الخبر من عمق المحيط

شيخ مشايخ سقطرى : سنقاوم الاحتلال الإماراتي وندعم الشرعية .. (حوار)

شيخ مشايخ سقطرى : سنقاوم الاحتلال الإماراتي وندعم الشرعية .. (حوار)

[ شيخ مشايخ سقطرى : سنقاوم الاحتلال الإماراتي وندعم الشرعية .. (حوار) ]

سقطرى بوست -  الجزيرة نت الإثنين, 22 يونيو, 2020 - 09:06 مساءً

قال شيخ مشايخ سقطرى عيسى بن ياقوت إن أبناء جزيرة سقطرى لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء العبث الذي تمارسه الإمارات عبر ما يسمى "المجلس الانتقالي" الذي اقتحم خلال الأيام الماضية المدينة، وسيطر على جميع مؤسساتها.

وأكد بن ياقوت في حوار خاص مع الجزيرة نت أن المجلس الانتقالي كان ولا يزال ضعيفا، ولكن الذي جعله يتفوق على السلطة المحلية هو بسط يده على سلاح الدولة، وأيضا التمويل الإماراتي الذي مكنه من شراء الذمم وضعاف النفوس.

وطالب الحكومة الشرعية باتخاذ قرار شجاع لتجنيب سقطرى كل أنواع العنف والفوضى لكونها محمية طبيعية، وسرعة العمل على استعادة مؤسسات الدولة وإخراج القوات السعودية والإماراتية من الجزيرة.

وتحدث بن ياقوت للجزيرة نت عن بداية النفوذ الإماراتي خلال الفترات الماضية وأبرز ممارساته العبثية، وأيضا مطامع الإمارات بالموقع الحيوي الذي تتمتع به الجزيرة.

وفيما يلي نص الحوار:

لنبدأ من حيث انتهت إليه الأحداث، لو تحدثنا عن أهمية جزيرة سقطرى بالنسبة للتحالف السعودي الإماراتي؟

- لجزيرة سقطرى أهمية عظمى، فهي تعد من أبرز مواقع التراث الإنساني العالمي، وتحتل موقعا إستراتيجيا تلخصه مقولة مشهورة "من يسيطر على سقطرى يتحكم عسكريا وتجاريا بمفاتيح البحار السبعة الرئيسة في العالم، وهي تمثل نقطة التقاء بين المحيط الهندي وبحر العرب. كما أنها تقع عند مخرج ممر مزدحم للنقل البحري يربط بين البحر المتوسط والمحيط الهندي.

ويمكن لأي دولة تمتلك قاعدة عسكرية في سقطرى أن تصبح المسيطرة على مضيقي "هرمز" وباب المندب، الذي بدوره يؤثر على الملاحة في قناة السويس ومضيق ملقا، (الفاصل بين إندونيسيا وماليزيا) كما تصنف سقطرى من أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي، وتعتبر موطنا لآلاف النباتات والحيوانات والطيور، منها 13 نوعا لا توجد في أي مكان في العالم، حسب دراسة لمنظمة حماية الطيور الدولية.

برأيك، ما المطامع التي تسعى أبو ظبي تحديدا لتحقيقها من خلال دعم قوات الانتقالي التابع لها من السيطرة على سقطرى؟

- نظرا لأن الجزيرة تتمتع بعدد من المزايا الجيوسياسية وسيطرتها من خلال موقعها الجغرافي على الممرات الدولية للتجارة العالمية، ولأهميتها الإستراتيجية التي تقع في نهاية خليج عدن وإشرافها على الطريق الملاحي باتجاه القرن الأفريقي وغرب المحيط الهندي وبالقرب من خطوط التجارة العالمية، كل ذلك جعلها محل أطماع الإمارات، كما أنها شكلت عمقا إستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا للعديد من القوى الدولية عبر التاريخ القديم والحديث.

لو تحدثنا عن البدايات الأولى لنفوذ الإمارات في سقطرى، وكيف اشترت الولاءات واستقطبت الأهالي؟

بعد أن ضرب إعصارا "تشابالا" و"ميغ" جزيرة سقطرى والمحافظات الشرقية لليمن في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بدأت نية أبو ظبي في ترسيخ نفوذها في الجزيرة تتكشف مع وصول مجموعة من الضباط العسكريين تحت غطاء العمل الخيري، بينهم مندوب "مؤسسة خليفة"، خلفان مبارك المزروعي، المكنى بـ"أبو مبارك"، الرجل الأول للإمارات في الجزيرة بعد شخص يدعى بوطارق.

وبعد مرور عامين على وصولهم، باتت سقطرى أشبه بمقاطعة إماراتية خارج الحدود، مع تلاشي دور الحكومة والسلطات المحلية فيها. وقد اتخذ الفريق الإماراتي فور وصوله خطوات مهدت لـ"ابتلاع" الجزيرة، وفي مقدمتها شراء ذمم وولاءات المسؤولين.

وفي هذا السياق، منحت الإمارات سيارات من نوع "ستيشن لكسز" للمحافظين السابقين سعيد باحقيبة وسالم السقطري الذي أقيل عقب انضمامه للمجلس الانتقالي. كما أهدت سيارات من النوع ذاته للمحافظ الراحل أحمد عبد الله السقطري. وتجاوز شراء الذمم عند المحافظين إلى مديري المرافق الحكومية وبعض القيادات العسكرية ومشايخ القبائل.

ثم شكلت مجالس خاصة بمناصريها وأصبحوا منفذين لخططها حتى انتهى بها المطاف للسيطرة على الجزيرة.

ما أبرز الممارسات التي تحاول أبو ظبي تطبيقها من خلال سيطرتها على الجزيرة؟

أحكمت الإمارات سيطرتها على مطار سقطرى أمنيا وإداريا، حيث تشرف على دخول وخروج شحنات مغلفة من الجزيرة عبر المطار من دون رقابة أو تفتيش من الجمارك، كما افتتحت شركة طيران باسم "روتانا"، وتقوم برحلات عدة أسبوعيا من أبو ظبي إلى سقطرى، من دون العودة إلى الجهات المعنية في الحكومة اليمنية.

كما عملت، عبر المزروعي، على شراء أراض بمساحات شاسعة في السواحل قرب الميناء وأخرى في منطقة نوجد جنوب الجزيرة، إضافة إلى الاستيلاء على مساحات في محمية دكسم، وهي محمية يمنع البناء عليها بموجب القانون اليمني.

ولم يتوقف النفوذ الإماراتي بسقطرى عند السيطرة على المنشآت الحيوية فقط، بل تجاوزها إلى التحكم في المفاصل الاقتصادية، كالاتصالات والسياحة، حيث افتتحت الإمارات شبكة اتصالات في مديريتي حديبو وقلنسية، وما زالت تحاول التوسع لتغطية جميع مناطق سقطرى.

إلى جانب ذلك، أسست الإمارات شركة سياحية تابعة للمزروعي، واستقدمت حافلات سياحية بهدف السيطرة على القطاع السياحي في الجزيرة، كما افتتحت محطة وقود لبيع المشتقات النفطية في سقطرى.

حاليا، ما مدى قدرة أهالي سقطرى على التصدي للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وما خياراتهم في ذلك؟

بما أن الحكومة برمتها عاجزة عن التصدي لهذا المشروع الاحتلالي خصوصا وأن التحالف السعودي بات شريكا صامتا لحاجة يريدها في قرارات نفسه، لا شك أن المواطنين ليس باستطاعتهم مواجهة دولة بعدتها وعتادها.

ولكننا نؤكد أننا نرفض العبث بوطننا واحتلاله ولن نسمح لأي محتل بأن يستقر على أرضنا وسنظل مقاومين لهم من خلال الاعتصامات ونوجه مطالبنا إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بما فيها اليونسكو وكل من يهمه الأمر.

بماذا تفكر القبائل والمكونات الرافضة للمجلس الانتقالي حاليا بعد سيطرته على مركز المحافظة؟ هل نتوقع أن تشهد الجزيرة موجة عنف خلال الأيام القادمة؟

باعتقادي لن يقف أبناء أرخبيل سقطرى مكتوفي الأيدي، الصراع سيطول أمده إن لم تتدخل الحكومة وتعمل على استعادة الدولة مؤسساتها.

أبناء سقطرى دعاة سلم، لكن لن يستسلموا لبيع أرضهم ويرفضون كل أنواع الاحتلال وسيواجهونه ولو بصدور عارية.

ونحن سنقف إلى جانبهم ومعنا كل الشرفاء والأحرار والوطنيين من أبناء الوطن في شماله وجنوبه.

هناك من يتحدث عن خلاف سعودي إماراتي في سقطرى، ما صحة هذا الأمر؟ أم أن هناك تبادلا في الأدوار وتنسيقا للمصالح؟

من خلال مشاهدتنا للوضع لا يوجد خلاف بينهما فقط مجرد تبادل أدوار مما جعلنا نؤكد ذلك أولا استيلاء المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على كتائب عسكرية شرعية ولم يكن هناك أي ردة فعل من قوات الواجب السعودي، وثانيا استيلاء المجلس الانتقالي على سلاح الدولة ولم نر هناك أي ردة فعل من قبل قوات الواجب المرابطة في سقطرى، مع أن باستطاعتها استعادة ما سيطروا عليه في لحظات.

وثالثا، استقدام المجلس الانتقالي عناصر من خارج سقطرى إلى اللواء الذي سيطر عليه ولم تقم القوات السعودية بردهم، فقط أمهلتهم في إحدى الليالي ساعتين كتمويه للسلطة المحلية ومرت بعدها أسابيع وما زالوا في سقطرى.

وقد أبرمت السعودية اتفاقيات بين المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا والسلطة المحلية، لكنها تُخرق من قبل المجلس الانتقالي، وهو ما حدث عدة مرات ولم يكن هناك أي ردة فعل، كما لم يصدر أي بيان من قبل قوات الواجب أو تصريحات حول من يفتعل المشاكل، وهم يرون أن المجلس الانتقالي هو سبب كل ذلك.

ولذلك أنا اقول بناء على هذه الشواهد إنه ليس هناك أي خلاف بين السعودية والإمارات في سقطرى.

ما مبررات القوات السعودية لعدم تدخلها في إيقاف المجلس الانتقالي بسقطرى؟

أعتقد أنه لا داعي للتوقف عند المبررات في الوقت الذي نرى فيه الحقائق على الأرض من خلال الدور الذي قامت به قوات الواجب السعودي في اليوم نفسه الذي اقتحم فيه الانتقالي عاصمة سقطرى حيث سحبت كل نقاطها المتمركزة على مداخل العاصمة والتي تمنع الانتقالي من دخول العاصمة وذلك لإتاحة الفرصة لهم للدخول.

وأيضا بقيت القوات السعودية تشاهد قصف الانتقالي لبيوت العاصمة بكل أنواع السلاح المتوسط والثقيل من داخل مركز الأمن العام الذي يبعد عنهم 10 أمتار دون تحريك ساكن، بل سحبت عتادها العسكري في اليوم نفسه وتحميله على باخرة ومن ثم نقله عبر البحر الى خارج الجزيرة. 

هل لديكم أي اتصالات مع الجانب السعودي وكذلك الرئاسة اليمنية والحكومة؟

ليس لدينا أي تواصل مع الجانب السعودي، لكننا تواصلنا مع الرئاسة والحكومة الشرعية ولا حياة لمن تنادي.

ما حجم المجلس الانتقالي على الأرض في سقطرى، خصوصا بعد سيطرته على إدارة الأمن والمحافظة؟

الانتقالي حجمه كان وما زال ضعيفا جدا غير أن ما جعله يتفوق على السلطة المحلية هو بسط سيطرته على سلاح الدولة، وبمعية المال الإماراتي الذي قرب منه بعض المرتزقة.

فالشعب السقطري بكافة أطيافه السياسية والاجتماعية والثقافية متمسكون بالشرعية ولو أنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الضياع.

هل هناك قوات إماراتية في سقطرى؟ وما حجمها وما طبيعة السلاح الذي يمتلكه الانتقالي؟

نعم هناك ضباط إماراتيون يعملون تحت غطاء إنساني من خلال مؤسسة خليفة بن زايد، وهناك أعداد كبيرة من الهنود والباكستانيين يعملون تحت أوامر الضابط الاستخباراتي خلفان المزروعي.

أما من ناحية السلاح، فقد استحوذ الانتقالي على ما تملكه سقطرى من سلاح دخلها منذ إنشاء أول معسكر في الجزيرة، وقد حصل ذلك بمعية المتمرد ناصر قيس الذي سلم لهم اللواء بكل سهولة بما فيه من عتاد عسكري.

ما مستقبل القيادات في السلطة المحلية بسقطرى؟ هل تعتقد أن الأمور قد تذهب نحو تشكيل سجون أو اغتيالات كما هو حاصل في مناطق الجنوب وعدن؟

لا أعتقد ذلك، سقطرى لا يسمح أهلها أن يحدث ذلك مهما كلفهم الثمن، ونحن نعلم جيدا أن المخالفين لسياستهم دوما لن يدعوه يسلم، لكن نحن نعول كثيرا على إخواننا السقطريين الموالين للمجلس الانتقالي أنهم لن يرضوا بأن تصبح سقطرى محل اغتيالات واعتقالات. 

لأول مرة سمع أهالي سقطرى الرصاص في جزيرتهم، كيف يعيشون حاليا؟ وهل من مخاوف لنشر الفوضى كما في بقية مدن الجنوب التي أعلن فيها الانتقالي الإدارة الذاتية؟

نعم ما حدث في صبيحة الجمعة الماضية، وللأسف أن أغلب المصائب التي تحدث في سقطرى تصادف يوم الجمعة، فما حدث في ذلك اليوم الذي أقبلت فيه قوات المجلس الانتقالي لاقتحام مدينة حديبو بث الرعب في قلوب الصغار والكبار، بما أن أهالي الأرخبيل حديثو عهد بأصوات المدافع والدبابات.

وقد فر الناس من داخل المساجد وتركوا الخطبة وصلاة الجمعة رعبا مما حصل، ونحن نخشى كثيرا أن تنتقل إلينا تجربة المحافظات الجنوبية طالما السلاح أصبح في متناول الأيدي التي لا تخضع للدولة الشرعية.

ما تعليقك على شماعة الإخوان المسلمين التي يتحدث عنها الانتقالي ويقولون إنهم كانوا من يسيطرون على السلطة المحلية؟

لقد دفعت أبو ظبي إعلاميين ومسؤولين مقربين من دائرة صنع القرار وضباطا معروفين للكتابة عن استعادة دولة الجنوب، كمشروع تحاول الإمارات الاختباء خلفه لتحقيق أجندتها الخاصة، ركضت مجددا عبر وسائلها المختلفة وأجهزتها وموظفيها لاستدعاء من تصفهم بـ"الإخوان المسلمين"، وحزب الإصلاح، لاختزال المعارضة الشعبية الواسعة لمشروعها والتقليل من شأنها، في محاولة لغسل جرائمها في البلاد، وكذلك فعل الناشطون والكتاب اليمنيون المدعومون منها.

هل وجهتم أي خطابات للجهات الدولية والمنظمات المعنية بالتراث الحضاري إزاء الانتهاكات التي تقوم بها الإمارات في الجزيرة؟

لا شك أننا وجهنا عدة خطابات مرئية وخطية ومسموعة صرحنا عدة مرات بشأن انتهاكات أبو ظبي للجزيرة ومن خلال زيارتنا للولايات الأميركية المتحدة تحديدا إلى الكونغرس الأميركي أوصلنا رسالتنا لهم بما يحدث في سقطرى من انتهاك للسيادة وعبث في محمية طبيعية عالمية، وسنظل نقدم خطابات إلى أن ينتهي مشروع الإمارات الاحتلالي.

أخيرا، ما رسالتكم للتحالف السعودي الإماراتي والحكومة؟

رسالتنا للتحالف السعودي الإماراتي أن يتحرك وفقا لبيانه الذي أكد فيه رفض إعلان المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية، وتجنيب سقطرى الصراع.

كما نوجه رسالة للحكومة الشرعية باتخاذ قرار شجاع لتجنيب سقطرى كل أنواع العنف والفوضى لكونها محمية طبيعية، من خلال استعادة مؤسسات الدولة وإخراج القوات السعودية والإماراتية من الجزيرة بعد افتعالها تلك المشاكل حتى أصبح أرخبيل سقطرى حديث الإعلام لما فيه من مشاكل وعبث، الأمر الذي تسبب بتوقف السياحة وجلب كل أنواع الدمار إضافة إلى فقدان السيادة.


مشاركة

التعليقات