في سياق المساعي لتمديد الهدنة في اليمن، قدّم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مقترحات للحصول على موافقة من الحوثيين خصوصاً، أبرزها ربط مطار صنعاء بمزيد من الوجهات الدولية، ودخول منتظم لسفن المشتقات النفطية إلى الحديدة، في سياق مساعي تمديد الهدنة إلى ما بعد 2 أغسطس/آب المقبل.
غير أن الشكوك تبقى كبيرة في قبول مختلف الأطراف بالمقترحات المطروحة، خصوصاً في ظل إصرار طرف الشرعية على حل مشكلة حصار تعز وملف الأسرى، كأولوية لديها.
وكان غروندبرغ قد قال في بيان حول الهدنة وآفاق تمديدها، أمس الخميس، إن "تمديد الهدنة وتوسيع نطاقها سيزيدان من الفوائد التي تعود على الشعب اليمني، كما سيوفران منصة لبناء مزيد من الثقة بين الأطراف، والبدء في نقاشات جادة حول الأولويات الاقتصادية مثل الإيرادات والرواتب، والأولويات الأمنية بما فيها وقف إطلاق النار. والهدف في نهاية المطاف هو المضي قدماً نحو تسوية سياسية تُنهي النزاع بشكل شامل".
محاولة أممية للحصول على دعم الحوثيين
وفي إطار محاولاته الحصول على دعم الحوثيين لتمديد الهدنة، كشف غروندبرغ أن مكتبه يعمل على دراسة خيارات ربط مطار صنعاء بمزيد من الوجهات ضمن تمديد الهدنة إلى ما بعد 2 أغسطس المقبل. وكان تم الاتفاق على رحلتين تجاريتين أسبوعياً بين صنعاء وعمّان والقاهرة. كما تحدث عن أن تجديد الهدنة سيشهد دخولاً منتظماً لسفن المشتقات النفطية إلى مرفأ الحديدة في الوقت المناسب.
وأوضح أن الطرفين قدّما "في بداية المفاوضات، مقترحات لفتح طرق في تعز ومحافظات أخرى، وهو مؤشر إيجابي على استعدادهما للانخراط في المحادثات. وتضمّن أحدث اقتراح للأمم المتحدة ثلاثة طرق قدمتها جماعة أنصار الله (الحوثيون) وطريق دعا إليه المجتمع المدني. قبلت الحكومة اليمنية هذا الاقتراح لكن أنصار الله لم تقبله. كما أعلن الطرفان أخيراً عن عزمهما فتح بعض الطرق من جانب واحد".
وشدد غروندبرغ على أن "الإجراءات المتخذة من جانب واحد وحدها لا تكفي لضمان عبور آمن ومستدام للمدنيين على طول الطرق التي تعبر خطوط المواجهة وتقع تحت سيطرة الأطراف المختلفة"، مضيفاً أن "الأطراف بحاجة إلى التفاوض والتنسيق والتواصل بعضها مع بعض".
وأضاف: "لن نتوقف عن سعينا وبذل الجهود لتقريب وجهات النظر بين الأطراف للتوصل إلى اتفاق لفتح طرق رئيسية بشكل مستدام وآمن في تعز ومحافظات أخرى. ستكون هذه أولوية الفترة الحالية للهدنة وأي تمديد لها في المستقبل".
استغراب حكومي لتجاوز المشاكل القائمة
في المقابل، أكدت ثلاثة مصادر في الحكومة اليمنية في قصر المعاشيق في العاصمة المؤقتة عدن، وأخرى في القاهرة، لـ"العربي الجديد"، أن السلطات الشرعية لا تعارض، من حيث المبدأ، أي جهود إقليمية أو دولية، بما فيها جهود غروندبرغ، لتمديد الهدنة، أو خطوات نحو السلام وإنهاء الحرب، وتخفيف وطأة المأساة الإنسانية على الشعب اليمني، وهي تقدّر كل تلك الجهود.
لكن المصادر أشارت إلى أن السلطات اليمنية تستغرب بيان المبعوث الأممي، الخميس، الذي تجاوز فيه الكثير من المشاكل الحقيقية، وأبرزها رفض الحوثيين كل الاتفاقيات السابقة إضافة إلى حسن النوايا، التي حاولت الشرعية من خلالها إحراز تقدم، مقابل حل العديد من الملفات، والتي تم نقاشها في مفاوضات الأردن، برعاية الأمم المتحدة.
وقالت المصادر إن المبعوث اتجه إلى الدعوة لخطوات جديدة، بينما لم تُحل مشكلة ملف حصار تعز، وأيضاً فتح الطرقات، إضافة إلى ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين، وهذا تعقيد جديد للمشاكل والأزمات، من خلال الدعوة لخطوات جديدة، في توسيع نطاق الهدنة، تفضي إلى ربط مطار صنعاء بوجهات جديدة، وخطوات تعزز من قدرات الحوثيين الإيرادية والاقتصادية، بينما لم تُنفذ الاتفاقات السابقة.
وأشارت المصادر إلى أن مكتب المبعوث الأممي تجاهل الوضع الإنساني الصعب في تعز، ورفْضَ الحوثيين رفع الحصار عنها وفتح الطرقات في أغلب المناطق، فضلاً عن تجاهله مجازر الحوثيين الجارية في منطقة خبزة في قيفة بمحافظة البيضاء، والاختراقات اليومية للهدنة في مختلف الجبهات والمناطق، وسقوط ضحايا يومياً من المدنيين.
دعوة لرفض أي خطوات جديدة
مصدر سياسي في حزب "المؤتمر الشعبي العام"، الجناح الموالي للشرعية، قال، لـ"العربي الجديد"، إن على الشرعية التمسك بالرفض القاطع لأي خطوات جديدة، أو دعوة لأي مفاوضات مقبلة لأي من الملفات السابقة أو الجديدة، حتى يرفع الحوثيون الحصار عن تعز ويفتحوا الطرقات، ويوقفوا الهجمات العسكرية، بما فيها ما يحدث في منطقة خبزة في البيضاء، إضافة إلى صرف رواتب الموظفين من إيرادات ميناء الحديدة، وهي التزامات سابقة كان على الحوثيين تنفيذها، لكنهم لم يقوموا بذلك، لأن ما دون ذلك، ووفقاً لمساعي المبعوث الدولي، محاولة لشرعنة الحوثيين عبر استخدام مطار صنعاء لفتح علاقات مع دول جديدة وشرعنة جوازات سفرهم أيضاً.
وكان مجلس القيادة الرئاسي، برئاسة رشاد محمد العليمي، قد عقد اجتماعاً في عدن الخميس، بحث خلاله مسار الهدنة. وذكرت وكالة "سبأ"، التابعة للشرعية، أن المجلس "استمع إلى تقرير من عضو المجلس طارق صالح حول الأوضاع العسكرية والأمنية في جبهات الحديدة وتعز، منذ دخلت الهدنة الإنسانية حيز التنفيذ في 2 إبريل/نيسان الماضي".
وأضافت: "أشار التقرير إلى خروقات المليشيات الحوثية المدعومة من إيران، التي خلفت عشرات الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح، وإغلاق الطرقات الحيوية لحركة المواطنين ونقل البضائع، ومواصلة التحشيد العسكري إلى مناطق التماس مع القوات المسلحة".
وتابعت: "كما اطلع المجلس على تقريرين من محافظ البيضاء والجهات الأمنية حول الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي ترتكبها المليشيات الحوثية في قرية خبزة، بما في ذلك إحكام الحصار الخانق عليها ومنع الأهالي من الوصول إلى الخدمات الطبية والسلع الغذائية. ووجه الحكومة بالتدخل العاجل لإغاثة سكان القرية المنكوبة بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية المحلية والدولية".
في المقابل، كان رئيس وفد الحوثيين المفاوض محمد عبدالسلام قد انتقد، في تصريح لقناة "المسيرة" المتحدثة باسم الحوثيين، الثلاثاء الماضي، "مواصلة الطيران التجسسي والحربي العمل في الأجواء"، و"استمرار القصف المدفعي المعادي خصوصاً على الحدود". وتحدث عن عدم تنفيذ الاتفاق الخاص بعدد الرحلات من مطار صنعاء، وتأخير دخول السفن إلى ميناء الحديدة".
وبشأن فتح الطرقات في تعز، أكد عبد السلام "رفض صنعاء من اليوم الأول تسمية أي طريق، لأن هذا له علاقة بالوضع العسكري، وفتح الطرق له علاقة بوقف إطلاق النار"، موضحاً أن "فتح الطرق يجب أن يتم بناء على نقاش بين الأطراف، ونحن شكلنا لجنة عسكرية ولجنة للطرقات بينما الطرف الآخر شكل لجنة واحدة فقط لتعز".
تفاؤل أممي بتمديد الهدنة اليمنية
من جهته، أكد نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، دراسة خيارات ربط مطار صنعاء بمزيد من الوجهات إضافة إلى عمّان والقاهرة، مشيراً إلى تفاؤل حذر للأمم المتحدة بشأن تمديد الهدنة. وقال حق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الخميس: "أعتقد أننا نشعر بشيء من التفاؤل بأنه سيجرى تمديد الهدنة في اليمن (تنتهي في 2 أغسطس المقبل)، ولكن نحاول أن نعرف الفترة التي يمكن التمديد لها ونريد أكبر قدر ممكن من الوقت".
وأضاف حق، خلال مؤتمر صحافي تعليقاً على البيان الذي صدر عن غروندبرغ، أن "الشيء المهم هو أنه جرى الالتزام بالهدنة عموماً، وشهد اليمن انخفاضاً كبيراً في العنف. وهذه أطول مدة (لهدنة) عاشها الشعب اليمني منذ بدء الصراع. وهو مصدر ارتياح كبير للعائلات في جميع أنحاء البلاد، ولهذا السبب ندفع باتجاه تمديد الهدنة بشكل أوسع".
العربي الجديد
التعليقات