بدأ العام الثاني لاتفاق الرياض أمس الجمعة بشأن حل الإشكال بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي ذي التوجه الانفصالي، في حين أن الحكومة السعودية لم تستطع تنفيذ هذا الاتفاق الذي رعته بين الجانبين وتعهدت بالإشراف على تنفيذه ميدانياً في جوانبه العسكرية والأمنية والسياسية، والذي لم يتحقق أي بند منه حتى اللحظة، وفي مقدمة ذلك التشكيل الحكومي الذي أصبح معضلة كبرى تواجه السلطة الشرعية في اليمن.
ومرت الذكرى الأولى للتوقيع على اتفاق الرياض أمس الأول الخميس، حيث تم توقيعه بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي باحتفائية كبيرة من السعودية لإنهاء الأزمة العسكرية والأمنية والسياسية التي طرأت بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، والذي انقلب على السلطة الشرعية في العاصمة الحكومية المؤقتة عدن وسيطرت ميليشياته عليها في آب/ أغسطس من العام الماضي بدعم عسكري ومادي من القوات الإماراتية التي كانت حينذاك مرابطة في منطقة البريقة بمحافظة عدن.
وما زال الانتقالي يسيطر عسكرياً وأمنياً على عدن ولا يعترف بما تم التوقيع عليه في الرياض ورغم أن الاتفاق كان يتضمن برنامجاً زمنياً محدداً بشهر لتنفيذ أبرز بنوده، وفي مقدمة ذلك سحب الميليشيا التابعة للمجلس الانتقالي من محافظة عدن كخطوة أولى لتطبيع الأوضاع العسكرية والأمنية فيها وبالتالي تشكيل حكومة ائتلافية يشارك فيها الانتقالي الجنوبي بحقائب وزارية محدودة، غير أن أياً من ذلك لم يتم، وظل الانتقالي الجنوبي يتنصل من التزاماته ويتهرب من تطبيق البنود المتعلقة به في الجانبين العسكري والأمنية، وهو ما يعني أنه ضرب عرض الحائط باتفاق الرياض وبمضامينه التي وقّع عليها، ووضع المملكة العربية السعودية في وضع حرج في هذا الجانب.
واضطرت السلطات السعودية إلى احتواء الموقف مجدداً بالإعلان نهاية تموز/ يوليو الماضي من جانبها عن التوصل إلى آلية التسريع بتنفيذ اتفاق الرياض بين الجانبين اليمنيين، الحكومة والانقلابيين الجنوبيين، وأعطت أيضاً سقفاً زمنياً جديداً لتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة في غضون شهر أيضاً انتهى مع نهاية آب/ أغسطس الماضي، وما زال التعثر قائماً حتى اللحظة بشأن التشكيل الحكومي الذي يبدو أنه سيطول كثيراً، وفقاً للمؤشرات والمعطيات على أرض الواقع.
وما زال المجلس الانتقالي يسيطر عسكرياً وأمنياً على محافظة عدن وبعض المحافظات المجاورة لها، ولا يعترف بما تم التوقيع عليه في الرياض، سواء ببنود الاتفاق أو بآلية تسريع تنفيذه، وما زالت الأجهزة الأمنية والميليشا المسلحة والوسائل الإعلامية التابعة للمجلس الانتقالي تتعامل مع الوضع كما لم يكن هناك اتفاق، بل واستمرت الميليشيا الجنوبية في استحداثاتها العسكرية خلال العام الأول من اتفاق الرياض وسيطرت خلاله على جزيرة سقطرى وحوّلت الجزيرة إلى مستعمرة إماراتية خارجة عن سلطة الحكومة الشرعية اليمنية تماماً.
ووفقاً للعديد من المراقبين، لا تلوح في الأفق أي بوادر لحلحلة الأزمة الراهنة بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي بسبب الدعم الإماراتي اللامحدود للطرف الثاني، كما ازدادت الأمور تعقيداً بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في المناطق الشمالية من البلاد، التي انقلبت على السلطة الشرعية نهاية العام 2014 بدعم من الوحدات العسكرية التي كانت موالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وذكروا لـ»القدس العربي» أن «فشل السعودية في تنفيذ اتفاق الرياض بشأن ترتيب الوضع في المحافظات الجنوبية المحسوبة على الحكومة الشرعية أفقد الرياض الهيبة السياسية بعد أن دمّر سمعتها التعثّر العسكري في المحافظات الشمالية ضد الميليشيا الحوثية، وهو ما وضع التحالف العربي، الذي تقوده السعودية في اليمن، محل شبهة ومحل شك في صدق نواياه باتجاه إعادة الشرعية للبلاد».
ويعتقدون أنه إذا استمر الوضع في محافظة عدن على هذا النحو فإنه لن تقوم للحكومة الشرعية أي قائمة هناك، وستسهم تلك الأوضاع في تمزيق اليمن إلى دويلات متناحرة، إحداها بيد الانتقالي الجنوبي بدعم من دولة الإمارات، والثانية في قبضة جماعة الحوثي بدعم من إيران، والثالثة تحت سلطة الحكومة الشرعية المدعومة صورياً من السعودية.
وبينما سيطر الطرفان الأول والثاني على مدينتي عدن وصنعاء كعاصمتين لهما، ستواجه الحكومة الشرعية صعوبة بالغة في الاستقرار بمدينة كبيرة آمنة لتعلنها عاصمة لها. وانتهى العام الأول من اتفاق الرياض يجر أذياله بخيبة أمل كبيرة لليمنيين، ليبدأ العام الجديد محمّلاً ومثقلاً بأعباء العام الراحل الذي قد لا يحالفه الحظ في إحداث خرق في جدار الأزمة الجنوبية كما كان قد سبقته السنوات الماضية من خيبات الأمل في إنهاء الأزمة مع جماعة الحوثيين وإنهاء الحرب اليمنية.
التعليقات