أدت الأزمة الإنسانية وفقدان كثير من اليمنيين مصادر دخلهم إلى انتشار المشاريع والأنشطة التجارية الصغيرة في مختلف المدن اليمنية، تتصدرها محال بيع الفلافل التي تحظى برواج كبير لدى المستهلكين.
ويتحدث توفيق الذبحاني مالك محال لقلي وبيع الفلافل والشبس لـ"العربي الجديد"، أن العمل في هذا المجال أنقذه من براثن الفقر والجوع، بعد أن فقد راتبه نهاية العام 2016 ووجد نفسه كموظف مدني في إحدى الدوائر الحكومية بلا دخل وبلا عمل.
كذا، شكل العمل في بيع الفلافل ملاذاً للشاب مطيع قايد، الذي تقطعت به السبل مطلع العام 2015 وسط عدم قدرته على استكمال دراسته الجامعية لعدم استطاعة أسرته الإنفاق عليه وإعانته في توفير مصروفاته وتكاليف تعليمه.
لذا، لجأ للاقتراض وفتح محل لبيع الفلافل والشبس، استطاع من خلال إيراداته استكمال تعليمه وتوفير دخل مناسب لأسرته. وعلى الرغم من أهمية توسع حجم المشاريع الصغيرة في الظروف الراهنة التي يعيشها اليمن وتردي وضع اليمنيين وبحثهم المستمر عن مصادر دخل في هذه الأوضاع الصعبة، إلا أن تكاليف صناعة الفلافل آخذة في الارتفاع، ما يضيّق الفرص أمام المواطنين.
إذ يشكو قايد في حديثه مع "العربي الجديد"، من ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل كبير من شهر إلى آخر، خصوصاً في أسعار الزيوت والتي يعتمد عليها بدرجة رئيسية ويستهلك في حدود عبوة كبيرة الحجم كل نحو 15 يوماً.
وتقدر بيانات مسح ميزانية الأسرة صادرة قبل الحرب عن جهاز الإحصاء حجم إنفاق نحو مليوني أسرة على زيوت الطعام بنحو 39 مليار ريال، بينما تقدر البيانات حجم الإنفاق على السمن البلدي بنحو 300 مليون ريال.
ويستورد اليمن وفق آخر بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، زيوت الذرة، إضافة إلى زيوت ودهون نباتية أخرى وجزئياتها للصناعة وزيوت وشحوم نباتية أخرى وحيوانية مهدرجة أو مقساة أو مجمدة.
وتفضل نسبة من المستهلكين اليمنيين استخدام زيت النخيل، نظراً لوجود فارق طفيف في أسعاره مقارنة بالأصناف الأخرى وبقائه لفترة طويلة صالحا للاستخدام. وارتفعت واردات اليمن من الزيوت النباتية والحيوانية والدهون خلال السنوات الثلاث الماضية بعد أعوام شهدت فيه تراجعاً تدريجياً سنوياً خلال الفترة من 2010 إلى 2014، وذلك من 52 مليار ريال إلى 40 مليار ريال.
وتقدر بيانات تجارية حديثة ارتفاع واردات اليمن من الزيوت خلال العامين الماضيين إلى ما يقارب 280 مليار ريال، مع تضخم حجم السوق الاستهلاكية نتيجة لتوسع أنشطة الأعمال مثل محال بيع الفلافل بدرجة أساسية و"الخمير"، وهو نوع من الخبز الذي تعتمد عملية إنتاجه على الزيوت.
في السياق، يرجع فضل ياسين وهو تاجر مستورد للزيوت لـ"العربي الجديد"، أسباب ارتفاع تكاليف واردات الزيوت، إلى انخفاض العملة اليمنية مقابل الدولار، والذي يعتبره سبباً رئيساً في هذه القفزة الكبيرة في كلفة الواردات، إلى جانب توسع حجم السوق الاستهلاكية عما كانت عليه قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ ست سنوات.
وتعد ماليزيا الدولة الأولى في تصدير الزيوت إلى اليمن، في حين زادت الواردات من سلطنة عمان بصورة ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى دول أخرى مثل تركيا وإندونيسيا وسنغافورة، فيما يأتي زيت النخيل في صدارة الواردات بنحو 78 ألف طن من 60 ألف طن قبل الحرب.
وقفزت أسعار الزيوت بنسبة قياسية تشمل معظم أصنافها وأحجامها سواء المستوردة أو المنتجة محلياً، إذ زاد سعر العبوات من الزيوت متوسطة الحجم من 1200 ريال مطلع العام 2015، إلى 2200 ريال، بينما تركز الارتفاع القياسي في العبوات الكبيرة التي قفزت إلى 7 آلاف ريال و9 آلاف ريال لبعض الأصناف من 3500 ريال.
التعليقات