يعاني الصيادون في مختلف المناطق الساحلية اليمنية من قرار منع وإيقاف تصدير المنتجات السمكية والبحرية إلى الخارج، الذي اتخذته الحكومة أخيراً، لتخفيف الأزمة المتصاعدة في شح المعروض من الأسماك في الأسواق المحلية وارتفاع أسعارها إلى مستويات قياسية.
واتبعت الحكومة اليمنية قرار منع تصدير الأسماك بحزمة إجراءات قالت إنها تهدف لمعالجة وفرة الأسماك، ووضع رؤية لمسودة استراتيجية القطاع السمكي، إضافة إلى تنظيم مراكز الإنزال السمكي وتفعيل الرقابة والإشراف.
وتركز هذه الإجراءات على معالجة وفرة الأسماك في مواقع الإنزال بحضرموت، جنوب اليمن، والمهرة، أقصى شرق البلاد، وحصر الكميات وتسويقها وبيعها في المحافظات شحيحة الإنتاج بالأخص في عدن.
ويؤكد مصدر مسؤول في وزارة الثروة السمكية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن قرار إيقاف التصدير كان ضرورة حتمية لمواجهة أزمة توفر الأسماك في الأسواق المحلية، في حين كانت هناك خطط وإجراءات تم إعدادها بالتزامن مع تنفيذ هذا القرار للحد من تبعاته وتأثيراته على الصيادين وطرق معالجتها والتحديات التي تواجههم بمراكز الإنزال السمكي.
ويشكو صيادون وجمعيات مختصة بالتصدير السمكي من تبعات قاسية لقرار إيقاف تصدير الأسماك التي كانت عائداتها المتاحة شريان حياة لفئة كبيرة من الصيادين الذين يعيلون أسرهم، في حين كانت هناك خيارات أخرى لمعالجة أزمة شح المعروض بمساعدة الصيادين وتنظيم عملية الاصطياد بدلاً من وقف التصدير، حسب عاملين في القطاع.
ويتحدث الصياد ناصر عثمان، لـ"العربي الجديد"، أن هناك مشكلة في الوصول إلى مناطق الاصطياد السمكي في ظل استباحة للمياه اليمنية من قبل سفن اصطياد خارجية، وهو ما يتطلب مساعدتهم وحل ما يواجهونه من تحديات وصعوبات ومشاكل تعرقل أعمالهم.
وتبرز عديد الصعوبات والتحديات، بحسب صيادين وتجار بمختلف المناطق اليمنية، في عملية الاصطياد البحري، منها ارتفاع أسعار الوقود والتجريف الذي تشهده مناطق الاصطياد البحري في خليج عدن والسواحل الممتدة إلى البحر العربي في حضرموت.
الصياد يوسف الوجرة، يؤكد من جانبه، لـ"العربي الجديد"، أن قرار إيقاف التصدير يضاعف الأعباء المتراكمة عليهم ويقلص العائدات التي يحصلون عليها من صيد الأسماك، لأن العائد المحلي ضعيف للغاية في ظل تفاقم بعض الأزمات المتصاعدة خلال هذه الفترة، مثل ارتفاع أسعار الوقود ومتطلبات ومستلزمات الاصطياد.
وتشدد الهيئة العامة للمصايد السمكية الحكومية في خليج عدن على أهمية العمل على فحص ومراقبة أسعار المنتجات السمكية من قبل الدوائر والهيئات المختصة، وتنظيم واستقبال المنتجات السمكية في مراكز الإنزال الواقعة في النطاق الجغرافي المحدد لها.
وفق مسؤولين في الهيئة، فإنها ستعمل خلال الفترة القادمة على زيادة تنظيم عمل جميع مراكز الإنزال الواقعة في نطاق عملها الجغرافي والحد من مراكز الإنزال العشوائي والتي انتشرت خلال الفترة الماضية.
لا تقتصر الأضرار المكلفة على الاصطياد والإنتاج السمكي في مناطق الحكومة اليمنية، بل تشمل أيضاً مناطق الساحل الغربي لليمن في محافظات الحديدة وتعز وحجة التي يتقاسم السيطرة عليها الحوثيون وأطراف محسوبة على الحكومة المعترف بها دولياً.
يوضح المسؤول في جمعية سمكية في الساحل الغربي لليمن بمحافظة الحديدة أصيل زيد، لـ"العربي الجديد"، أن تصدير الأسماك كان محصورا بنسبة كبيرة بالمنافذ البرية العاملة والواقعة في نطاق إدارة الحكومة اليمنية في محافظتي حضرموت والمهرة، جنوب وشرق اليمن، بسبب إغلاق منافذ التصدير المرتبطة بهذه المناطق الساحلية، كمنفذي الطوال وحرض البري في محافظة حجة المحاذية للسعودية، شمال اليمن.
في السياق، اتخذت وزارة الثروة السمكية والهيئات التابعة لها قراراً مشتركاً مع ممثلي القطاع الخاص والاتحاد التعاوني السمكي، لتنظيم عملية التسويق المحلي، وتسجيل وترقيم سيارات النقل وعملية التصدير وتطبيق الشروط على المصدرين ومراعاة وضع حقوق الصيادين وإلزام الشركات والمؤسسات بشراء وتخزين الكميات المتوفرة من الاسماك، إضافة إلى وقف كافة الأعمال التي تستنزف الثروة السمكية على مستوى الاصطياد الجائر والطحن.
بدورها، تشيد وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، وفق مصادر مطلعة، بقرار وقف تصدير الأسماك وتنظيم القطاع السمكي وتفعيل أعمال الرقابة والإشراف على عملية التسويق في الأسواق المحلية، بينما تشدد بالمقابل على أهمية قطاع الثروة السمكية في اليمن كرافد اقتصادي مهم لاقتصاد الدولة.
يقول إسماعيل جيلان، وهو مسؤول جمعية سمكية في محافظة المهرة، شرق اليمن، إن الحل لأزمة القطاع والمعروض السمكي ليس في إيقاف التصدير بل بالنظر بجدية للمشاكل الحقيقية المتسببة بهذه الأزمات المتفاقمة والعمل على حلها بما يؤدي للحفاظ على مصدر عيش كتلة عمالية كبيرة تعمل في الاصطياد السمكي.
وتؤكد الجهات الحكومية المختصة أن القطاع السمكي في اليمن يعاني من تبعات ما مرت به البلاد من أزمات خلال الأعوام الماضية من دمار سببته الحرب وتقلبات مناخية وأعاصير انعكست تأثيراتها على هذا القطاع، إذ يتطلب ذلك توحيد كافة الجهود الحكومية والقطاع الخاص لرفع مستوى الإنتاج في القطاع السمكي على طول الشريط الساحلي لليمن الذي يزيد عن 2500 كيلومتر.
التعليقات