الخبر من عمق المحيط

البنك الدولي: انعدام الأمن الغذائي التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه اليمن

البنك الدولي:  انعدام الأمن الغذائي التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه اليمن
سقطرى بوست -  سقطرى بوست - متابعات الخميس, 14 ديسمبر, 2023 - 10:58 صباحاً

قال البنك الدولي إن انعدام الأمن الغذائي التحدي الأكثر إلحاحًا الذي يواجه اليمن في وقته الحاضر في خضم الحرب وتصاعد معدلات التضخم وتغير المناخ.

وأوضح في تقرير له أن عدد اليمنيين الذين يعانون الجوع كل يوم ارتفع من 10.6 ملايين إلى 17 مليونًا منذ بدأت الحرب في عام 2014.

وأشار إلى أن مكافحة التحدي الذي يمثله انعدام الأمن الغذائي تتطلب استجابةً متعددة القطاعات، لافتا إلى انه يتعامل وشركاؤه مع هذا التحدي من زوايا عديدة، من خلال خلق فرص عمل مؤقتة، ومساندة البرنامج الوطني للتحويلات النقدية في اليمن، وتحسين صحة النساء والأطفال، وضمان حصول اليمنيين على مياه الشرب المأمونة.

الحصول على النقد

من أجل المساعدة في مواجهة سوء التغذية والمجاعة بالنسبة لمعظم المنتمين للفئات الأكثر احتياجًا من سكان اليمن، يقدم المشروع الطارئ لتعزيز الحماية الاجتماعية والتصدي لجائحة كورونا تحويلات نقدية تمثل جزءًا كبيرًا من الأموال المخصصة للمشروع. ويوفر المشروع فرص عمل حيثما أمكن للأفراد في المجتمعات المحلية المعرضة للخطر، وهو ما يسمح لهم بكسب أجر نقدي وفي نفس الوقت بناء الأصول الأساسية للحياة في تلك المجتمعات. وتتجلى الآثار الإيجابية لمبادرات النقد مقابل العمل في قرية السجيرية التابعة لمديرية خدير بمحافظة تعز، حيث كان السكان المحليون يكسبون أجورهم بينما يقدمون المساعدة في إنشاء شبكة صرف صحي هم في أمس الحاجة إليها.

يتذكر عبده الفقيه، وهو أحد السكان الذين شاركوا في المشروع، قائلاً: "كانت المنطقة ملوثة، مما أدى إلى تفشي الأمراض"، مشيرًا إلى تفشي حالات مثل الكوليرا والملاريا والإسهال. وبمساعدة المشروع، ابتكر السكان حلاً يوضحه عبده الفقيه بقوله: "لقد بنينا مراحيض وشبكة صرف صحي بدائية لكل منزل."

ويضيف عبد الرحمن عبد الكريم، وهو استشاري في الصندوق الاجتماعي للتنمية، أنه بالإضافة إلى البنية التحتية التي غيرت الظروف المعيشية والأجر النقدي، "تلقى المشاركون تدريبًا مهنيًا في مجالات النجارة والبناء والحدادة والسباكة."


أنشطة التثقيف الخاصة بسوء التغذية

إلى جانب التحويلات النقدية، يدعم المشروع أيضًا برنامج النقد مقابل التغذية الذي يستهدف الأسر اليمنية الأكثر عرضة لخطر سوء التغذية، ويقدم مساعدات نقدية عاجلة للأمهات. وفي بلدٍ يحتل المرتبة الأخيرة على قائمة تضم 153 بلدًا في تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2020 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، غالبًا ما تأكل اليمنيات الكمية الأقل من الطعام وتكون آخر أفراد الأسرة في تناوله، كما أنهن يتعرضن للقدر الأكبر من الحرمان عندما يكون هناك نقص في الغذاء. ويؤثر سوء التغذية بشكل غير متناسب على الأطفال دون سن الخامسة، وكذلك الحوامل والأمهات المرضعات.

تتذكر انتصار الحجيري التي تعمل كمثقفة صحية ببرنامج النقد مقابل التغذية، قائلة: "شعرت بقلق عميق عندما قابلت أشجان (فتاة صغيرة عمرها 15 شهرا)." وتشير إلى أن والدة أشجان، واسمها زبيدة حسن وتبلغ من العمر 32 عامًا، كانت تنتظر بالفعل طفلها الثامن، وغالبًا مع كانت الفترة الفاصلة بين حملٍ وآخر لا تتجاوز أربعة أو خمسة أشهر.

وتصف زبيدة حسن الصعوبات الصحية الشديدة التي واجهتها ابنتها بقولها: "لم تكن أشجان ترضع أو تُظهر أي قدر من مرح الطفولة وكنت أخشى عليها من التدهور الخطير في صحتها." ومع ذلك، ومع العلاج الذي حصلت عليه أشجان في الوقت المناسب والدعم النقدي الشهري لتغطية النفقات الطبية، تحسنت صحتها حاليًا إلى حد كبير.

بناء الأصول من أجل حلول طويلة الأجل

تمثل البنية التحتية حجر الزاوية للحلول الغذائية المستدامة والتنمية البشرية على المدى الطويل. فعلى سبيل المثال، لا تمكن الطرق الآمنة والمعبدة المزارعين من تسويق محاصيلهم فحسب، بل تسهل أيضًا توصيل الغذاء بأسعار معقولة إلى القرى. وتضمن خزانات المياه إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب، مما يعفي النساء والأطفال من المهمة الشاقة المتمثلة في جمع المياه - وهو عمل روتيني يستهلك في كثيرٍ من الأحيان ساعات طويلة، وغالبًا ما يحول بين الأطفال، وخاصة الفتيات، وبين التعليم. ومن خلال تقييم مختلف مؤشرات التعرض للمخاطر والمعاناة، بما في ذلك الحصول على مياه الشرب المأمونة ومعدلات الانتظام في الدراسة، يعطي المشروع الأولوية للاستثمارات في البنية التحتية الأنسب لتلبية احتياجات المجتمعات المحلية.

في مديرية ميفعة التابعة لمحافظة شبوة، يتذكر المزارع ناصر با يحيى الدمار الذي نجم عن الأمطار الغزيرة التي أدت إلى تآكل شبكة الري المحلية ومساحات شاسعة من الأراضي. ويعرب عن أسفه قائلاً: "لقد تعرضت جهودنا الزراعية لضربة قوية"، مشيرًا إلى الانخفاض الكبير في إنتاج المحاصيل وما تلاه من تداعيات اقتصادية، حيث ظلت الأرض قاحلة لمدة ثلاث سنوات.

وعندما أدرك المشروع الطارئ لتعزيز الحماية الاجتماعية والتصدي لجائحة كورونا بالتعاون مع السكان المحليين إمكانيةَ استعادة قنوات الري، لاحظ عارف أحمد ثلاث منافع مترابطة منطقيًا، أوضحها بقوله: "حصلت مزارعنا على المياه، وتعلم السكان المحليون المهارات الفنية، التي حفزت بدورها خلق فرص العمل."

وتحت مظلة البنية التحتية لهذا المشروع، تم بناء أصول مجتمعية أو إعادة تأهيلها، استفاد منها نحو 660 ألف يمني، ووفر فرص عمل مؤقتة لأكثر من 47 ألف شخص، 20% منهم من النساء و15% من النازحين داخل البلاد.


الدور الحيوي للزراعة

يعمل نحو ثلاثة من كل أربعة أشخاص في اليمن، معظمهم من النساء، في الزراعة أو إدارة الثروة الحيوانية ويعتمدون عليها في كسب أرزاقهم.

ونظرًا لأن ارتفاع تكلفة الوقود يمثل تحديًا كبيرًا للمزارعين والصيادين، يقدم المشروع منحًا مالية لتعويض نفقات الوقود، بالإضافة إلى دعم المعدات وصيانتها. ومع ذلك، وبالنظر إلى المستقبل، فإن شبح التحديات مثل الأعاصير والتصحر وندرة المياه يلوح في الأفق بشكل كبير. وتتفاقم هذه التحديات بسبب أنماط تغير المناخ التي لا يمكن التنبؤ بها، والتي تؤدي إلى عدم انتظام هطول الأمطار والفيضانات وتقلبات درجات الحرارة. ومن أجل تأمين الاستقرار الغذائي في السنوات القادمة، هناك حاجة ملحة للتدريب على الممارسات المستدامة عبر صيد الأسماك والزراعة وتربية الماشية.



الاستفادة من خط ساحلي طوله 2500 كيلومتر

مع وجود خط ساحلي شاسع يبلغ طوله 2500 كيلومتر يمتد على طول المياه الوفيرة للبحر الأحمر وخليج عدن، يعد الصيد جزءًا أصيلاً من أنشطة المجتمع اليمني. وبالإضافة إلى كونها من المواد الغذائية الأساسية في النظام الغذائي اليمني، تمثل الأسماك والمأكولات البحرية قطاعًا حيويًا للتشغيل وسلعًا تصديرية في غاية الأهمية.

تواجه مجتمعات الصيد في اليمن تحديات لا تعد ولا تحصى، وتتراوح هذه التحديات من التكاليف الباهظة المرتبطة بصيانة القوارب والوقود إلى الآثار العديدة للصراع الذي طال أمده. ونتيجة لذلك، لم يكن أمام العديد من المشتغلين بمهنة الصيد من الرجال والنساء الذين يواجهون هذه التحديات، خيارُ سوى التخلي عن قواربهم أو التخلي عن مهنتهم، وبالتالي فقدان مصدر دخلهم الرئيسي.


وإدراكا لهذا الأمر، شرع المشروع في مهمة للمساعدة في إنعاش هذا القطاع، حيث قدم مساندة مباشرة إلى 250 صيادًا على شكل منحٍ لشراء المواتير للقوارب، وأنظمة تحديد المواقع، وأجهزة اكتشاف تجمعات الأسماك. وبالإضافة إلى ذلك، قام المشروع بدعم تقنيات الصيد الحديثة من خلال دورات تدريبية، مما مكن المستفيدين من تعزيز حجم صيدهم وزيادة دخلهم. وتلقت تعاونيات صيد الأسماك دعمًا استهدف تسهيل وصول الصيادين إلى الأسواق. وفي الوقت نفسه، تم تدريب النساء من المجتمعات الساحلية لتعزيز صناعات صيد الأسماك المحلية.
وخلاصة القول أن المشروع قدم المساعدة المالية والفنية إلى 119 سلسلة قيمة صغيرة ومتوسطة للأسماك، الأمر الذي أدى إلى توفير 2466 فرصة عمل دائمة ومؤقتة.
 


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات