انتقد خبير إسرائيلي غياب واشنطن عن العمل في بعض الساحات المتوترة في المنطقة والعالم، مؤكدا أن "حرب الصواريخ" الحالية التي تقودها إيران، توفر لـ"إسرائيل" نموذجا عن القدرات الإيرانية التي يمكن أن تستخدم ضدها عبر 6 ساحات.
وأوضح الخبير الإسرائيلي ألون بن دافيد، في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، أن "حرب الصواريخ المتصاعدة في الأسابيع الأخيرة بين الحوثيين والسعودية والإمارات، توفر لإسرائيل نموذجا حاضرا عن طبيعة القتال الذي طورته إيران من بعيد وإطلالة على جملة قدراتها".
تكنولوجيات عسكرية
وأعتبر أن "هذه الحرب تذكرنا بالضعف الأمريكي في المنطقة، وتفتح من جديد فرصة لإسرائيل لأن تقيم منظومة إخطار ودفاع جوي"، منوها إلى أن "رؤساء أمريكا درجوا على إطلاق تصريحات من قبيل "نحن نقف إلى جانب الإمارات، ومستعدون لعرض مساعدة أمنية واستخبارية بقدر ما يرغبون" وذلك بعد تعرض حليف لهم للهجوم، ولكن عندما يبدو البيت الأبيض اليوم فارغا أكثر من أي وقت مضى، رئيس وزراء إسرائيل مطالب بان يطلق هذه الكلمات لولي عهد الإمارات".
وأشار الخبير إلى أن "الشرطي العالمي غفى، والولايات المتحدة غير موجودة؛ لا في الشرق الأوسط ولا في أوكرانيا ولا في أوروبا، وهذه أنباء سيئة لمن يعتمدون عليهم مثلنا"، مضيفا: "قبل لحظة من الغفوة، تلقينا من الولايات المتحدة هدية عظمى في شكل "اتفاقات إبراهيم" (التطبيع)، والشراكات الجديدة التي خلقتها لنا في المنطقة، وبينما أبدت الإمارات، البحرين والمغرب انفتاحا تجاه إسرائيل، هنا في إسرائيل كان هناك من أصروا في البداية على الانقطاع عن المفاهيم القديمة للعالم العربي، وأبدت وزارة الأمن انعدام رغبة في بيع تكنولوجيات عسكرية للشركاء الجدد، بما في ذلك منظومات دفاع جوي يحتاجون لها جدا".
وزعم أن جهاز "الموساد" الذي شق الطريق للتطبيع، استجدى رجال وزارة الأمن وقال "كفوا عن النظر إليهم كـما تنظرون إلى العرب، إنهم شيء آخر"، في عدة مجالات اضطرت وزارة الأمن لأن تسمح ببيعهم بعض التكنولوجيات، مثل السايبر الهجومي، ولكنها في مجال الدفاع الجوي بقيت متصلبة في رفضها".
ونوه بن دافيد، إلى أنه عندما "ضاقت عليهم الأمور، توجهت الإمارات لشراء منظومات دفاع جوي من كوريا الجنوبية، تستند لتكنولوجيا روسية، وهكذا فوتت إسرائيل فرصة لبيع هذه المنظومات ("القبة الحديدية" و"مقلاع داود") ونصبها لمواجهة التهديدات الإيرانية التي تهاجم الإمارات اليوم، كما أنها فوتت صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار، كان يمكنها أن توفر مزيدا من المال للصناعة الأمنية الإسرائيلية".
وبين أن "الإمارات والسعودية، تذوقا في الأسبوعين الأخيرين جملة من القدرات الإيرانية، وهو ما بدأ الجيش الإسرائيلي يسميه "مطر" أي؛ صواريخ، حوامات ومقذوفات صاروخية، وليس ما كان يسمى "تمس" أي؛ قذائف طائرة؛ وهي جملة من الطائرات المُسيرة، الصواريخ الجوالة والصواريخ الباليستية، في هجمات متزامنة جيدا".
وأكد أن "جماعة الحوثي وبتوجيه من إيران وحزب الله، باتت اليوم تعرف جيدا كيف تطلق هجمات منسقة لأكثر من ألف كيلو متر، وهم يظهرون دقة في توقيت اطلاق العناصر المختلفة، بحيث يمكنها جميعا أن تصل لهدفها معا؛ فمن المسيرات التي تطير على مدى ساعات طويلة إلى الصواريخ الجوالة والصواريخ الباليستية التي تطير بدقائق قليلة؛ كلها تهاجم الهدف في الوقت ذاته".
وذكر أن "القوات الأمريكية التي ترابط في قاعدة سلاح الجو "الظفرة" في الإمارات، هرعت هذا الأسبوع لنجدتهم فأسقطت صاروخين باليستيين ، في اعتراض عملياتي هو الأول من نوعه لمنظومة الدفاع الأمريكية "ثاد"، ولكن أساس دفاع الإمارات والسعودية يستند لمنظومات "باتريوت" التي اشترها من الولايات المتحدة ذات النجاعة المحدودة ضد الصواريخ، وفي ضوء الهجمات المتزايدة، تدير الإمارات والسعودية اقتصاد تسلح، علما بأن احتياطي صواريخ الاعتراض لديهما آخذ في النفاد".
فرص متكررة
وفي ظل هذا الواقع، رأى الخبير الإسرائيلي أنه "نشأت لإسرائيل فرصة متكررة لأن تعرض توريدا سريعا لمنظومات الدفاع، صواريخ اعتراض ورادارات، وفضلا عن الصورة الاقتصادية الهامة والمساهمة التي ستكون لهذا في تعزيز العلاقات مع الشركاء الجدد، فإن نصب رادارات إسرائيلية متطورة في الخليج قرب إيران، ستسمح لإسرائيل بإخطار مبكر أكثر على إي هجمات تنطلق من إيران، وهذا يمكن له أن يكون حجر زاوية في منظومة الدفاع الجوية".
وأشار إلى أن "إيران تغدق على الحوثيين بأفضل وسائلها القتالية ليس لأنها ترى مصلحة اقتصادية في اليمن، بل لأن هذه الأرض الإقليمية، هي نقطة انطلاق ضد السعودية والإمارات، ويتطلب التواجد الإيراني في اليمن من السعودية ومن الإمارات النظر من الشرق أيضا، هي إيران نفسها وكذا جنوبا".
ونبه بن دافيد، بأن "هذه الاستراتيجية تطبقها أيضا على إسرائيل، فإيران توجد اليوم في ست ساحات يمكنها أن تهدد إسرائيل بنار طائرة على أنواعها؛ لبنان، غزة، سوريا، العراق، اليمن وإيران نفسها، والدفاع الإسرائيلي لا يزال يدار في مفهوم الساحة؛ عبر "القبة الحديدية" مع رادارات قطاعية تحمي منطقة معينة من جهة معينة".
وسبق أن اقترح العميد ران كوخاف، الناطق العسكري اليوم وحتى وقت قصير مضى قائد الدفاع الجوي، "الانتقال من الدفاع الشخصي للدفاع الإقليمي".
وفي المرحلة الأولى، "قدرة دفاع قطرية - قومية تجاه عموم التهديدات التي تصل عن طريق الجو، والتي تتداخل فيها أيضا قدرات الليزر المتطورة، ولاحقا دفاع جوي مشترك مع دول أخرى"، بحسب الخبير الذي لفت أنه "رغم غياب الولايات المتحدة عن المنطقة، هذه الإمكانية فتحت من جديد".
وأفاد بأن "التغيب الأمريكي بات ملموسا أيضا في الشمال، عندما أجرى سلاح الجو الروسي الأسبوع الماضي طلعة مشتركة مع طائرات سورية مرت ضمن مناطق أخرى في الجولان السوري، وهذه ليست هي المرة الأولى التي يجري فيها الروس طلعة دورية كهذه، ومثلما في المرات السابقة حرصوا على أن يطلعوا سلاح جونا مسبقا، ولكن في هذه المرة الأولى، تم التصوير ونشر الصور أيضا".
وأوضح بن دافيد، أن "إسرائيل تحاول فهم المغزى الروسي من هذه الطلعات، وعلى ما يبدو أن هدف الجولة الروسية المغطاة إعلاميا، كان إدخال إسرائيل في تردد".
وتساءل: "هل كانت هذه إشارة الى أن سوريا سترد على الهجوم الإسرائيلي التالي؟، هل يحدد الروس لنا بأن صبرهم قد نفد؟"، مقدرا أنه "بعد بضعة أيام ستنجلي سحب المطر والثلج، ستطرح على الطاولة الأهداف التي تجمعت حاليا في سوريا ومعها هذه الأسئلة".
التعليقات