نشر موقع "ميبا نيوز" التركي تقريرًا سلط فيه الضوء على هجمات الحوثيين على السفن العابرة من البحر الأحمر وأثرها على الاقتصاد الاسرائيلي.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إنه في أعقاب الهجمات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على العديد من النقاط التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن خلال الأسبوع الماضي، انتقل التوتر في البحر الأحمر إلى الأراضي اليمنية.
يحاول التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ردع الحوثيين من خلال نشر مدمّرات وسفن عسكرية أخرى في البحر الأحمر، وإسقاط صواريخ وطائرات بدون طيار أطلقتها الجماعة اليمنية. لكن الحوثيين أعربوا صراحة عن عدم نيتهم التوقف حتى يتم إنهاء الحرب التي تسببت فيها إسرائيل بمقتل حوالي 24 ألف فلسطيني.
وأورد الموقع أن حركة المرور في البحر الأحمر تقلصت بنسبة تزيد عن 40 بالمئة، وتعطلت سلاسل التوريد العالمية. في المقابل، قامت بعض أكبر شركات الشحن في العالم بتحويل سفنها حول رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما أدى إلى تأخير مواعيد التسليم وإضافة حوالي 6000 كيلومتر إلى مساراتها. لكن هل أثرت هجمات الحوثيين على الاقتصاد الإسرائيلي أو التجارة العالمية؟
ما الذي يحدث في أحد أكثر الممرات البحرية ازدحامًا في العالم؟
منذ استيلاء الحوثيين على سفينة "غالاكسي ليدر" التابعة لإسرائيل في تشرين الثاني/ نوفمبر، تعرضت ما لا يقل عن 26 سفينة لهجوم. وقد أحبطت سفن الحرب الأمريكية في المنطقة هجمات أخرى شنها الحوثيون - آخرها الأسبوع الماضي عندما أسقطت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة صواريخ وطائرات بدون طيار- وأدان مجلس الأمن الدولي، بعدها، هجمات الحوثيين.
وأوضح الموقع أن البحر الأحمر يربط آسيا بأوروبا والبحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس. ويمر حوالي 12 بالمئة من الشحن البحري العالمي عبر البحر الأحمر، حيث تنقل حوالي 50 سفينة في اليوم بضائعًا بقيمة 3 إلى 9 مليارات دولار. وفي المجموع، يقدر أن قيمة البضائع التي تمر عبر البحر الأحمر تزيد عن تريليون دولار سنويًا.
هل تأثرت جميع سفن الشحن؟
أشار الموقع إلى أن نقل الحاويات قد تلقى الضربة الأكبر. ومع ذلك، أظهرت بيانات نشرتها وكالة رويترز هذا الأسبوع أن حركة مرور ناقلات النفط لم تتأثر عمليًا. وأظهرت البيانات التي نقلتها ماري تراك، التي تنشر بيانات تجارة الشحن العالمية، أن متوسط عدد ناقلات النفط في البحر الأحمر بلغ 76 في كانون الأول/ ديسمبر، وهو رقم يقل فقط عن اثنين عن متوسط الشهر السابق. وفي أوائل كانون الثاني/ يناير، أعلن الحوثيون أنهم لن يطلقوا النار على السفن التي ترغب في المرور عبر المنطقة إذا أعلنت السفينة مالكها ووِجهتها قبل دخول المنطقة.
هل أضرت الهجمات بسمعة إسرائيل كشريك تجاري آمن؟
ذكرت تقارير أن نشاط ميناء إيلات، ميناء إسرائيل الوحيد في البحر الأحمر، انخفض بنسبة 85 بالمئة منذ بدء الهجمات. ومع أن معظم حركة الشحن الإسرائيلية تمر عبر موانئ حيفا وأسدود الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، إلا أن ميناء إيلات لا يزال مهمًا لتصدير ملح البحر الميت واستيراد السيارات الصينية التي تشكل 70 بالمئة من مبيعات السيارات الكهربائية في إسرائيل.
بالنسبة للعديد من شركات الشحن، فإن المخاطر كبيرة، سواء بالنسبة للسفن أو للطاقم. وقد أعلنت شركة كوسكو، المملوكة للدولة الصينية، وشركة أوكل التابعة لها، عن تعليق الشحنات إلى إسرائيل هذا الأسبوع.
حذّر براد مارتن، وهو ضابط سابق في البحرية الأمريكية ومدير معهد أمن سلاسل التوريد في مؤسسة راند، من المبالغة في تقييم صعوبة الوضع الذي تواجهه إسرائيل. وكتب مارتن في رسالة بالبريد الإلكتروني: "لن يؤدي تعطل الشحن في البحر الأحمر، وحتى انسحاب بعض شركات الشحن من الشحنات الموجهة إلى إسرائيل، إلى انهيار إسرائيل اقتصاديًا".
وأضاف: "من المرجح أن يستمر التدفق عبر البحر الأبيض المتوسط دون عوائق. وربما تكون إسرائيل في وضع أفضل من معظم جيرانها. ومع ذلك، قد تكون الملاحة والتجارة موضوعًا للإجراءات الدبلوماسية والسياسية، وبالتالي يمكن أن يحدث عزل اقتصادي ضار بالتأكيد على هذا الصعيد".
ماذا يمكن أن يكون التأثير على المدى الطويل؟
رغم اتفاق المحللين على أن تأثير هجمات الحوثيين على الاقتصاد الإسرائيلي المباشر محدود، إلا أن الانقطاعات كلما طالت مدتها زادت تداعياتها.
وأورد الموقع أنه قد تكون الرغبة في ترسيخ مكانة إسرائيل كدولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال في السوق الدولية الحيوية، والتي تمتلك فيها إسرائيل حصة صغيرة ولكنها متنامية، إحدى نقاط الضعف الأكثر خطورة.
وقالت غابرييل ريد، نائب مدير شركة استشارات المخاطر إس-آر إم: "قبل الهجوم (في 7 تشرين الأول/ أكتوبر)، كانت إسرائيل على طريقها لتصبح مصدرًا موثوقًا للغاز". وأضافت: "لكن الصراع زاد من مخاطر القيام بأعمال تجارية في إسرائيل من الناحية السياسية وجعل منظور منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، التي قد تكون لاعبًا مهمًا في أسواق الغاز الطبيعي العالمية، أكثر خطورة".
ما هو التأثير على المناطق الأخرى؟
وفقا لشركة كلاركسون لخدمات الأبحاث المحدودة، فإن حركة المرور على البحر الأحمر انخفضت حاليا بنسبة 44 في المائة مقارنة بتلك المسجلة في النصف الأول من كانون الأول/ ديسمبر، بسبب زيادة عدد السفن التي تستخدم الطريق الأطول حول رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الميناء. وبالإضافة إلى زيادة تكاليف الوقود والقوى العاملة، فإن هذا يزيد أيضا من تكاليف التأمين ويمكن أن يؤدي إلى تأخير بسبب الازدحام في الموانئ.
وحسب مؤشر دروري العالمي للحاويات، الذي يتتبع النقل على ثمانية مسارات رئيسية بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، من المتوقع أن ترتفع تكلفة نقل حاوية قياس 12 مترًا من الصين إلى أوروبا بنسبة 248 بالمئة من مستوى 1148 دولارًا في تشرين الثاني/ نوفمبر، عندما بدأت الهجمات. وقال سيمون هيني، كبير مديري أبحاث الحاويات في دروري، إنه اعتمادا على رد فعل شركات الشحن، يمكن أن تزيد التكاليف الإجمالية من 3 إلى 21 في المئة.
كيف يمكن أن يؤثر ذلك على الاقتصاد العالمي؟
على الرغم من أن الطلب الحالي على السلع المصنعة القادمة من دول مثل الصين والهند أقل مما كان عليه خلال ذروة الجائحة، فمن المرجح أن تكون هناك عواقب لأي تغيير في التكاليف أو أي اضطراب في جداول الشحن. ويمكن أن تؤدي الزيادات في تكاليف الشحن إلى ارتفاع معدلات التضخم، (قدر صندوق النقد الدولي أن الفوضى في خطوط الشحن خلال الوباء أدت إلى ارتفاع معدل التضخم العالمي بنسبة 1 بالمئة) لكن الاقتصاديين يقولون إن هذا لم يحدث حتى الآن.
التعليقات