واجه قطاع الأسماك في اليمن، تحديات كبيرة منذ اندلاع الحرب في ربيع 2015، تسببت في إلحاق أضرار بالغة بالعاملين في بلد يشكل هذا القطاع وصناعاته أحد أهم القطاعات الاقتصادية.
ويملك اليمن سواحل طولها 2500 كيلو متر، تحوي مناطق غنية بالأسماك، وقطاع سمكي كان يفترض أن يسهم في تعزيز اقتصاده الوطني.
ووفق بيانات قديمة تعود لعام 2012، كان يسهم قطاع الأسماك بنسبة 3 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي، كثاني أكبر مصدر إيرادات للتصدير بعد النفط، لكن البيانات لم تحدث منذ ذلك الوقت.
وكشفت البيانات الحكومية حينها عن وجود 90 ألف صياد مرخص "صيادون تقليديون"، في حين بلغ عدد القوى العاملة في أنشطة الصيد والأنشطة ذات الصلة حوالي 500 ألف شخص.
وأما عن الإنتاج السمكي للبلاد فلا توجد بيانات دقيقة لذلك، إلا أن تقديرات مؤسسات معنية، قالت إن 200 ألف طن كان يتم إنتاجها سنوياً، يتم تصدير نحو نصفها، غير أنه ومنذ اندلاع الصراع في 2015، انخفض حجم الإنتاج للنصف.
معاناة ومصادرة وموت
يقول أحد المطلعين على أوضاع القطاع السمكي في الشواطئ الغربية لليمن على البحر الأحمر، وهو صحفي فضل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أنه لا يمكن وصف ما يتعرضون له منذ سنوات، ابتداءً من ارتفاع الأسعار وخاصة أسعار الوقود، وبقية المستلزمات، يقابل ذلك ارتفاع أسعار المعيشة.
ويشير إلى أن اعتداءات الجانب الإريتري أضافت معاناة إضافية، حيث وصل عدد قوارب الصيد المحجوزة في إريتريا من 2018 إلى 2021، أكثر من 165 قاربا صادرتها البحري الإريترية ما أدى إلى تضرر 570 صياداً كانوا يعملون عليها وتحولوا إلى فقراء.
وكشف عن مقتل 64 صياداً خلال ذات الفترة، يعولون أسراً فقدت مصادر دخلها، إضافة إلى ضحايا ألغام الحرب البحرية والبرية.
وزاد: "غياب القوات المشتركة البحرية والتي كانت تحمي الصيادين من أية اعتداءات للحوثيين، وابتعادهم لنحو 100 كلم في عمق البحر أفقد الصيادين الأمان، وجعلهم عرضة لهجمات من الحوثيين".
وضع كارثي
يقول محمد خادم فرج الناشط الاجتماعي في محافظة الحديدة، إن الصيادين في البحر الأحمر عانوا كثيرا من الحرب، فقد تعرضت قوارب بعضهم لقصف بوارج وطيران، إضافة إلى مخاطر ألغام الحوثيين البحرية".
ويؤكد فرج أن الحوثيين ضيقوا الخناق على الصيادين في مناطق سيطرتهم، ويتسببون باختفاء الوقود ما دفع أغلب الصيادين للانتقال إلى مناطق سيطرة الشرعية، التي لا تختلف كثيراً في المعاناة.
انعكاسات اقتصادية
يوضح الخبير الاقتصادي اليمني فارس النجار، أن قطاع الأسماك في اليمن يساهم حاليا في الدخل القومي للبلاد بـ 1.7 بالمئة، ويعتبر ذلك مساهمة ضئيلة مقارنة مع امتلاك اليمن لشريط ساحلي كبير.
ويرجع النجار الذي كان يتحدث للأناضول، ذلك، لعدم استخدام الوسائل الحديثة في الاصطياد والتخزين والتعليب.
وقال: "الحرب فاقمت المشكلة، خاصة في السواحل الغربية لليمن، وتأثير الألغام البحرية، وجعل بعض المناطق الساحلية نقاط حرب ما رفع حدة الأخطار".
ويشير إلى أن انعدام أو ارتفاع أسعار الوقود في مناطق سيطرة الحوثيين، شكل معضلة أخرى للصيادين، علاوة على غياب الدعم الموجه للقطاع، إلا ما حصل مؤخراً من قبل برامج من السعودية والكويت، بالمساعدة على تقديم المدخلات المساعدة على الصيد.
مهددات حقيقية
ويلفت النجار إلى نحو مليوني يمني يعيلهم العاملون في هذا القطاع، الذي يمثل وسيلة هامة للغذاء، كما أن خزان صافر أصبح تهديداً ماثلاً، في حال عدم إيجاد حلول لهذا التهديد.
ويمثل الخزان، الذي يحوي 150 ألف طن من النفط، كارثة إنسانية وبيئية على البحر الأحمر، حال حدوث أي تسرب منه، وهو ما جعل جهات دولية فاعلة تطالب بشكل متكرر بضرورة حل أزمة الخزان.
وتقول الحكومة اليمنية، إن جماعة "الحوثي" ترفض منذ 5 سنوات السماح لفريق أممي بصيانة الخزان، وهو ما تنفيه الجماعة.
ويبلغ وزن ناقلة خزان "صافر" 4 آلاف و9 أطنان/متر، وسميت بذلك نسبة إلى الموقع الذي تم اكتشاف النفط فيه أول مرة باليمن.
ويلفت الخبير إلى الانعكاسات الكارثية لتدهور القطاع السمكي على الاقتصاد اليمني، وفي مقدمتها تهديد الأمن الغذائي، لا سيما على العاملين في القطاع، الذي لا يستطيع كثير منهم الحصول على قوتهم اليومي.
التعليقات