أكد نائب الأمين العام للأمم المتحدة سابقا والمبعوث الأممي الأسبق إلى اليمن جمال بنعمر، أن الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد الحوثيين، هي حملة تأكد فشلها الآن.
وأشار بنعمر في حوار مع قناة روسيا اليوم، إلى أنه "ليس فقط في البحر الأحمر، بل حتى في المحيط الهادئ وخليج عدن. كما أن الأسلحة التي تم استعمالها تطورت الآن إلى أسلحة جديدة. ومن خلال ما لاحظناه من تصريحات الحوثيين. يبدو أن التهديد أمريكي بريطاني، وحتى يُقال إن هناك تحالف دول كثيرة، لكنه في الحقيقة تحالف أمريكي بريطاني أساسا".
وأكد بنعمر أن "هذه الحملة العسكرية ثمنها باهظ جدا من حيث التكلفة، لكنها لن تحقق أهدافها، لأن الحملة التي يشنها الحوثيون مرتبطة بالوضع في قطاع غزة. هم يطرحون أنهم يتضامنون مع أشقائهم الفلسطينيين ولن يتخلوا عنهم مهما كانت التكلفة".
وأشار إلى أن "هناك في اليمن إجماعا بين جميع القوى السياسية تاريخيا على دعم القضية الفلسطينية"، وأضاف "أتذكر عندما كانت دولة الجنوب المستقلة في عهد علي ناصر محمد وحيدر العطاس والقادة الآخرين، كانت قاعدة خلفية لدعم المقاومة الفلسطينية. كما أن الرئيس السابق علي عبد الله صالح كان من أكبر المدافعين عن القضية الفلسطينية. والتقيت في صنعاء بعدد من الفلسطينيين الذين كانوا مكرمين فيها. كما أن القوى السياسية الأخرى كلها كانت تدعم القضية الفلسطينية، ومن بينها طبعا الحوثيون".
وشدد على أن "من المعروف أن دعم اليمن للقضية الفلسطينية هو جزء من عقيدتهم ومن خطتهم السياسية. هذا ليس جديدا، فقد كان هناك دائمًا دعم مطلق للقضية الفلسطينية عبر التاريخ في اليمن، وهذا مستمر حتى الآن مع الحركة الحوثية أيضا".
وطرح سلام مسافر تساؤلا حول الأسباب التي عززت قدرات جماعة الحوثي العسكرية وزيادة قوتهم وما إذا كانت الحرب التي امتدت لسنوات ولا تزال قائمة بدرجات متفاوتة هي التي عززت قوة الحوثيين؟ ليجيب بنعمر: "استخدام أسلحة متطورة هو في مواجهة الآلة العسكرية الأمريكية المرعبة، التي تظهر حتى في أفلام هوليوود وتثير الكثير من المخاوف. بالتأكيد، الحرب مع المملكة العربية السعودية عززت قدرات الحوثيين وجعلتهم أكثر ارتباطا بإيران مما كانوا عليه في السابق. لقد صمدوا في هذه الحرب ولم تحقق السعودية أي هدف من أهدافها المعلنة".
وأضاف: " لقد استفاد الحوثيون تاريخياً من أخطاء أعدائهم، سواء كانوا أعداء محليين أو دوليين. سأبدأ بأعدائهم الدوليين وهم الولايات المتحدة الأمريكية. أخطأت أمريكا حين استهزأت بقدرة الحوثيين عندما سيطروا على عمران ولم تسمح لمجلس الأمن باتخاذ قرار واضح وصارم ضد تمددهم في عمران. نفس الشيء حدث عندما وصلوا إلى مشارف صنعاء، حيث كان هناك استخفاف ودخل الحوثيون صنعاء".
وتابع: "عندما قرر الأمريكيون إغلاق السفارة في عام 2014، كان هذا خطأ قاتل، لأن جميع السفارات الأخرى غادرت بعد إغلاقهم للسفارة. أخطأ الأمريكان أيضا عندما شجعوا المملكة العربية السعودية على الدخول في حرب ضد الحوثيين، وكان هذا خطأ قاتلا كذلك وفشلت هذه الحرب ضد الحوثيين".
وشدد بنعمر على أن "الآن، يشن الأمريكيون حربا بدلا من حل المشكلة الرئيسية وهي الحصار والحرب على غزة والجرائم التي تُرتكب فيها. الأمريكيون مع البريطانيين بدأوا بعسكرة البحر الأحمر وتجميع ترسانة حربية فيه".
وأشار إلى أن "الآن هناك جبهات مختلفة، لكن جميعها تنبع من الوضع في غزة. هناك الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية، وهناك كذلك هجمات من جانب المقاومة الإسلامية في العراق، وأيضا هجمات من طرف أنصار الله على السفن المرتبطة بإسرائيل بشكل أو بآخر. هذا الوضع خطير ويمكن أن يتطور إلى حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط"، مشددا على أن "الإدارة الأمريكية لم تنجح في حصر النزاع فقط في غزة. قام الأمريكيون بعدة أنشطة دبلوماسية واسعة كان الهدف منها هو أن تظل إسرائيل مركزة على هدفها الرئيسي وهو الفلسطينيون في غزة، وحرصوا على ألا يتوسع النزاع".
وأكد أن "هذا الصراع قد يمتد إلى مناطق أخرى من الشرق الأوسط، لكن هذا ما يحدث الآن. بمعنى أن الجهد الأمريكي لحصر النزاع فقط في غزة لم ينجح".
وردا على سؤال "هل إن فشل الولايات المتحدة أو تعرضها لما يشبه الهزيمة في الحرب مع الحوثيين، وكون الاقتصاد الأمريكي والبوارج الأمريكية وسفن الشحن الأمريكية تتعرض لأضرار، يساهم في تشكيل رأي داخل الإدارة الأمريكية للضغط على نتنياهو للقبول بصفقة تبادل الرهائن والأسرى؟، بمعنى آخر، هل هذا جزء من عملية سياسية وعسكرية كبيرة تشمل المنطقة بأسرها؟".
قال بنعمر: "في الولايات المتحدة، هناك إجماع بين القوى السياسية الرئيسية، أي الجمهوريين والديمقراطيين، على دعم إسرائيل. هذا لم يتغير رغم الأحداث الأخيرة، وما يحصل في الجانب السياسي في أمريكا المرتبط بالانتخابات يؤثر على موقف الإدارة الأمريكية".
وأضاف: "الهدف الرئيسي لبايدن هو النجاح في الانتخابات المقبلة. لكن هناك جزء من التحالف الذي سانده سابقا في حملته الأولى غير راض عن سياسة الإدارة الأمريكية الحالية. وهذا ما نراه الآن في المظاهرات التي شهدناها في شوارع مدن كثيرة في أمريكا وفي الجامعات. إلى جانب ذلك، هناك أفراد من الحزب الديمقراطي لا يؤيدون سياسة بايدن في الشرق الأوسط. هذا عامل مهم يفسر بعض التحركات الأخيرة في الإدارة الأمريكية. ولكن بشكل عام، ستبقى الإدارة الأمريكية داعمة للموقف الإسرائيلي؛ لا أظن أن هذا سيتغير".
وفي رده على تساؤل سلام مسافر "هل تقلمت أظافر البيت الأبيض في منطقة الشرق الأوسط وأنها قد تعود الآن بقوة أكبر؟"، قال بنعمر: "أنا أظن أن هناك تخبّطا في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. قبل الحرب على غزة، كتب جاك ساليفان، وهو المستشار الأمني القومي في أمريكا، أن الشرق الأوسط هذه هي أول مرة في خلال عشرين سنة يكون أكثر هدوءا، تصور أن هذا هو كان تحليله. يعني بعد أسبوعين فقط، انفجر الوضع في الشرق الأوسط. هناك تخبط كبير وتقلص ملحوظ في النفوذ الأمريكي وبشكل كبير بالتأكيد".
التعليقات