بدأ ما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ينادي بانفصال جنوب اليمن، باستعراض قواته في محافظة أبين، ومدينة عدن، العاصمة المؤقتة، جنوبا، وسط تلويح قيادات فيه بالتصعيد والتمدد نحو مناطق لم يصلوا إليها بعد، شرق البلاد.
وقد أثارت هذه التحركات والاستعراضات العسكرية لقوات المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب اليمن عن شماله، تساؤلات عدة حول ما يخطط له من وراء ذلك.
ففي الوقت الذي يرى البعض أن التحشيد العسكري من قبل المجلس الانتقالي يندرج في إطار حالة التنافس بين الإمارات والسعودية، يعتبر مؤيدون للانتقالي أنها تحركات عسكرية متداخلة مع التحركات السياسية للمجلس؛ سعيا منه في التوسع نحو محافظتي حضرموت والمهرة، أقصى شرق اليمن.
"انعكاس لصراع الرياض وأبوظبي"
وفي السياق، يقول رئيس تجمع القوى المدنية في محافظات جنوب اليمن، عبدالكريم السعدي؛ إن ما يجري من معارك لما وصفها "الأدوات في الداخل" سواء الانتقالي أو غيره، إنما هي انعكاس لمعارك أطراف التحالف، في إشارة إلى الرياض وأبوظبي.
وأضاف السعدي في حديث خاص لـ"عربي21"، أنه كلما اشتد التوتر بين المملكة والإمارات استنفرت الأدوات، وهذا ما بات ملاحظته على مدى مراحل الصراع منذ الإعلان عن عواصف الحزم والعزم.
وأشار السياسي اليمني: "فلو أخذنا كل تصعيد للامارات عبر أدواتها ومرتزقتها الذي يمثل الانتقالي أبرزها، سنجد أن هذا التصعيد ما هو إلا ردة فعل على خطوة خطتها السعودية".
وقال؛ إن السعودية رفضت أيضا، عودة العليمي (رئيس المجلس الرئاسي) وفرقته، فيما ردت الإمارات بالتصعيد باتجاه حضرموت؛ لأنها ترى في رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي قارب الإبحار الجديد إلى المزيد من التنازلات عن السيادة والثروة، وبطابع رسمي هذه المرة.
وتابع السعدي: "بينما ترى الرياض أن مجلس العليمي خطأ استراتيجي وقعت فيه المملكة يجب تصحيحه".
وحسب القيادي والسياسي الجنوبي، فإن الانتقالي لايخطط إلى شيء ولا يمتلك عقلية وأدوات التخطيط أساسا، مؤكدا أن هذا الكيان ينفذ توجيهات اللجنة الخاصة الإماراتية.
ومضى قائلا: ولذلك، من الممكن انتظار توافق أطراف التحالف، بعدها، سنجد أن الانتقالي عاد إلى قفصه، مثلما عاد إلى القفص نفسه بعد إعلان الإدارة الذاتية في وقت سابق.
تداخل عسكري وسياسي
من جانبه، قال الصحفي والناشط السياسي اليمني، صلاح السقلدي؛ إنه يوم الجمعة الحالي، لقي 7 جنود جنوبيين مصرعهم وإصابة عدد آخر، في هجوم وصفه بأنه "إرهابي"، استهدفهم في محافظة أبين، وهو ليس الأول من نوعه، بل تكرر كل عدة أيام.
وتابع السقلدي حديثه لـ"عربي21" بأن هذا يشير إلى طبيعة تحركات ما أسماها "القوات الجنوبية"، أي التشكيلات التابعة للانتقالي هناك، و"مؤشر صريح على صعوبة المهمة التي يخوضها الانتقالي وحيدا بمجابهة الإرهاب"، على حد قوله
وحسب الصحفي اليمني الموالي للمجلس الانتقالي، فإن هذه التحركات لا يمكن اعتبارها تصعيدا أو انتشارا عسكريا ضد جهة سياسية، بل حربا ضد الجماعات الإرهابية المحمية من قوى حزبية وسياسية نعرفها بالاسم.
وبشأن ما الذي يخطط له الانتقالي من وراء تحركاته، فيؤكد الناشط السياسي اليمني أنه يستهدف الإرهاب قطعا، بدرجة أساسية، مع إقرارنا بأن ثمة حسابات سياسية تكمن داخل تحركات كهذه، ولكن ليس في أبين بدرجة كبيرة، بل في حضرموت وإلى حد ما في شبوة.
وأردف قائلا: ففي حضرموت الداخل، هناك حراك شعبي يتشكل بقوة بوجه المنطقة العسكرية الأولى (تابعة للجيش اليمني) الجاثمة على منابع النفط، والحامية لمصالح القوى النهبوية بالدولة اليمنية العميقة منذ ثلاثة عقود، وفق تعبيره
وأشار الصحفي السقلدي إلى أنه يرافق ذلك الحراك تحشيد عسكري جنوبي هناك، ومن ثم يمكن اعتبار ما يجري هناك بأنه تداخل بين التحركات العسكرية والسياسية للانتقالي في مواجهة تلك القوى، والسعي لاجتثاث قوى النهب والفيد التي ما تزال تفعل فعلتها على رؤوس الأشهاد، رغم التحولات الجذرية العسكرية والاجتماعية والخارطة السياسية الجديدة التي أفرزتها هذه الحرب.
والجمعة، قتل سبعة جنود يتبعون المجلس الانتقالي الجنوبي، وأصيب 8 آخرون، في انفجار عبوات ناسفة بمحافظة أبين جنوبي اليمن.
والأحد الماضي، أعلن "الانتقالي الجنوبي" انطلاق المرحلة الثانية من عملية "سهام الشرق" لمكافحة "الجماعات الإرهابية"، في أبين.
التعليقات