جاء خبر مغادرة حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس دوايت دي أيزنهاور (CVN-69) والمدمرة يو إس إس جرافلي (DDG-107) منطقة العمليات في البحر الأحمر وعبورهما قناة السويس يوم الجمعة نحو شرق البحر الأبيض المتوسط بعد أيام من مغادرة فرقاطة ألمانية، وقبل ذلك كانت قد غادرت فرقاطتان فرنسية ودانمركية.. ليبقى سؤال مهم: في أي سياق يمكن قراءة وفهم مغادرة هذه السفن، وبخاصة حاملة الطائرات (ايزنهاور) والمدمرة (جرافلي) الأمريكيتين منطقة العمليات في البحر الأحمر بعد شهور من مهامها في مواجهة هجمات قوات “أنصار الله” (الحوثيون) ضد السفن هناك؟
وزير الخارجية اليمني الأسبق، أبو بكر القربي، قال إن “ما يجري في البحر الأحمر من تواجد وانسحاب لسفن حربية مع تحركات عسكرية في المنطقة وتصريحات وتسريبات تحمل رسائل متناقضة قد تكون كلها تمويهاً لتصعيد قادم يهدد توافقات الحل”.
ودعا القربي، “المبعوث الأممي ومجلس الأمن إلى قراءتها قراءة صحيحة لمنع تصعيد عسكري جديد يزيد من معاناة اليمن وشعبه”، في إشارة منه إلى أنها قد تكون مقدمة لعمل عسكري مرتقب وفق تدوينة على منصة إكس.
وكانت البحرية الأمريكية أعلنت أنه بعد ما يقرب من أربعة أشهر من وجودها في البحر الأحمر، عبرت حاملة الطائرات يو إس إس دوايت دي أيزنهاور (CVN-69) ويو إس إس جرافلي (DDG-107) قناة السويس يوم الجمعة.
آيك السفينة الرئيسية لمجموعة دوايت دي أيزنهاور كارير سترايك، وجرافلي موجودتان الآن في شرق البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لبيان صحافي صادر عن القوات البحرية الأمريكية في أوروبا وأفريقيا. ومن غير الواضح كم من الوقت ستبقى السفينتان في البحر الأبيض المتوسط، دون مزيد من التفاصيل عن أسباب المغادرة وخيارات العودة والتبديل بسفن أخرى.
وكانت السفينتان ضمن مهمة تحالف “حارس الازدهار” منذ 13 أكتوبر/ تشرين الأول في مواجهة هجمات قوات “أنصار الله” (الحوثيون) ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن.
الحوثيون الذين يعتبرون عملياتهم تستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها “تضامنا مع غزة” والسفن الامريكية والبريطانية “ردًا على العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن”.. علقوا على ذلك باعتباره يحمل “دلالات استراتيجية كبيرة وهامة، فمن ناحية أولى هو دليل على فشل كبير للقوات الأمريكية من الناحية الاستخباراتية، حيث لم تستطع اكتشاف الصواريخ والطائرات المسيرة التي تنطلق من اليمن، والتي أصبحت مزعجة ومقلقة، ما يجعل المدمرتين مهددتين بالإغراق في يوم من الأيام لتكون بداية الإعلان عن أكبر فضيحة للأمريكيين في العالم” حسب اللواء يحيى المهدي مدير دائرة التوجيه المعنوي السابق في وزارة الدفاع في حكومة الجماعة متحدثًا لقناة المسيرة الناطقة باسم الحوثيين.
مراقبون اعتبروا مغادرة حاملة الطائرات والمدمرة الأمريكيتين عملا يندرج ضمن المهام الاعتيادية الموكلة للبحرية الامريكية؛ وبالتالي فإن مغادرتهما قد تكون للصيانة أو القيام بمهمة أخرى على أن يحل محلها سفن بديلة أخرى، على الرغم من أنه ما زال في المنطقة مدمرتان ممثلتان في (يو إس إس ميسون) و (يو إس أس فلبين)؛ مما يعني أن الأمر ما زال في إطار العمل العسكري.
فيما يرى آخرون أن الأمر ليس بالعادي حتى يتم قراءته في سياق التصرفات العسكرية الاعتيادية؛ فالسفينتان كانتا في مهمة عمليات قتالية ومغادرتهما أو انسحابهما يوحي أن ثمة خيارين إما تحولًا في طريقة المواجهة أو الإصابة بأعطال يستدعي استبدالهما؛ وفي كلتا الحالتين فإن الوضع العسكري في المنطقة يمضي نحو مرحلة جديدة.
ثلاثة سيناريوهات
لا يعتقد الباحث السياسي الأكاديمي اليمني، عادل دشيلة، أن ما حصل من انسحاب سيكون مقدمة لعمل عسكري؛ لأن السعودية – كما يقول- “لا تريد التصعيد العسكري في الوقت الراهن؛ لأنه ليس من مصلحتها التصعيد ضد جماعة الحوثيين ولا ضد إيران”.
وأضاف في تصريح لـ”القدس العربي” : “ثانيًا: لا يمكن أن تقوم الإدارة الأمريكية وحلفاؤها بتصعيد عسكري في المنطقة بدون موافقة السعودية خاصة ضد جماعة الحوثيين. ولهذا الحوار الآن ما زال جاريًا بين السعودية وجماعة الحوثيين. وأيضًا حتى في الغرف المغلقة بين الولايات المتحدة الامريكية وإيران”.
وطرح دشيلة ثلاثة سيناريوهات يمكن من خلالها قراءة انسحاب السفينتين الأمريكيتين: “السيناريو الأول أن هذا الانسحاب يأتي في إطار خفض التصعيد العسكري في المنطقة بناء على تفاهمات أمريكية إيرانية في المنطقة. وهذا هو المتوقع؛ لأنه لا أحد يريد أن يصعّد عسكريًا، والتصريحات الأمريكية والإيرانية تؤكد ذلك. السيناريو الآخر: أن الولايات المتحدة الامريكية انسحبت من هذه المنطقة؛ ولكنها تراقب الوضع عن كثب، وبالتالي في حال أي تصعيد ايراني في المنطقة ضد المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية سيكون هناك تصعيد أمريكي ضد الأذرع المسلحة التابعة لإيران وضد إيران. السيناريو الثالث: التصعيد العسكري مرتبط بمدى فشل الحوار الجاري. ولا اعتقد أنه سيكون هناك تصعيد بشكل مباشر بين القوى الدولية وجماعة الحوثيين.
وأكد: “ما تزال الأمور معقدة في الوقت الراهن، وكل الخيارات مطروحة”.
التعليقات