زاد الزخم الدولي والإقليمي مؤخرا، لحل أزمة ناقلة "صافر" النفطية الراسية قبالة سواحل محافظة الحديدة غربي اليمن، وباتت تشكل تهديدا بيئيا كبيرا.
تجلى هذا الزخم في إعلان الأمم المتحدة في 9 أبريل/نيسان الجاري، خطة طارئة لحل أزمة الناقلة، وصفتها بأنها "قابلة للتنفيذ وتحظى بدعم أطراف النزاع".
وبينما رحبت الحكومة اليمنية على لسان رئيسها معين عبد الملك، الأحد، بالخطة الأممية، نفت جماعة الحوثي وجود تلك الخطة.
و"صافر" سفينة عائمة لتخزين النفط وتفريغه، ترسو على بعد 8 كلم إلى الشمال الغربي من ميناء "رأس عيسى" في الحديدة، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وتعود ملكية السفينة لشركة النفط الحكومية "صافر لعمليات إنتاج واستكشاف النفط"، حيث كانت قبل اندلاع الحرب تستخدم لتخزين النفط الوارد من الحقول المجاورة لمحافظة مأرب (وسط) وتصديره.
وبسبب عدم خضوعها لأعمال صيانة منذ عام 2015، أصبح النفط الخام والغازات المتصاعدة تمثل تهديدا خطيرا على المنطقة، حيث تحمل السفينة أكثر من 1.1 مليون برميل نفط، وهو ما يجعلها عرضة لخطر تسرب أو انفجار أو حريق، وتقول الأمم المتحدة إن السفينة "قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة".
** بحث عن التمويل
وفق المنسق الأممي إلى اليمن، ديفيد غريسلي، تنص الخطة الأممية، على "تركيب سفينة بديلة على المدى الطويل للناقلة خلال فترة مستهدفة مدتها 18 شهرا".
وأفاد بأنه "سيتم تنفيذ عملية طارئة لمدة 4 شهور من قبل شركة إنقاذ عالمية، بهدف القضاء على التهديد المباشر، ونقل النفط (من صافر) إلى سفينة مؤقتة آمنة".
لكن الخطة تواجه تحديا في توفير التمويل اللازم لتنفيذها، والبالغ 80 مليون دولار، حيث أجرى غريسلي رفقة مبعوث واشنطن للشرق الأوسط تيم ليندركينغ مؤخرا، جولة تشمل السعودية وقطر والكويت والإمارات، لبحث تمويل الخطة، دون تقديم تلك الدول تعهدات مالية لدعمها.
والسبت الماضي، أعلن غريسلي في تغريدة، أن الأمم المتحدة ستشارك مع هولندا في 11 مايو/أيار المقبل، في رئاسة مؤتمر إعلان التبرعات لخطة حل أزمة الناقلة، دون تفاصيل عن مكان عقده.
** دعوات وتحذيرات
وتزامنا مع الجهود الأممية، دعا المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندر كينغ، الجمعة، الحوثيين إلى التعاون مع تلك الجهود لمواجهة تهديد ناقلة "صافر".
فيما حذر البرلمان العربي في بيان، من "استمرار تلاعب ميليشيا الحوثي بملف الخزان وتغيير مواقفها واستخدامه كورقة ابتزاز سياسي وعدم السماح بالصيانة".
وطالب البرلمان "مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة لإلزام الحوثيين بنقل الوقود قبل وقوع الكارثة".
بينما أطلقت منظمة السلام الأخضر "غرين بيس"، الدولية المعنية بحماية البيئة، حملة لجمع تبرعات دعما للخطة الأممية، محذرةً من مخاطر تسرب النفط من الناقلة.
وقالت المنظمة في بيان مؤخرا، إن ذلك "سيترتب عليه تداعيات وعواقب كارثية"، مشددة أنه "لا يمكن القبول أن يكون فشل الخطة جراء نقص التمويل".
** ورقة ضغط حوثية
الخبير الاقتصادي اليمني مصطفى نصر، قال إن "أزمة صافر تثار مرارا، وهناك جهود أممية وغيرها، لكنها تصطدم بمعوقات كثيرة في نهاية المطاف، الأمر الذي أفشل كل التحركات الماضية وحتى الآن".
واعتبر نصر، الذي يرأس "مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي" اليمني (مدني)، في حديث للأناضول، أن "الخطة الأممية الأخيرة باتت متعثرة".
واتهم الحوثيين بـ"التعنت في معالجة هذه الإشكالية حيث أنهم يريدون الحفاظ على كمية النفط التي على متن الخزان".
وأضاف أن "قضية خزان صافر استخدمت كوسيلة وأداة في إطار الصراع ولم يتم النظر إليها باعتبارها تمثل خطرا بيئيا واقتصاديا على البحر الأحمر واليمن والإقليم في حال تسرب النفط".
وأرجع "إحباط المحاولات السابقة لتجنب الكارثة، في استخدام هذا الملف كأداة سياسية من أدوات الصراع"، معتبرا أن "الكرة في ملعب الجماعة الحوثية بحكم سيطرتها على الميناء".
وأفاد بأن "الجماعة تتعامل مع الخزان كورقة من أوراق الضغط التي تمارسها على الأطراف المحلية والأممية المتحدة والمنظمات الدولية".
وسبق للأمم المتحدة أن أعلنت عن عدة مبادرات لحل أزمة الناقلة منذ يوليو/تموز 2020، لكنها لم تتكلل بالنجاح، بسبب "عدم التوافق" مع الحوثيين، الذين يتهمون المنظمة الدولية بـ"المماطلة في القيام بعمل حل عاجل للناقلة".
** تواطؤ أممي
من جهته، يرى مدير فرع شركة النفط اليمنية (حكومية) بمحافظة الحديدة، أنور العامري، أنه "لا جديد في التحركات الأممية الأخيرة لإنقاذ خزان صافر".
ونفى في تصريح للأناضول، "وجود تحركات جدية من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للقضاء على هذا التهديد على الملاحة الدولية"، موضحا أن "الخطوات التي طالبت بها الأمم المتحدة في خطتها الأخيرة للمعالجة طويلة جديدة".
واعتبر "المدة الزمنية والمبالغ المحددة لتنفيذ الخطة الأممية كبيرة جدا"، مشيرا أنه "إذا كانت هناك نوايا حقيقة فإنها ستكون سريعة وأكثر جدية".
وذكر أن "الخطة الجديدة ينقصها التمويل الذي إذا لم يتوفر لن يحصل شيء"، متهما الأمم المتحدة بـ"التواطؤ مع الحوثيين الذين يحاولون استخدام الناقلة كرهينة وملف ابتزاز سياسي".
ولفت أن "الحوثيين تركوا صافر بهذا الحال من أجل اتخاذها كقنبلة موقوتة وتفجيرها في حال معاودة القوات الحكومية عملياتها لاستكمال السيطرة على محافظة الحديدة".
كما اتهم المتحدث: "الحوثيين بمحاولة الضغط للحصول على مبالغ مالية وتحقيق مكاسب سياسية من ملف صافر"، مشددا على "ضرورة نقل الخزان من مكانه إذا كانت هناك رغبة أممية حقيقة لإنهاء المشكلة".
وأضاف: "بدلا من جلب سفينة أخرى إلى جانب صافر لتصبح رهينتين بيد الحوثيين، الأصل أن يتم سحب صافر إلى مكان آمن وإحضار السفينة البديلة".
وأفاد بأنه "يفترض على الحكومة اليمنية عدم الموافقة على الخطة الأممية، والمطالبة بضمانات أخرى من الأمم المتحدة".
وناقلة "صافر" النفطية، أحد تجليات الأزمة في اليمن، الذي يشهد منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
التعليقات