يقف اليمن في مفترق طرق مع اشتداد الأزمات الغذائية والمعيشية وما تفرضه من صعوبات وتحديات أمام وضع الخطط التموينية المناسبة للتعامل معها، بالنظر إلى فقدان السيطرة على الأسواق التجارية وسلاسل التوريد.
وفي تحرك متأخر، فتحت الجهات والدوائر المعنية في القطاعين العام والخاص ملف الوضع التمويني في اليمن والمخزون الغذائي من القمح على ضوء التطورات المتلاحقة على المستويين الدولي والمحلي. وتشهد الأسواق اليمنية ارتباكاً واضحاً خلال شهر رمضان في ظلّ صعوبة تأمين الاحتياجات السلعية مع ارتفاع الأسعار بصورة قياسية وتأثير ذلك على القوة الشرائية والاستهلاكية لليمنيين الذين يفتقدون للسيولة المالية لتأمين احتياجاتهم الغذائية.
ويحذر رئيس جمعية الأفران والمخابز اليمنية طاهر الحميري، في حديث لـ"العربي الجديد"، من تصاعد أسعار مكونات إعداد الرغيف في اليمن وانعكاسها في زيادة فاتورة تكاليف المنتج النهائي والذي يشكل صدمة لهذه القطاعات التي لا تستطيع تغطية هذه الفوارق والتكاليف بالنظر إلى طريقة التعامل معها من قبل الجهات والدوائر المعنية أو للمستوى المعيشي المتدهور لليمنيين.
ويعدد الحميري مجموعة من السلع المكونة للرغيف التي زادت أسعارها بشكل تدريجي أخيراً في اليمن، مثل الزيوت مع وصول سعر العبوة المتوسطة من الزيت إلى نحو 15 ألف ريال، من 10 آلاف ريال، إضافة إلى ارتفاع سعر الخميرة إلى أكثر من 1100 ريال (الدولار = نحو 1000 ريال).
وناقش اجتماع موسع عقدته وزارة الصناعة والتجارة وممثلو عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقات وبرنامج الأغذية العالمي تأمين المخزون الغذائي من مادة القمح.
وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة اليمنية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنّ الأزمة التي يتم بحثها في ما يتعلق بتأمين احتياجات اليمن من القمح لا تقف عند حدود تبعات الحرب في أوكرانيا، بل تصل إلى بروز تأثيرات أخرى أكثر حدة، مثل أزمة الوقود وارتفاع أسعاره المتلاحقة والتي وصلت إلى ذروتها في انعكاسها على مجمل الأوضاع التموينية والتجارية وأسعار السلع والمواد الغذائية.
وفي إطار توجهات لتأمين مخزون غذائي استراتيجي لليمن، شكلت الحكومة اليمنية لجنة تشمل إلى جانب وزارة الصناعة والتجارة وزارتي التخطيط والزراعة ومصلحة الجمارك وهيئة المواصفات والسكرتارية الفنية للأمن الغذائي، إضافة إلى الاتحاد العام اليمني للغرف التجارية والصناعية.
وتتلخص مهمة اللجنة في التنسيق والدعم وإعداد رؤى وأفكار تساهم في تنفيذ استراتيجية الأمن الغذائي الوطني ورفع تصورات إيجابية تساهم في سرعة توصيل المساعدات الغذائية، وتوفير الكمية الكافية من القمح والدقيق على وجه الخصوص، لتخفيف التداعيات الاقتصادية التموينية والسلعية والسعرية على اليمنيين.
التاجر اليمني فضل العاقل، يشرح لـ"العربي الجديد"، أنّ استخدام وسائل الترهيب والقمع من قبل بعض السلطات في اليمن للتعامل مع القطاع التجاري والغذائي كما هو حاصل في صنعاء، أمر غير منطقي ويشكل بيئة طاردة للعمل التجاري والاستثماري وعائقا رئيسيا يهدد سلاسل التوريد وتأمين احتياجات اليمن من القمح وهي المهمة المنوطة بشكل رئيسي بالقطاع التجاري الخاص المستورد في اليمن.
واستطلعت "العربي الجديد" آراء مستهلكين في محافظات عدن وشبوة والمهرة ومأرب، الذين أكدوا حصول تغير في نمط استهلاكهم وشرائهم للسلع الغذائية خصوصاً القمح، إذ لم يعودوا يشترونه كحبوب أو دقيق، وأصبحوا يشترون الخبز من الأفران. بينما تعتمد كثير من الأسر في صنعاء وتعز والحديدة ومحافظات أخرى في شمال وغرب اليمن على نظام المساعدات الإغاثية رغم تراجعها.
ويؤكد الباحث الاقتصادي فيصل الأميري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ تدهور معيشة اليمنيين وفقدان كثير من الأسر اليمنية مصادر دخلها وتأثير ذلك على توفر السيولة المالية لديها، يغطي على فجوة الأمن الغذائي وتناقص المخزون السلعي من السلع الضرورية في اليمن.
يضيف أنّ هناك تدهوراً كبيراً للقوة الشرائية لليمنيين والتي انعكست على وجود نوع من الاستقرار التمويني مع تغير نمط الاستهلاك والشراء لدى بعض الأسر وتوفير احتياجاتها بالنسبة لهذه السلع، كالقمح والدقيق والأرز والسكر، بشرائها بشكل مقنن للغاية بالكيلوغرام.
التعليقات