الخبر من عمق المحيط

"أفراحنا أمان".. وكالة: مبادرة شبابية باليمن تقاطع حضور الأعراس التي يطلق فيها الرصاص

"أفراحنا أمان".. وكالة: مبادرة شبابية باليمن تقاطع حضور الأعراس التي يطلق فيها الرصاص
سقطرى بوست -  وكالات الثلاثاء, 01 أغسطس, 2023 - 09:22 مساءً

منذ عقود دأب اليمنيون على إطلاق النار في الهواء خلال حفلات الزفاف، كتقليد متوارث حرص عليه الكثيرون رغم الآثار السلبية لهذه الظاهرة التي استعد البعض لمكافحتها

 

وضمن مسار مكافحة إطلاق النار في حفلات الزفاف أطلق شبان في مديرية سامع بمحافظة تعز مبادرة بعنوان أفراحنا أمان ، وقد ركزت على مقاطعة الأعراس التي يطلق فيها الرصاص الحي، سعيا إلى التوعية بمخاطر هذه الظاهرة

 

وقد بدأت هذه المبادرة في قرية الضياء بمنطقة بني أحمد التابعة لمديرية سامع، ويسعى المشاركون فيها إلى توسيع نشاطها الجغرافي حماية للناس من الرصاص الراجع من الهواء والذي أودى بحياة الكثيرين وحول الأفراح إلى أحزان

 

وتعد مقاطعة الأعراس التي تطلق الرصاص الحي من الحالات النادرة في اليمن الذي يشهد حربا مستمرة منذ تسع سنوات، بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والمسنودة بالتحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران من جهة أخرى. 

 

وفي بلد يعاني الكثير من العوائق في شتى مجالات الحياة، تكون مواجهة أي ظاهرة بحاجة إلى عزيمة مستمرة بسبب الصعوبات التي تعترض طريق المبادرين والراغبين في إحداث تغيير إيجابي.

 

وتقام في الأعراس اليمنية طقوس متعددة، من بينها استقبال الضيوف القادمين من مناطق مختلفة، ويصاحب ذلك الضرب بالطبول، إضافة إلى إطلاق ألعاب نارية وكذلك إطلاق الزغاريد.

 

 

كيف بدأت الفكرة؟

 

 

الصحفي عامر دعكم رئيس هذه المبادرة يحكي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب أ) عن كيفية انطلاقها، قائلا " قبل عيد الأضحى، بأسبوع(يونيو /حزيران 2023) كنت في جلسة مقيل مع عدد من شباب قريتنا "الضياء"، وناقشنا باستفاضة ظاهرة إطلاق الرصاص في الأعراس، باعتبارها كارثية وخطيرة، وعزمنا على التصدي لها ومكافحتها وفق ما هو متاح لنا، قبل أن تحلّ كارثة في مجتمعنا".

 

وأضاف" عرضت القضية على معظم أهالي قريتنا في مجموعات إلكترونية تجمعنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، فأطلقنا مبادرة "أفراحنا أمان"، وبدأنا في التوعية بمخاطر إطلاق الرصاص في المناسبات، خصوصا الأعراس".

 

ولفت إلى أن مسار التوعية المجتمعية استمر في التشديد على "أن من يفعل ذلك هو "قاتل محتمل"، كون الرصاص التي تطلق جوًا لا تبتلعها السماء، بل تعود إلى الأراضي القريبة من مكان العرس".

 

وأردف" بعد ذلك، اتخذنا موقفًا واعيًا، وبدأنا بإعلان مقاطعتنا كلّ الأعراس التي ستطلق فيها الرصاص، وأكدنا أنه في حال أطلقت الرصاص بعد وصولنا إلى مكان الحفل ، فإن العريس بين خيارين: إما أن يطرد الضيف الذي أطلق الرصاص أو سسيغادر العشرات من الضيوف".

 

ومضى الشاب اليمني قائلا "لم نكتفِ بالتوعية الإلكترونية ، بل فعلنا ذلك في خطبة الجمعة، وفي خطبة عيد الأضحى، وفي اللقاءات المجتمعية، مع تواصلنا بكل عريس مسبقًا، وألزمناه بنشر إعلان مسبق يشعر كل ضيوفه بأن إطلاق الرصاص ممنوع".

 

ويعرب دعكم عن سعادته بشأن نتائج المبادرة "بصراحة، استجابة الأهالي كانت كبيرة جدًا، وفي أول عرسين بعد تنفيذ المبادرة، لم تطلق حتى رصاصة واحدة.. نسبة نجاحنا تجاوزت 90 بالمئة حتى الآن، بعد إقامة عشرة أعراس على مستوى القرية".

 

*بعض الصعوبات*

 

في بلد يعاني الكثير من العوائق في شتى مجالات الحياة، يكون مواجهة أي ظاهرة بحاجة إلى عزيمة مستمرة بسبب الصعوبات التي تعترض طريق المبادرين في التغيير الإيجابي.

 

في هذا السياق يوضح دعكم أن" صعوبات مبادرتنا تكمن في الحفاظ على استمراريتها لسنوات طويلة، مع أننا العشرات من شباب قريتنا ، عازمون على استمرار مقاطعتنا لأعراس الرصاص، فهذا وعد مجتمعي قطعناه".

 

وأضاف "بهدف ضمان استمرارية المبادرة ، لجأنا لعمل وثيقة مجتمعية "تُجرّم" إطلاق الرصاص في الأعراس، تتضمن غرامة مالية يتحملها من يخرق الاتفاق، سواء كان من جانب العرسان أو الضيوف.. وعلى هذه الوثيقة وقع الأهالي".

 

وحول الأهداف المستقبلية للمبادرة يقول " نسعى لتوسيعها بحيث تشمل بقية قرى المنطقة ، وبدأنا فعليًا التواصل مع المؤثرين في القرى المجاورة، وهذا ضرورة، لأنه بدون نجاح توسيع المبادرة سيظل أهالي قريتنا معرّضين لخطر الرصاص الراجع الذي يطلق في أعراس القُرى القريبة".

 

ويأمل دعكم بأن "يجري استنساخ مبادرة مقاطعة أعراس الرصاص، على مستوى مديرية سامع ومحافظة تعز، وكل اليمن".

 

وشدد قائلا" هذا لن يكون صعبًا في حال انبرى لهذه المهمة نخب المجتمعات وشبابها الواعون، مسنودين بالأجهزة الأمنية في حال استدعى الضبط.. وبذلك لن تبقى أعراسنا أشبه بجبهات قتال ومصادر خطر، بل ستصبح أفراح ومسرّات خالصة".

 

فائدة كبيرة

 

الأعراس في اليمن تقام فيها طقوس متعددة، بينها استقبال الضيوف القادمين من مناطق مختلفة، يصاحب ذلك الضرب بالطبول، إضافة إلى إطلاق ألعاب نارية وكذلك إطلاق الزغاريد.

 

وقال مالك سفيان ناجي، وهو أول عريس تم زفافه بعد تدشين مبادرة مقاطعة الأعراس التي تطلق الرصاص الحي، “عرسي تم بلا إطلاق رصاص… لم أخسر شيئًا لأنني لم أطلق النار أنا وضيوفي”.

 

وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) “كسبت كثيرا حيث وفرت مبلغا ماليا كنا سنهدره في حال أطلقنا الرصاص، وكذلك لم نتسبب في إيذاء أحد، لأن من يطلق الرصاص في الأعراس يعتبر “قاتلا محتملا”.

 

ومضى قائلا “العرس بلا رصاص قيمة إيجابية عظيمة… أشعر بالفخر لأن عرسي كان بلا نيران أو ضحايا”.

 

ودعا جميع الشباب إلى الحرص على ترسيخ القيم الإيجابية في صفوف المجتمع، والعمل المستمر من أجل محاربة كافة الظواهر السلبية بما في ذلك إطلاق الرصاص، حتى تعم السكينة أرجاء البلاد.

 

أنشطة مميزة 

 

لاقت هذه المبادرة إعجاب العديد من اليمنيين، رغم أن نطاقها الجغرافي غير واسع، لكونها توفر الأمان.

 

محمد السامعي صحافي مستقل يعمل في وسائل إعلام محلية ودولية، وهو أحد الذين أبدوا إعجابهم بالمبادرة، حيث قال إن “هذه المبادرة حظيت باهتمام ملحوظ من قبل الكثيرين”.

 

وأضاف السامعي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) ، وهو أحد أبناء المنطقة التي أطلقت فيها المبادرة، أن “ثمة شبابا أضاءوا قراهم بمبادرات ذاتية خففت آثار العديد من الظواهر القاتلة، بما في ذلك إطلاق النار في حفلات الزفاف”.

 

وأشار إلى أن مبادرة “أفراحنا أمان” تعد من الأنشطة المميزة والنادرة على مستوى المنطقة والمحافظة، لأنها اتخذت قالبا جديدا في مكافحة إطلاق النار، وهو مقاطعة الأعراس التي تتخذ من الرصاص وسيلة للفرحة.

 

وشدد قائلا “نستطيع أن نفرح بوسائل عديدة هادئة وجذابة بعيدا عن صخب الرصاص وأضراره، أو مكبرات الصوت التي تزعج الآخرين”.

 

المصدر: وكالة الأنباء الألمانية


مشاركة

كلمات مفتاحية

التعليقات