في بلد يعاني معظم سكانه من الفقر والبطالة، اتجه العديد من الشباب في اليمن إلى تأسيس مشاريع صغيرة، تقيهم من داء الفراغ وهم الحاجة.
وبات لافتا، لجوء شبان وشابات في اليمن، إلى تأسيس مشاريع صغيرة، سواء مقاه أو محلات لبيع السلع، أو مرافق لتقديم الخدمات.
وتحظى هذه المشاريع باهتمام السكان الذين يحرصون على ارتيادها، رغم ضعف القدرة الشرائية في البلاد.
وأدت تداعيات الحرب في اليمن إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 60 بالمئة، وفق تقارير حكومية، في وقت لم يستطع القطاعان العام والخاص من توفير فرص عمل جديدة.
وتراجع الريال اليمني من 215 ريالا للدولار مطلع عام 2015 إلى 1240 ريالا للدولار في مارس /آذار 2022، الأمر الذي أثر على قطاعات الإنتاج في البلاد.
** بناء وسط الدمار
ذكرى نعمان، أسست قبل عام محلا لبيع ملابس خاصة بالنساء والأطفال في شارع الغرفة التجارية بمدينة تعز (جنوب غرب)، أحد الأحياء التي شهدت معارك عنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين لمدة عام، ما أدى إلى دمار هائل في الحي قبل أن تعود فيه الحياة تدريجيا.
تقول نعمان للأناضول: "من خلال هذا المشروع الصغير أحببت أن أشارك في بناء مدينتي التي تعرضت للدمار جراء الحرب.. صحيح هو مشروع صغير، لكن مع مرور الوقت سيكبر".
وتبدي نعمان سعادتها بنجاح هذا المشروع مضيفة: "عن طريق المحل ساعدت أسرتي، ووفرت وظيفة لإحدى الشابات".
نعمان لديها ولد وابنتان تعيش معهم على نفقة مدخول المحل، وتطمح إلى توسيع مشروعها كي توظف فيه عددا من الشابات.
"أحب توظيف أكبر قدر من النساء.. مشروعي حقق نتائج إيجابية سواء مادية أو معنوية.. استطعت خلال سنة تحقيق الفائدة لي ولغيري.. يبدو الوضع جيدا الحمد لله".
وتقدم نعمان نصيحة للنساء: "كل من تقدر على عمل مشروع خاص، فلا تتردد؛ فتعز بمثابة أرض بكر.. أي شيء فيها يثمر من البداية".
** مشروع صغير ومتنفس
الشاب محمد فارع، أسس خلال فترة الحرب مشروع "مازجان كافيه" في مدينة تعز، الذي هو عبارة عن مقهى تم تصميمه بقالب حديث.
يقول فارع للأناضول: "تعز من المحافظات التي تأثرت كثيرا بسبب الحرب وافتقدت الكثير من الخدمات.. جاء مشروع مازجان كافيه يقدم خدمات تكاد تكون معدومة في مدينة تعز، خصوصا خلال فترة الحرب إلى الآن".
وزاد: "جاءت فكرة تأسيس هذا المقهى، كون السكان بحاجة إلى متنفس؛ ومكان مميز يقدم خدمة مميزة، لأن أغلب المشاريع كانت تقليدية، سواء على مستوى المطاعم أو المحلات".
وذكر أن "المقهى يقدم المشروبات الساخنة والباردة، بالطراز العالمي والمحلي، إضافة إلى إقامة لقاءات وندوات ونقاشات في المقهى".
ولفت إلى أن "مشروعه نجح في توفير 12 وظيفة مباشرة، إضافة إلى وظائف غير مباشرة مثل خدمة التوصيل، ما ساعد عددا من الأسر، في وقت تعاني فيه تعز واليمن أجمع من مشكلة البطالة".
** مشروع للنساء
رغم الأوجاع التي خلفتها الحرب، إلا أن يمنيات يواصلن الإصرار في سبيل خدمة المجتمع، وتقديم وسائل الراحة للنساء اللواتي تعرضن لآلام لا تحصى جراء النزاع.
نسيم العديني، ناشطة مجتمعية تتحدث عن مشروع (بيرو كافية) الخاص بتقديم القهوة والمشروبات للنساء في مدينة تعز".
تأتي العديني إلى المقهى بشكل متكرر لتقوم بمساعدة زميلتها مالكة المشروع.
تقول للأناضول إن "المشروع عمره سنة ونصف، تم إنشاؤه في منطقة كانت مهجورة تماما شرقي مدينة تعز، بسبب الحرب والحصار".
وأضافت أن "الكافيه أعاد الحياة إلى المنطقة، حيث بات متنفسا للكثير من الأسر.. المشاريع الصغيرة لها أهمية كبيرة في تعز في ظل استمرار تفشي البطالة، وتضرر الكثير من المشاريع الكبيرة جراء الحرب".
وأردفت: "ننصح الشباب بأن يتجهوا إلى صنع مشاريعهم الصغيرة، كونها تشغل العاطلين عن العمل وتكفل الأسر".
ودعت المنظمات الدولية إلى المساهمة في دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة في تعز واليمن بشكل عام.
ويشهد اليمن منذ أكثر من 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وأدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.
التعليقات