ 6 سنوات.

 

ومع تدهور الوضع الاقتصادي بدأت الاحتجاجات الشعبية تعود في بعض مناطق البلاد، ما ينذر بثورة جياع قد تشهدها البلاد، مع تحذيرات أممية تقول إن اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

ويبدو أن أطراف الصراع في اليمن؛ المتمثلة بالحكومة اليمنية وحليفها تحالف دعم الشرعية باليمن، إضافة إلى مليشيا الحوثيين و"الانتقالي" المدعوم إماراتياً، لا يبالون بمعاناة المواطن اليمني، ما قد ينذر بكارثة لا يمكن تداركها خلال الفترة القادمة.

احتجاجات شعبية

 

تتجه العملة اليمنية نحو انهيار تاريخي بعد فقدان السيطرة على القطاع المصرفي وكسر الدولار الأمريكي حاجز الـ900 ريال، ما دفع المواطنين للخروج عن صمتهم وتنظيم احتجاجات تطالب بإصلاحات عاجلة.

 

تشهد مدينة تعز بشكل مستمر منذ أسابيع احتجاجات ضد انهيار العملة، وكان آخرها في 12 ديسمبر 2020، بعدما خرجت تظاهرة كبيرة تنديداً بتدهور العملية المحلية، وغياب الدور الحكومي عن القيام بإجراءات عاجلة توقف النزيف المستمر لعملة البلاد.

 

ويطالب المتظاهرون في مسيرات أطلق عليها اسم "ثورة الجياع" الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تدهور العملة، رافعين شعارات تندد بالتحالف والأحزاب السياسية.

 

كما شهدت مدينة المكلا عاصمة حضرموت (جنوب شرق) مظاهرات منددة أيضاً بتدهور الريال والوضع الاقتصادي، في وقتٍ شهدت فيه مدينتا لحج والضالع إضراباً عن العمل وإغلاقاً للمحلات التجارية للتنديد بالوضع الاقتصادي المتدهور.

 

انهيار تاريخي للريال

 

توالت انهيارات العملة اليمنية أمام الضربات السياسية والاقتصادية التي تلقتها تباعاً كمحصلة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وغياب مؤسسات الدولة، والانقسام الحاصل في المؤسسة والسياسة النقدية في البلاد، وتحول الورقة الاقتصادية إلى أداة للصراع بين الأطراف المتحاربة في البلاد.

 

ومنذ مطلع 2020، فقد الريال اليمني نحو 28% من قيمته، خصوصاً في المحافظات الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الاقتصادي المتعثر وارتفاع أسعار السلع وتزايد أعداد المعتمدين بشكل كلي على المساعدات.

 

وسجّل الريال اليمني، في 12 ديسمبر، 920 ريالاً أمام الدولار الواحد في مناطق سيطرة الحكومة، بعد أن كان قد شهد تحسناً نسبياً، أواخر سبتمبر الماضي، بتسجيل 770 ريالاً أمام الدولار الواحد.

 

وفي العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون ما زالت أسعار الصرف ثابتة عند 599 ريالاً أمام الدولار الواحد، في حين ارتفعت أسعار السلع خلال الأسابيع والأشهر الماضية إلى 40% و80% عما كانت عليه قبل 3 أشهر، فيما تشهد الخضراوات ارتفاعاً بنسبة 100%.

مسؤولية الحكومة والتحالف

 

يؤكد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، أن اليمن يعيش حالة جوع ومؤشرات تؤكد أن هناك "مجاعة كبيرة في أكثر من مكان في البلاد".

 

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول نصر: "لا أعرف أين ستكون تداعيات ذلك، ومن غير الواضح ما هي الخطوة القادمة التي ستكون بعد هذا التردي في سعر العملة الذي وصل إلى إنهيار غير مسبوق".

 

ويؤكد أن استمرار التدهور الاقتصادي "ستكون له تداعيات كبيرة جداً على الصعيد الإنساني والاقتصادي"، محملاً في حديثه لـ"الخليج أونلاين" المسؤولية "للحكومة بكافة مكوناتها، سواء كان البنك المركزي أو الحكومة أو الرئاسة، طالما ارتضوا أن يكونوا في مستوى المسؤولية".

 

كما حمل في حديثه لـ"الخليج أونلاين" التحالف العربي (تحالف دعم الشرعية) "جزءاً مهماً من المسؤولية؛ لكونه يسيطر على كثير من أجزاء البلد ويتحكم في قراراته، إضافة إلى الأطراف الدولية التي لها تدخل في الشأن اليمني".

 

ويعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن هشاشة السلطة القائمة "هو التحدي الأكبر؛ حيث إن الناس لا يجدون حكومة حقيقية على الأرض، ولا يستطيعون التعامل معها ومساءلتها"، مضيفاً: "من الأهمية بمكان أن تكون هناك حكومة ومؤسسة على الأرض تتم محاسبتها ومساءلتها عن الانهيار الحاصل".

 

وأضاف: "مؤلم أن يتعرض اليمني لهذا الوضع ولا يجد حكومة ولا مسؤولاً على الأرض يتحرك لإنهاء أزمة كبيرة كهذه".

غضب لا يتوقف

 

لم يكن الغضب الشعبي فقط في الميدان، بل وصل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة؛ فقد دشن ناشطون حملة تحت وسم "أنقذو_الريال_اليمني".

 

يعتقد صالح روبان أن تدهور الريال اليمني في مناطق الحكومة الشرعية "أخطر من حرب الحوثيين عليهم"، مشيراً إلى أن إيرادات الموانئ والغاز والبترول وغيرها كلها بيد التحالف والمحافظين.

 

التحالف واقتصاد اليمن

 

يعتمد الاقتصاد اليمني على القطاع النفطي بشكل كبير، منذ اكتشافه منتصف ثمانينيات القرن الماضي، كمورد رئيسي لسلّة النفقات العامة؛ إذ تشكّل العائدات النفطية 70% من موارد الموازنة العامة للدولة، و63% من إجمالي صادرات البلاد، كما تشكل عائداته 90% من النقد الأجنبي.

 

وتعاني الحكومة اليمنية من عجز كبير في مواردها المالية بسبب تأثر إيراداتها النفطية وغير النفطية نتيجة أزمة كورونا، وتعطيل الإمارات للموانئ، بالإضافة إلى الانخفاض الحاد في تحويلات المغتربين إلى اليمن لتأثر أعمال أغلبيتهم في دول الاغتراب، وإغلاق المنافذ البرية والبحرية من التحالف.

 

ولا يملك البنك المركزي اليمني سوى أموال قليلة من النقد الأجنبي، المتمثلة في جزء من الوديعة السعودية التي تقدر بملياري دولار ترفض المملكة تجديدها في ظل ظروف صعبة تمر بها المملكة جراء أزمة كورونا.

 

وباءت التحركات التي قامت بها الحكومة اليمنية لتجديد الوديعة السعودية، أو رفع يد الإمارات عن ميناء بلحاف الاستراتيجي في شبوة (جنوب شرق)، وميناء الضبة النفطي في حضرموت (شرق) لإعادة التصدير وتوفير موارد مالية، باءت حتى الآن بالفشل.

 

ويعاني اليمن عجزاً كبيراً في العملة الصعبة من الدولار، الأمر الذي يجعله غير قادر على مواجهة المتطلبات المتعلقة بتوفير العملة الصعبة للتجار للاستيراد.


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات