اعتبرت منظمة سام للحقوق والحريات، حكم محكمة المنطقة العسكرية الرابعة، ببراءة مجموعة من الجنود التابعين للمجلس الانتقالي المتهمين بقتل الشاب "عبد الملك السنباني" في محافظة لحج 8 سبتمبر 2021، استهانة صارخة بقيمة الروح الإنسانية وإشاعة لثقافة الإفلات من العقاب.
وقالت المنظمة في بيان لها، إن هذا الحكم صورة من صور الإفلات من العقاب ترسخة المحاكم التي تفتقر للحياد والاستقلالية في ظل الصراع القائم، ويشكل انحيازا واضحا للجناة على حساب حقوق الضحية.
وأصدرت المحكمة برئاسة القاضي "غمدان الرباصي" حكماً اعتبر الجريمة التي ارتكبها 5 من أفراد نقطة اللواء التاسع صاعقة في مديرية طور الباحة بحق المغترب "السنباني" قتلاً بالخطأ، وحكمت المحكمة بالبراءة بحق أربعة متهمين من جريمة القتل المنسوبة إليهم في قرار الاتهام، وأدانت شخص واحد فقط.
وتضمن منطوق الحكم أيضًا، إلزام المدان، بدفع دية القتل الخطأ لذوي "السنباني" وقدرها مليون و600 ألف ريال، أي ما يعادل ألف دولار أمريكي، كما ألزم الحكم قيادة اللواء التاسع صاعقة بتسليم الأمتعة والأغراض الخاصة بالضحية للنيابة العسكرية لتسليمها إلى أسرته، متجاهلاً المبلغ المالي الذي كان بحوزة المجني عليه وقدره 50 ألف دولار وجرى تقاسمه حينها بين المتورطين في الجريمة، وفقا لمنظمة سام.
واعتبرت المنظمة هذا الحكم استهانة صارخة بقيمة الروح الإنسانية وإشاعة لثقافة الإفلات من العقاب، في ظل تكرار عمليات القتل خارج القانون للمدنيين من قبل جنود على النقاط المسلحة خاصة في النقاط التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة.
وأبرزت المنظمة إلى أن المجلس الانتقالي كان قد أصدر بيانًا بعد الحادثة، أكد فيه بأنهم قبضوا على "السنباني" بتهمة انتمائه لجماعة الحوثي، لكن سرعان ما نفى اللواء التاسع صاعقة التابع للمجلس الانتقالي والمتمركز في قطاع طور الباحة بالصبيحة في لحج خبر اعتقاله لـ "السنباني"، حيث صرح اللواء في بيان نشره "بأنهم قاموا بإسعاف الشاب إلى مستشفى بي بي في البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن على إثر تعرضه لحادث مروري أدى لسقوطه من السيارة التي كان يستقلها".
ولفتت المنظمة إلى أن القضية تعرضت لتشوية، وانحرف مسار الاجراءات، والتطويل في السير في مراحلها، أن تقدم المتهمين في القضية للمحاكمة لم يكن في الحقيقة سوي لمص الضغوط الحقوقية والمجتمعية، في حين كان التهرب من اصدار حكم رادع هو المخطط له من قبل الجهات العسكرية، حتي صدور الحكم في اكتوبر 2023 ، ويعكس مدى انحراف الأجهزة القضائية من كونها أداة لتطبيق القانون إلى أداة لحماية الجناة وانتهاك حقوق الضحايا.
من جانبه قال توفيق الحميدي رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، إن "الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية بتبرأة قتلة الشاب عبد الملك السنباني يعكس افتقار تلك المحاكمة لأدنى معايير العدالة والإنسانية ويُظهر الوجه البشع لأجهزة العدالة التابعة التي تقع ضمن سلطة الأطراف المسلحة".
وأضاف "بأن غياب العدالة وضعف وتسيّس القضاء يؤكد على أننا بحاجة إلى محكمة جنائية دولية تستطيع محاكمة مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان من قبل جميع الأطراف المحلية والدولية المشاركة في النزاع اليمني".
واختتمت سام بيانها بالتأكيد على أهمية إعادة الجهات القضائية للمحاكمة وضرورة التراجع عن الحكم، وتقييم الأدلة وشهادة الشهود حول الحادثة وضمان إيقاع العقوبات الرادعة بحق الجناة، مجددة دعوتها للمجلس الانتقالي إلى ضرورة عمل مراجعة شاملة لممارسات الأجهزة والأفراد التابعة للمجلس المتهمة بارتكابها لانتهاكات خطيرة وغير مبررة.
التعليقات