تفتح زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية، والقمة التي سيعقدها مع دول خليجية وعربية على هامش زيارته، الباب واسعا أمام تساؤلات عدة، حول موقع ملف "اليمن" في أجندة بايدن، طالما أنه كان حاضرا في برنامجه الانتخابي، وبرز كواحد من ملفات المنطقة، التي كانت ربما في برود العلاقة بين واشنطن والرياض.
وقبيل أسبوع من زيارة الرئيس الأمريكي، كان البيت الأبيض قد أعلن، في بيان له، أن جو بايدن سيسعى لتمديد الهدنة، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى اليمن، خلال زيارته المرتقبة للمملكة العربية السعودية.
وتأتي زيارة بايدن إلى المملكة في توقيت مهم، وبعد أيام من إعلان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن جماعة الحوثي المدعومة من إيران، رفضت آخر مقترحاته بشأن فتح الطرقات من وإلى محافظة تعز، جنوب غرب، على أربع مراحل، وهو البند الوحيد من بنود الهدنة المعلن تمديدها مطلع يونيو الماضي، الذي لم يجر تنفيذه حتى الآن.
كما تثير الزيارة والقمة الأمريكية الخليجية في مدينة جدة، عقب الزيارة، أسئلة أخرى بشأن المقاربة التي سيقدمها السعوديون وحلفاؤهم في الخليج لمعضلة الحرب في اليمن، والتأثير الإيراني الذي تعاظم بشكل كبير على مدى سنوات الحرب.
ويرى مراقبون أن سلطة المجلس الرئاسي الذي نقلت إليه صلاحيات رئيس البلاد السابق، عبدربه منصور هادي، تمثل الطرف الأضعف في المعادلة السياسية والعسكرية، إلى جانب الهيمنة السعودية الإماراتية عليها، في مقابل ذلك، يتعامل الحوثيون بصلابة، بعيدا عن التأثر بأي ضغوط خارجية، وهو ما يضع علامات استفهام حول أي مخرجات قد تفضي إليها زيارة بايدن إلى السعودية، في ظل هذه المعادلة المختلة في اليمن.
"إطالة الهدنة"
وفي هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، أن الملف اليمني لا شك سيكون حاضرا في اللقاء الذي سيجمع بايدن بدول مجلس التعاون الخليجي وبعض الدول العربية.
وقال الشجاع في حديث خاص ل"عربي21": "إن وسائل الإعلام قد صرحت بذلك، وأشارت إلى أن موضوع الحرب في اليمن سيكون ضمن جدول أعماله، فضلا عن أن الحرب كانت ضمن برنامجه الانتخابي وحظيت بمبعوث خاص"، في إشارة إلى المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي عينته واشنطن بعد أشهر من اعتلاء بايدن سدة الحكم فيها.
لكنه تساءل قائلا: كيف ستكون النتائج المتوخاة من هذا النقاش؟
وأضاف الأكاديمي اليمني: "نحن نعلم أن فتح هذا الملف سيتم دون حضور اليمن هذا أولا". أما ثانيا، يشير الشجاع إلى أن هذه الحرب لها علاقة بتسوية الملف النووي الإيراني، وهذا يعني أنها مرتبطة بمدى التقارب السعودي الإيراني".
وتابع: "وأي تسوية أو سلام سيكون وفق ما أفرزه الواقع على الأرض، وليس وفق متطلبات السلام الحقيقية".
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن بايدن سيركز على إطالة الهدنة التي تؤسس لسلام يقوم على تقاسم المصالح السعودية الإيرانية، والتي بدورها تفضي إلى مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وإسرائيل.
وحسب الأكاديمي والسياسي اليمني، فإن السعوديين للأسف الشديد ليس لديهم رؤية استراتيجية فيما يتعلق بخطر الحوثي بوصفه أداة إيرانية.
وقال: "إن كل ما تريده السعودية هو تأخير قيام الدولة اليمنية وحصولها على تطمينات من قبل الحوثي بعدم تعرض حدودها للمخاطر الأمنية".
كما لفت إلى أن كثيرا من المقاربات السعودية خلال سنوات الحرب صبت في مصلحة الحوثيين، وخصمت من رصيد الشرعية.
وأوضح الشجاع أن ما يتعلق بمجلس القيادة ككتلة واحدة ليس لديه أي سلطة، أما على المستوى الجزئي، فهناك سلطات متعددة تقوم على التبعية الخارجية، وأي مفاوضات ستكون هذه السلطات مع داعميها وليس مع المجلس.
ومضى قائلا: "لذلك، فالهدنة أو السلام المطروح هو سلام الأمر الواقع الذي يبقي على بواعث الحرب ولا ينهيها، ويجعل الشعب اليمني رهينة لدى الأطراف الإقليمية والدولية من خلال المليشيات التي تؤدي دور الشركات الأمنية لهذه الأطراف".
"لن يحظ بالكثير"
من جانبه، قال أستاذ الأزمات والصراعات بجامعة الحديدة، غربي اليمن، نبيل الشرجبي، إن "الظروف التي كانت سائدة أبان فوز بايدن بالرئاسة وتصريحاته وقراراته التي رافقت ذلك المشهد تغيرت إلى حد ما".
ومن تلك المواقف، يضيف الشرجبي لـ"عربي21" أن موقفه من الحرب في اليمن وتصنيف جماعة الحوثيين (إرهابية) كان مدفوعا ببغض كبير ضد السعودية، حمله عن رئيسه السابق باراك أوباما.
وحسب الأكاديمي اليمني: "اليوم تغير الكثير من المعادلات، والتي فرضت على بايدن تغيير كثير من قناعاته عن السعودية، مستدركا بأنها لن تؤدي إلى تغيير الكثير منها.
وأشار إلى أن ملف اليمن ربما لن يحظى بالشيء الكثير في زيارة بايدن للمنطقة، لأسباب أهمها أن هناك ملفات أهم وأكثر تعقيدا من الملف اليمني.
وأكمل: "وهي ملفات متعلقة بالوضع العالمي مثل موضوع الطاقة، ومواجهة روسيا والصين، والصراع العربي- الإسرائيلي، والملف النووي الإيراني".
ولفت أستاذ الأزمات بجامعة الحديدة المحلية، إلى أن أفضل ما سيخرج به الملف اليمني هو "الدعوة لتثبيت الهدنة، والدخول في حوار برعاية أممية".
وأما المقاربة التي سوف تطرحها دول الخليج بشأن اليمن، فيؤكد الشرجبي أنها ستؤكد على ما ورد في مقررات مؤتمر الرياض من إعلان الحلول الدبلوماسية والحوار.. ولاشي غير ذلك.
وقال إن المجلس الرئاسي لا يمتلك الموارد الكافية لإدارة العملية العسكرية، فضلا عن القرارات الميدانية لخوض المعارك.
وتابع: "وهذا الأمر، على العكس، بالنسبة للحوثيين التي تمتلك الأمرين"، موضحا أن الأمر الذي قد تقدم عليه الجماعة هو عدم رغبتهم في استمرار حالة اللاسلم واللاحرب، وبالتالي الاندفاع نحو القيام بعمليات عسكرية لتحقيق انتصارات تعزز من موقعها أكثر".
وما يدعم هذا المسار، وفقا للأكاديمي اليمني بجامعة الحديدة، "إيران التي قد تدفع بذلك الاتجاه بسبب إفشال الجهود لإنجاح مفاوضات النووي".
وقال: "وبذلك تتمكن إيران أيضا من تعزيز مركزها أمام الولايات المتحدة، وقدرتها على إجبار الغرب على تلبية شروطها".
"حلول سطحية"
وفي موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي، عبدالله العليمي، إنهم علي ثقة بأن القضية اليمنية ستحظى بما تستحقه من الاهتمام في هذه القمة التاريخية كأزمة يتمحور حولها مستقبل أمن واستقرار هذه المنطقة الاستراتيجية.
وفي تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الحكومية" سبأ"، الخميس، أكد أن بلاده رحبت بمقترح الهدنة الإنسانية وبجهود المبعوثين الأمريكي والأممي، رغم تعنت الانقلابين الحوثيين وعدم التزامهم بشروطها، وذلك لإنجاحها؛ تخفيفا لمعاناة شعبنا، وأملا بفتح أبواب سلام جاد ودائم.
وأضاف عضو المجلس الرئاسي اليمني أن صمود الهدنة الإنسانية، وتحويلها لمحطة ينطلق منها مسار سياسي آمن نحو السلام، مرهون بمدى توقف الإيرانيين عن التدخل في اليمن، والتزام الحوثيين بشروطها، مشددا على أنه ليس مقبولا أن يحول الحوثيون الهدنة إلى محطة لتفخيخ المستقبل، فاليمنيون لن يقبلوا باستمرار المعاناة.
وحذر العليمي من أي حلول هشة أو سطحية لا تقف على جذر المشكلة، مؤكدا أن مصيرها سيكون كارثيا.
وقال: "إن من حق الشعب اليمني منع التدخل الإيراني السافر، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة، وإحلال السلام الدائم الذي ينقذ اليمنيين، ويحافظ على مؤسساتهم وهويتهم وثوابتهم الوطنية، ويكافح الإرهاب، ويضمن أمن المنطقة".
ومطلع يونيو/ حزيران الماضي، وافق الطرفان على تمديد الهدنة الإنسانية لمدة شهرين إضافيين، بعد انتهاء هدنة سابقة بدأت في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي.
ويشهد اليمن، منذ أكثر من 7 سنوات، حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران، والتي تسيطر على محافظات، بينها صنعاء منذ أيلول/ سبتمبر 2014.
التعليقات