الخبر من عمق المحيط

هل يمكن أن تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً ؟

هل يمكن أن تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً ؟

[ هل يمكن أن تتدخل تركيا في اليمن عسكرياً ]

سقطرى بوست -  القدس العربي الإثنين, 08 يونيو, 2020 - 11:42 مساءً

 مع التحول الذي أحدثه التدخل العسكري التركي في الأزمة الليبية ونجاح أنقرة في قلب موازين القوى لصالح حكومة الوفاق الشرعية انتشرت نقاشات من شخصيات يمنية وعربية حول إمكانية حصول تدخل عسكري تركي لصالح الحكومة الشرعية في اليمن بعدما فشلت السعودية والإمارات على مدار 6 سنوات في تقديم أي دعم حقيقي للحكومة الشرعية في اليمن لمواجهة انقلاب الحوثيين.

وبينما نجحت تركيا في أشهر قليلة من قلب موازين القوى العسكرية في ليبيا لصالح حكومة الوفاق وتأمين العاصمة طرابلس ومحيطها عبر دعم وتخطيط عسكري مباشر، فشلت السعودية والإمارات في تحقيق أي إنجاز عسكري على الأرض طوال 6 سنوات من الحرب التي دمرت اليمن وحولته إلى البلد الذي يعاني من أسوأ ظروف صحية وإنسانية وحياتية في العالم، حيث الفقر والمجاعة وانتشار الأمراض والأوبئة.

وقارن مغردون بين احترام تركيا لحكومة الوفاق الليبية وتقديم الدعم السياسي والعسكري والإنساني لها عبر اتفاقيات رسمية وعلاقات مبنية على تعزيز شرعية الحكومة الليبية، وبين تعامل السعودية مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي ترددت أنباء كثيرة عن أنه محتجز في السعودية وممنوع من زيارة اليمن وسط إجراءات وتشديدات على تحركات وزراء الحكومة اليمنية وسلب لإرادة الحكومة اليمنية السياسية بشكل كامل.

والأحد، أصدرت وزارة الخارجية التابعة للرئيس هادي بياناً رحبت فيه بالمبادرة التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوقف إطلاق النار في ليبيا والتي أجمع مراقبون على أنها تهدف إلى محاولة إنقاذ الانقلابي خليفة حفتر عقب تلقيه سلسلة من الهزائم العسكرية، وهو الموقف الذي وصف بـ»الصادم» من قبل عدد كبير من السياسيين والنشطاء اليمنيين والعرب.

واعتبر هؤلاء النشطاء أنه يستحيل فهم كيف لرئيس يدعي الشرعية ويعاني من انقلاب ميليشيات عليه أن يدعم زعيم ميليشيات انقلب على الشرعية، وبينما اعتبر البعض أن هذا الموقف يفقد هادي وحكومته أي حق للمطالبة بشرعيتهم في اليمن، عبر آخرون عن اعتقادهم أن هادي وحكومته مسلوبو الإرادة بشكل كامل وأن السعودية هي من تفرض عليهم اصدار هذه المواقف التي تتناقض مع المبادئ التي يفترض أن يناضلوا من أجلها.

وفي السنوات الأخيرة، ومع تزايد الخلافات بين البلدين، تركز وسائل الإعلام التركية على «جرائم السعودية في اليمن وتسببها في أسوأ كارثة إنسانية للشعب اليمني»، ولكن، الإثنين، ولأول مرة هاجم التلفزيون الرسمي التركي حكومة هادي بسبب إصدارها بيان ليبيا ووصفت هادي بأنه الرئيس المحتجز في السعودية ومسلوب الإرادة.

وفي ظل تصاعد الخلاف بين تركيا من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة مع المواجهة العسكرية غير المباشرة بين الطرفين في ليبيا، تزايدت التساؤلات والتكهنات حول مدى وإمكانية لجوء تركيا إلى التدخل العسكري في اليمن لصالح أطراف يمنية شرعية بعدما فشلت السعودية والإمارات في هذه المهمة.

وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشرات أو تصريحات أو خطوات عملية من جانب تركيا في هذا الاتجاه، إلا أن وسائل إعلام سعودية ومصرية وإماراتية كثفت تحذيراتها خلال الأسابيع الماضية من وجود ما اعتبرته خطط تركية للتدخل العسكري في اليمن.
وتقتصر التحركات التركية منذ بدء الحرب في اليمن على تقديم المساعدات الإنسانية، حيث تنشط المؤسسات الإغاثية التركية بقوة في اليمن لا سيما هيئة الإغاثة الإنسانية ومؤسسة تيكا، وتقدم أنقرة على الدوام مساعدات غذائية وطبية ومساعدات عينية للمناطق المنكوبة

والأسر الأشد فقراً وتبرز كقوة إنسانية نشطة جداً في اليمن، لكن دون أن يكون لها أي تحركات سياسية أو عسكرية مباشرة حتى اليوم.

لكن السعودية والإمارات تعتبران أن حزب الإصلاح اليمني المقرب من الإخوان المسلمين والذي لديه نفوذ كبير باليمن ونفوذ حتى بالحكومة اليمنية المدعومة من السعودية هو الجناح السياسي المقرب من تركيا في اليمن، وتحدثت تقارير سابقة عن أن الحزب تقدم بطلبات مختلفة إلى تركيا من أجل تعزيز دورها في الأزمة اليمنية عقب محاربة السعودية للحزب في الحكومة اليمنية وفشل الرياض في دعم الحكومة اليمنية وإصرارها على سلب قرارها السياسي واضطهاد وزراء الحكومة إلى جانب الغضب اليمني المتصاعد من فشل السعودية ودور الإمارات التخريبي لا سيما عقب دعم أبو ظبي للانفصاليين الجنوبيين على حساب الحكومة الشرعية.

ورغم دعوة كتّاب أتراك بلادهم للمبادرة والتحرك العسكري باتجاه اليمن على غرار ما جرى في ليبيا، إلا أنه لم يظهر حتى الآن أي مؤشر رسمي على إمكانية التدخل سوى استمرار سياسة تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز التعاون السياسي مع أطراف في الحكومة اليمنية.

ويبدو المشهد اليمني أكثر تعقيداً من الصراع في أي دولة أخرى مع وجود الحوثيين المدعومين من إيران مقابل الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية وانكشاف دعم الإمارات للانفصاليين الجنوبيين، بالإضافة إلى بعدها الجغرافي نوعاً ما عن تركيا، لكن كل ذلك ربما لن يمنع السعي بقوة لتعزيز علاقاتها مع الشعب والحكومة اليمنية وزيادة مصاعب السعودية والإمارات هناك كونها باتت اليمن خاصرة رخوة ومصدر استنزاف سياسي وعسكري ومالي وحقوقي للسعودية والإمارات الخارقتين في هذه الأزمة منذ 6 سنوات.


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات